Al Jazirah NewsPaper Friday  28/03/2008 G Issue 12965
الجمعة 20 ربيع الأول 1429   العدد  12965

مدرسة الشيخ العسكري
محمد بن عبدالله الدوسري

 

قليل هم الرجال الذين تتذكرهم الأمة ويكتب عنهم التاريخ وتبقى ذكراهم على الألسنة وتكون شخصيتهم محل تقدير واعتبار: وحسبي أن فضيلة الوالد الشيخ محمد بن أحمد العسكري رئيس محاكم منطقة نجران وقاضي التمييز في مكة المكرمة سابقاً ممن أعلى الله مقامه ورفع ذكره أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً كيف لا؟ وقد كان له في كل ميدان من ميادين العمل الصالح يد تذكر فتشكر وله من كل موطنٍ قدم قدم بذلٍ وعطاءٍ وإسهام. عرفت فضيلة الوالد حينما عملت تحت إدارته وشرفت بالعمل معه في رئاسة محاكم منطقة نجران عشر سنوات قضيتها بجانبه كانت من أسعد الأيام وأمتع الأوقات وأجمل الساعات، غمرني فيها بفضله وشملني حبه ونالني عطفه ووسعني جوده فغرس حبه في قلبي وجرت مودته بدمي.فنلت خلالها وسام تقديره ومحبته وحسن دعائه وثنائه فاستفدت من نصحه وتوجيهه واستنارت نفسي بعلمه الغزير وعقله الراجح وأدبه الجم. عشر سنواتٍ قضيتها مع فضيلة الوالد مضت كطيف خيالٍ أو برقٍ خاطف لكن أثرها الطيب وبركتها المتدفقة عاشت في وجداني وسكنت في روحي.

مرت سنون بالوصال وبالهنا

فكأنها من قصرها أيام

ثم انثنت أيام هجر بعدها

فكأنها من طولها أعوام

ومهما حاولت التعبير فلن أصل إلى إظهار مكنون القلب ومستورد الفؤاد؛ لقد كان فضيلة الوالد مدرسة بأخلاقه مدرسة بحماسه للدعوة إلى دين الله مدرسة بحب الخير والمساعدة للقاصي والداني مدرسة في التواضع النادر مثله في هذا الزمان، مدرسة في الكرم والسخاء مدرسة في الشفاعة والعطف على اليتامى والمساكين ومن لا تصل كلمتهم إلى المسؤولين فيوصلها بشفاعة ودعوات للمشفوع، لقد استفدت منه الكثير تطبعاً وحسن توجيه عشر سنواتٍ مضت عرفت فيها فضيلة الوالد محباً للدعاة حافظاً لحق الولاة مقرباً للعلماء معصياً للسفهاء من رآه صالحا ولاّه ومن رأى غير ذلك نصحه وهداه، مجانبه الكبر له شعار والتواضع له دثار عرفته حسن الاستقبال طيب الفعال جميل الخصال.

تراه إذا ما جئته متهللاً

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

لا عيب فيه سوى حلاوة أخلاقه ومرارة فراقه.

لا عيب فيه غير أني لقيته

فأنستني الأيام أهلاً وموطناً

فهذه همسات قلبي وخطرات نفسي وخلجات فؤادي ممزوجة بعبارات الشكر والاعتراف لمن أحسن إليّ فشكراً لك يا فضيلة الوالد وجزاك الله عني خيراً فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) وأسأل الله أن يجعلك خيراً مما أظن وفوق ما أظن وأكثر مما أظن والحمد لله رب العالمين.

القاضي بالمحكمة العامة بالرياض


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد