Al Jazirah NewsPaper Friday  21/03/2008 G Issue 12958
الجمعة 13 ربيع الأول 1429   العدد  12958
الإرهاب مشكلة فكرية
د. سعد بن عبد القادر القويعي

ليس غريبا أن يشدد سمو الأمير نايف - إبان رعايته فعاليات الحفل الختامي لمسابقة سموه العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة - على حرص المملكة واهتمامها بكتاب الله وسنة نبيه- صلى الله عليه وسلم- باعتبارهما مصدر التشريع الإسلامي، مبينا أن هذا ديدن بلاده وسيرا على نهج المؤسس الملك عبد العزيز- رحمه الله- الذي أرسى دعائم الحكم على أسس من مصدري التشريع وهما: القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وتكتسب المسابقة أهميتها باعتزازنا الكامل بسنة نبينا- صلى الله عليه وسلم- والعمل بها والتحكم إليها وربط الناس بها والدعوة إليها، ولاسيما في هذا الوقت وما يتعرض له صفوة الخلق من إساءات وحملات ظالمة تستهدف شخصه ورسالته وأتباعه.

إن قيمة هذه المسابقة تمثل نقلة نوعية ولا شك في تقديم الجهد الفكري في معركتنا ضد الإرهاب في زمن بات التحذير من فكر الإرهاب واجبا عينيا على أهل العلم كافة يأثم من يتخلف عنه مع قدرته على البيان، فهو مشروع خير يسهم في معالجة الغلو ونبذ التطرف والإرهاب الذي أصبحت له جهات ودول ترعاه وتدعمه ماديا ومعنويا، وتوثق صلة الشباب والناشئة بأصول التشريع الإسلامي، فكل دعوة لا تلتزم بتلك المنابع الأصيلة الصافية، وتتحرك وفق أوامرها ومقتضياتها فإن مصيرها إلى الفشل.

لقد قيل مرارا: إن الإرهاب فكر، والفكر لا يعالج إلا بالفكر، فالإرهاب قبل أن يكون مشكلة أمنية هو مشكلة ثقافية بالأساس، أما العنف فإنما هو ترجمة لهذه الثقافة.

إن الاعتراف بوجود الإرهاب كظاهرة ومعرفة حجمها وآثارها هي أولى خطوات العلاج حتى لا تواجه تلك الظاهرة بمنهج ردود الأفعال وهو مطلب مهم، ثم إن المناداة بفتح الحوار وفق منهج من العدل والصدق وإتاحة المناقشة في الشبهات للرد عليها، وإجراء المراجعات والتركيز في فقه النوازل وضعف الأمة، وعدم تسفيه أصحاب الفكر التكفيري مهما بدت شاذة وغريبة ووصفهم بالخواء الفكري لأن المطلوب هو حلحلة تلك القناعات وتعريتها وتفكيك الظاهرة الإرهابية.

إن تحصين الشباب بحفظ السنة والعمل بها تولد لدى الناشئة ثروة علمية وملكة فقهية تحملهم على الاقتداء برسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأقواله وأفعاله، كما أنها توثق الصلة بمصدري التشريع الإسلامي وإشاعة الرحمة والوئام والمحبة والسلام، وبالتالي سيسهم بلا شك في تكوين جيل قادر على صناعة الحياة بدلا من صناعة الموت.

بقي أن أقول: إن الإرهاب ليس له هوية، وما يحصل من أعمال إرهابية هنا، وهناك قد يوسم بالإسلام فالإسلام منه براء، وأقل ما يمكن فعله هو إدانة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله ومواجهته بنشر العلم وترسيخ قيم ديننا من وسطيته وسماحته ونشر ثقافة التسامح ونبذ ثقافة التكفير والعنف والغلو.

تحية لسمو الأمير نايف على هذا الإنجاز العلمي الحضاري، وإننا نبتهل إلى الله أن يديم حال الأمن والأمان في بلادنا، وأن يحفظ ولاة أمرنا وعلماءنا وشعبنا.



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد