Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/03/2008 G Issue 12955
الثلاثاء 10 ربيع الأول 1429   العدد  12955
أضواء
خمس سنوات من الاحتلال (1)
جاسر عبدالعزيز الجاسر

عراق.... يا عراق متى اللقاء..؟!!

هكذا كان بدر شاكر السياب ينادي من منفاه الاختياري، من بيروت تارة ومن الكويت. وهكذا كان حال عبدالوهاب البياتي، وكذا شاعر العروبة محمد مهدي الجواهري، وغيرهم من الأدباء والشعراء والسياسيين العراقيين الذين غادروا العراق هرباً من الظلم والقهر.... والعوز. لأن الأنظمة التي كانت تحكمه وقت هجرة هؤلاء المبدعين كانت تحارب مبدعي العراق ما لم يسبحوا بحمد الحكام وذلك بالتضييق عليهم وقطع الأرزاق عنهم، ففضلوا الهجرة والتغرب والشوق من بعيد لبلادهم.

والآن، وبعد خمس سنوات من (التحرير) الذي يتبجح به عملاء الاحتلال، إذ يصفون الغزو والاحتلال ب(التحرير).

بعد خمس سنوات، كم عراقي مازال خارج بلاده يردد قول بدر شاكر السياب...؟!!

من أستراليا ينوح شاعر العراق الفذ يحيى السماوي... من آخر الدنيا وبالقرب من سقف الأرض الشمالي في السويد وفي مقاهي كوبنهاجن تسمع اللهجة العراقية المحببة وقد غلفها الحزن... عراقيون مشردون يقضون أوقاتهم تسليهم أدخنة السجائر، في كل بلد أوروبي تنمو الجاليات العراقية، وفي الدول العربية تفوقوا على الجاليات التي سبقتهم، في الأردن اقترب العدد من المليون لاجئ... وفي سوريا العدد يفوق المليون وبضع مئات من الآلاف، وفي مصر يقترب رويداً رويداً من المليون... وفي دول الخليج تجاوزوا نصف المليون.

العراق ثاني أكبر دولة منتجة للنفط.

العراق صاحب أكبر شبكة من الأنهار، فبالإضافة إلى النهرين الخالدين الفرات ودجلة، هناك أبوهما شط العرب، وأبناؤهما الزاب الأكبر والزاب الأصغر وعشرات الروافد الصغيرة والبحيرات.

العراق الذي كان أكثر من ثلاثة أرباعه أرضاً خضراء مزروعة يصدر من أرضه القمح والأرز والتمر والشعير، والفواكه الموسمية، كالبطيخ الأحمر والأصفر.

العراق الذي كان يفاخر مما حوله من دول عربية وغير عربية بأن الذي من يعيش على أرضه لا يجوع أبداً...!!!

ذلك كان العراق... أرض النخيل والخضرة الدائمة والمياه المتدفقة... أرض الرجال... ماذا بقي من ذاك العراق بعد خمس سنوات من الاحتلال...؟!!

الإجابة تضمنها تقرير لمنظمة العفو الدولية، ونشر أمس الاثنين، وهو لا يختلف عن الواقع في العراق اليوم، وعما تذكره تقارير الوكالات الدولية والإقليمية وأهل العراق.

والتقرير يؤكد أن العراق اليوم أصبح أكثر خطراً في العالم بعد خمس سنوات من الغزو الأمريكي والبريطاني واحتلاله... وأن مئات الأشخاص يقتلون كل شهر.... والعراقيون مهددون ليس فقط بالقتل نتيجة العنف السياسي الطائفي، بل مهددون بالموت نتيجة الفقر وانقطاع الكهرباء والماء ونقص الغذاء وانعدام الخدمات الطبية، والاعتقالات العشوائية وترك المعتقلين الذين لا يقل عددهم عن مئة ألف دون محاكمات... وإن جرت فإن أحكاماً بالإعدام تصدر بالعشرات. كل يوم ينزح من المدن العراقية أكثر من أربعة آلاف مواطن ومثلهم يهاجرون إلى خارجه فلم يعد أحد يطيق أن يبقى في سجن كبير... جائع... مهدد بالموت.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد