Al Jazirah NewsPaper Friday  28/03/2008 G Issue 12965
الجمعة 20 ربيع الأول 1429   العدد  12965
(عثمان الصالح حياً وميتاً)
عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد

شيخنا الجليل، والمربي الفاضل المرحوم عثمان بن ناصر الصالح، من الروّاد والقلائل الذين بقي ذكرهم حاضراً وعاطراً بعد وفاته - رحمه الله -. لقد كان كبيراً في سلوكه وتعامله مع كافة من يلتقيهم، وينزل كل امرئ منزلته، ومنازل الجميع في قلبه وبين عيونه. يقدِّر الكبير، ويحترم الوجيه، ويحنو ويعطف ويتلطّف مع الصغير، لقد كان حاضراً في كثير من المناسبات لكي يهدي نظراته وعباراته الحميمة إلى الحاضرين .. كان يعمد إلى تشجيع المبتدئين والتركيز على ما يراه إبداعاً أو حتى بداية لإبداع. وتلك وأيم الله أسلوب المربين الكبار، والأساتذة الأجلاء. حضر مرة حفلاً للحرس الوطني وكنت ممن ألقى في ذلك الحفل كلمة ترحيبية عادية، ومع ذلك انطلق منها - رحمه الله - لكي يشجعني ويقودني بكلماته الصادقة ونظراته الأبوية إلى الجد في العمل والإبداع فيه، كان يذكر تلك الخطبة، والأسرة التي أنتمي إليها، والقرية التي وُلدت بها، لمن كان يشاركنا المجلس. ويفعل مثل ذلك مع كثير من الناس. كانت اثنينيته - رحمه الله - ملتقى فكرياً وثقافياً مميزاً، كان ملتقى يلتقي فيه الأحباب، وتناقش فيه الأفكار، وينهل من معينه الحاضرون. لقد استفاد الكثيرون من هذا الملتقى وأنا واحد منهم. وحتى وهو على فراش المرض كان يحرص على الحديث عمن يحضر بلغة أبوية حانية صادقة مخلصة ودودة. لقد كرّم الكثيرين في حياته باستقبالهم لهم في الاثنينية، وفي منزله العامر وفي أماكن أخرى. كرّمهم بلطفه وتوجيهاته وحسن تعامله وكرمه وضيافته. ويصر - رحمه الله - إلاّ أن يبقى شامخاً بعد وفاته، فيرسل إليّ وإلى عدد ممن خصّهم بالتكريم بعد وفاته، درعاً تذكارياً يحمل العبارة التالية: (الأمة في مجموعها مهما كان عددها ضخماً ومهما كانت ثروتها المادية متوافرة، فإنّها لا تعد كائناً حياً، وأمة راقية إلاّ إذا دبّ فيها الوعي، وانتشرت بين أفرادها الثقافة، وأضاء في أغوارها نور العلم والعرفان - عثمان الصالح) .. هذه العبارة تستحق أن تُكتب بمداد الذهب النفيس، بل وأن تكون في لوحات كبيرة على أبواب المدارس والمعاهد والجامعات .. وأهم من هذا كله أن يفهمها كل فرد حق الفهم والمعرفة.

رحم الله شيخنا الجليل، ومربّينا الكبير الذي أبى إلاّ أن يكون متربّعاً على كرسي التكريم حياً وميتاً، وغفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين.

* وكيل الحرس الوطني وعضو مجلس الشورى سابقاً



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد