Al Jazirah NewsPaper Friday  28/03/2008 G Issue 12965
الجمعة 20 ربيع الأول 1429   العدد  12965
جامعة الملك سعود تنطلق نحو العالمية:
برنامج مراكز التميز البحثي.. دفعة لإبراز القوة العلمية والبحثية في خدمة المجتمع

لقاء - سلطان المواش

يعد برنامج مراكز التميز البحثي.. أحد البرامج العلمية والبحثية المتميزة التي أقرتها وزارة التعليم العالي، وتتبناها جامعة الملك سعود، في إطار توجهها الطموح لارتياد مرحلة جديدة وقفزة نحو العالمية في مجالات الاهتمام بالبحوث والدراسات العلمية التي تضعها في مكانة عالمية متميزة لتكون قادرة على خدمة الوطن وبرامجه التنموية والحضارية، واللحاق بركب التطور العلمي واختزال الهوة البحثية والعلمية مع الدول المتقدمة، والإسهام الفاعل في خدمة الوطن في ظل القفزات العلمية الهائلة التي تخطت كل الحدود واستجابة للاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله- لقطاع التعليم والبحث العلمي، وضرورة العمل على ردم الهوة العلمية مع العالم المتقدم، واعتماد اقتصاد المعرفة.

وفي هذا الحوار مع الدكتور فهد بن ناصر المجحدي المشرف على لجنة المتابعة لمراكز التميز البحثي بالجامعة نحاول التعرف عن كثب على طبيعة برنامج مراكز التميز البحثي، وكيف اتجهت جامعة الملك سعود نحو التركيز على الجوانب البحثية والعلمية، والتي تدخل مراكز التميز فيها ضمن مجموعة كبيرة وطموحة للتطوير العلمي:

* بداية،تحدث د. فهد المجحدي عن الأهداف التي دفعت وزارة التعليم العالي, ومن ثم جامعة الملك سعود إلى تبني واعتماد مشروع برنامج مراكز التميز البحثي؟

فقال: هو بادرة أطلقتها وزارة التعليم العالي, انطلاقاً من استشعارها لأهمية دور البحث العلمي وتشجيعه في الجامعات السعودية, في ظل التطور البحثي الهائل الذي يشهده العالم المتقدم من حولنا والذي يشكل أهم ظواهر التمايز التي تفصل بين المجتمعات المتقدمة وشعوب الدول النامية, واستجابة للاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- لقطاع البحث العلمي وإيمانه -أيده الله- بأهمية الدور الذي يلعبه في الحياة المعاصرة في ظل القفزات الهائلة والتحولات الفائقة التي طبعت العصر الذي نعيشه ببصمتها, وحتى لا تتخلف المملكة عن الركب العلمي والحضاري، خصوصا وأن الهوة باتت شاسعة بين عالمين,عالم قطع مراحل مذهلة في التطور العلمي والتقني, وأصبح بفضلها يمتلك مفاتيح القوة في عالم اليوم, وعالم ما زال يحبو على طريق امتلاك المعرفة, وسجله في مجال البحث العلمي ما يزال أيضا متواضعا وينقصه الكثير.

ولعلي أشير في عجالة إلى مظاهر اهتمام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- بقطاع التعليم العالي وما يرتبط به من مجالات البحث العلمي بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن ويساهم في نقل المملكة إلى عصر العلم ومواكبته والتفاعل الإيجابي معه, فأقول إن ميزانية التعليم العالي ارتفعت من 16 مليار ريال قبل نحو عشر سنوات إلى نحو 64 ملياراً هذا العام, كما ارتفع عدد الجامعات بالمملكة من ثماني جامعات إلى أكثر من عشرين جامعة.

كما أطلق خادم الحرمين الشريفين برنامج الملك عبدالله للابتعاث, حيث يوجد حاليا نحو 25 ألف طالب سعودي مبتعثين للدراسة في العديد من الجامعات العالمية العريقة في أرقى دول العالم, بهدف تزويد الوطن وخصوصا الجامعات باحتياجاته من الخبرات العلمية الوطنية المتمكنة والمؤهلة لمواصلة تطور التعليم الجامعي وزيادة تقدمه ووهجه.

وفي إطار توجهاته الكريمة الرامية إلى إحداث طفرة كبيرة في عالم البحث العلمي قدم خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- تبرعاً كريماً من حسابه الشخصي بلغ 36 مليون ريال لصالح دعم وتطوير الأبحاث التطبيقية في تقنية (النانو) في ثلاث جامعات سعودية, كما أمر بتأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على البحر الأحمر بتكلفة إنشاء ووقف تزيد عن 25 مليار ريال حيث ستكون جامعة سعودية بمقاييس عالمية, إضافة إلى قيامه -أيده الله- بمبادرة كريمة تمثلت في تقليد 25 من أعضاء هيئة التدريس الحاصلين على براءة اختراع مسجلة عالميا أوسمة الملك عبدالعزيز من الدرجتين الممتازة والأولى تكريماً لهم وتقديراً لجهودهم وكفاءتهم العلمية.

هذا كله كان حافزاً لوزارة التعليم العالي لإطلاق برنامج مراكز التميز البحثي بالجامعات السعودية, ويسعى البرنامج إلى دعم مراكز تميز بحثي قائمة بالفعل أو إنشائها في الجامعات في تخصصات ومجالات متعددة من أجل إبراز جوانب القوة ومجالات التميز فيها ورعايتها وبلورتها في مراكز أكاديمية بحثية قادرة على تولي مركز الصدارة على المستوى الوطني والإقليمي.

* ما هي أهداف مراكز التميز البحثي؟

- في الحقيقة تتلخص أهداف مراكز التميز البحثي فيما يلي:

الريادة والقيادة في خدمة التخصص في المجتمع المحلي والإقليمي، المساهمة في دعم وتطوير الإمكانيات البحثية والأنشطة المهنية في التخصص، المبادرة بالأنشطة والمشاريع البحثية اللازمة التي تعزز من دور المركز وتبقيه في مكان الصدارة، تقديم المساعدات الممكنة للجهات والمؤسسات التي تحتاج لخبرة وإمكانات المركز البحثية والعلمية، تشجيع العديد من التخصصات وربطها فيما بينها وذلك من أجل تطوير طرق جديدة للتقنيات المختلفة، دعم الشراكة بين الباحثين والعلماء والجهات الحكومية والخاصة لابتكار تقنيات متطورة، خلق بيئة مناسبة لمساعدة الباحثين من أجل التوصل لحلول ابتكارية لمشاريع معينة.

* ولكن, ما هي الآلية التي يتم من خلالها إنشاء مركز التميز البحثي في جامعة ما, وما هي أهم متطلباتها؟ *مركز التميز البحثي, هي صفة تمنح لوحدة جامعية تتسم بإنجازات بحثية نوعية ملموسة تحقق للجامعة مكانة رفيعة مقارنة بمثيلاتها, وتنشئ مراكز التميز البحثي نواة تبدأ بتخصص أو مجال علمي تتميز به الجامعة من خلال عدد من أعضاء هيئة التدريس فيها المتخصصين والناشطين بحثيا وعلميا في ذلك المجال, وغالباً ما يجمع المركز أكثر من تخصص, أي يعتمد على ما يسمى (التخصصات البينية Interdisciplinary) وله علاقات وتواصل مع أقسام وجهات متشابهة داخل وخارج الجامعة, وكل مركز يبرز في مجال معين وتكون لديه تطبيقات سواء في الصناعة أو التجارة والحياة العلمية عموماً.

وعادة ما يبدأ إنشاء مراكز التميز في الجامعة بإنشاء ما يسمى بمراكز التعاون البحثي (Callobrative Research Centers) وينطلق من مبادرة يقوم بها عدد من أعضاء هيئة التدريس والباحثين في الجامعة على أمل أن تتحول إلى مركز تميز فيما بعد في حالة استيفاء شروطه ومتطلباته, من أهمها أن يكون لدى المركز, برامج بحثية بيئية, قائمة جيدة من إنتاج البحث العلمي, وعلاقات بحثية مع مراكز بحثية أخرى, أو باحثين متميزين. وتتلقى معظم مراكز التميز دعما من مصادر خارج المؤسسة الحاضنة, مثل الشركات الكبرى أو المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية بدعم وتطوير البحوث أو الأقسام العلمية, وعلى كل حال فهذه المراكز تتبع الجامعة التي تضمها رغم أنها مدعومة كليا أو جزئيا بالقطاع العام أو القطاع الخاص أو كليهما.

مواصفات وسمات مراكز التميز

* هل يمكن أن تحدثونا عن المواصفات والسمات التي يتعين على مراكز التميز أن تتحلى بها وبما يمكنها من النجاح في أداء مهامها ورسالتها البحثية؟

- تتضح مواصفات مركز التميز من أمثلة المراكز القائمة حول العالم, والتي تختلف حسب مجال التميز في طبيعة عمل المركز, وبمجرد صياغة رسالة المراكز يلزم وضع الغايات والاستراتيجيات لضمان نجاح رسالته وحسن أدائه لدوره, وعادة ما يتم تحديد نوعين من الأهداف قصيرة المدى وبعيدة المدى, مع ضرورة أن تتلاءم الغايات والأهداف مع رسالة المركز ويجب التعبير عنها بجلاء وإخطار المعنيين من باحثين ومسؤولين بها.

أما عن سمات المركز فتتمثل في تركيز منسوبيه من أعضاء هيئة التدريس والباحثين على إجراء البحوث المتخصصة في مجال التميز الخاص بالمركز, مع الحاجة إلى لفت اهتمام الناشرين المعتبرين لنتائج البحوث التي يجريها المركز من خلال نشرها في الدوريات العالمية المرموقة في مجال تخصص المركز, وينبغي تشكيل شبكة للتواصل مع الآخرين والشراكة مع المراكز المماثلة في طبيعته ورسالته وأنشطته البحثية, وأيضا العمل على دعم برامج تعليمية قوية في مجالات تخصص المركز خاصة في مرحلة الدراسات العليا.

أهم عوامل ضمان النجاح

* في تقديركم ما هي العوامل التي تضمن نجاح مراكز التميز, وماذا عن أهم المسؤوليات والوظائف التي تؤديها؟

- تتمثل أهم عوامل نجاح مراكز التميز في ضرورة توافر موارد مالية وكفاءات بشرية على درجة عالية من القدرة والتأهيل وتوفر الإدارة الحكيمة والواعية للمركز, فضلا عن توفر مجموعة متميزة من الباحثين القادرين على العطاء البحثي النوعي.

كما يجب التأكد من فعالية الإجراءات ووضوح المسؤولية عن طريق تكوين لجنة إدارية صغيرة من الجامعة مؤلفة من أعضاء من مجموعة من العلماء وأعضاء هيئة التدريس.

* نود أن نطمئن إلى وجود قواعد تنظيمية واضحة تنظم عمل مراكز التميز البحثي وتضمن سير عملها بصورة منتظمة تكفل الأداء الناجح للمركز وتمكنه من تنفيذ رسالته البحثية, فهلا حدثتمونا عن هذه القواعد؟

- هذا تساؤل مهم, والحقيقة أن هناك قواعد منظمة لمراكز التميز تحدد آليات عمل المراكز, بما يضمن نجاحه في أداء مهامه ورسالته العلمية والبحثية, فالقواعد تحدد أهداف المركز في القيام بأنشطة بحثية وعلمية نوعية ومركز في مجالات محددة ذات أهمية وطنية وبعد استراتيجي. كما يهدف المركز إلى تهيئة البيئة البحثية والعلمية الملائمة, من أجل تمكين الباحثين وطلاب الدراسات العليا من إجراء البحوث المبتكرة, وتطوير تقنيات متقدمة لتتبوأ المملكة مركزاً قيادياً في المجالات التي تعني بها هذه المراكز, وتحقيق التكامل والترابط بين الباحثين والخبراء في الجامعات وفي الصناعة, وتعزيز التعاون في مجال البحوث النوعية بين الجامعات السعودية والجامعات والمراكز البحثية العالمية المتميزة ذات العلاقة.

وتلزم هذه القواعد الجامعة بالقيام خلال الأشهر الثلاثة التالية لتوقيع العقد بتقديم خطة استراتيجية للمركز تخص الأعوام اللاحقة للسنة الأولى لتمويل المركز, وخطة تشغيلية تخص العام الأول, وذلك حسب المدة الزمنية المتفق عليها في العقد, ويراعى في هاتين الخطتين الأهداف المعتمدة, والمطلوب تحقيقها من المركز.

وبشأن إدارة المركز تنص القواعد على أن يتولى الإدارة أحد أعضاء هيئة التدريس أو الباحثين المتخصصين في مجال عمل المركز لا تقل رتبته العلمية عن أستاذ مشارك ومن ذوي الخبرة والكفاءة الإدارية, ويكون متفرغاً لإدارة المركز فنياً وإدارياً ومالياً, ويكون مسؤولاً أمام مجلس الإدارة والجامعة ووزارة التعليم العالي عن المركز, ويعين مدير المركز بقرار من مدير الجامعة لمدة سنتين قابلة للتجديد وتحدد صلاحيات ومسؤوليات ومهام مدير المركز ضمن قرار التعيين.

ويساعد مدير المركز عضو هيئة تدريس أو أكثر من المتخصصين في أحد مجالات المركز, وينوب أحدهما عن مدير المركز في حالة غيابه, أو عدم مقدرته على إدارة المركز، ويعين نائب مدير بقرار من مدير الجامعة لمدة سنتين قابلة للتجديد.

ويتم تكوين مجلس إدارة للمجلس يختص بإدارة كل ما يتعلق بشؤون المركز وبما لا يتعارض مع الأنظمة المعمول بها ومع هذه القواعد, وله في سبيل ذلك إقرار السياسات والخطط الإستراتيجية (التشغيلية وغيرها) الكفيلة بتحقيق أهداف المركز, إقرار القواعد الداخلية للمركز, وتشكيل الهيئة الاستشارية للمركز واعتماد أعضائها, وتشكيل اللجنة التنفيذية وتحديد صلاحياتها وآليات عملها, واقتراح اتفاقيات التعاون العلمي والبحثي مع الهيئات العلمية والبحثية في داخل المملكة وخارجها, واقتراح إقامة ورش العمل والمؤتمرات وغيرها من الفعاليات ذات العلاقة بنشاط المركز, وقبول الأعضاء الداعمين والأعضاء العلميين من القطاع الخاص والأفراد ووضع الضوابط المتعلقة بهذه العضوية, وكذلك التوصية بقبول الهبات والتبرعات بما يتفق مع الأنظمة المعمول بها بالمملكة.

ويتم تشكيل هيئة استشارية للمركز من خمسة أعضاء على الأقل ولمدة سنتين قابلة للتجديد, على أن يكون ثلثا أعضاء هذه الهيئة من خارج الجامعة, اثنان منهم على الأقل من الخبراء المعروفين بتميزهم في مجال التخصص على الصعيد العالمي, إضافة إلى مدير المركز.

وتكون وزارة التعليم العالي لجنة متابعة وتقويم لأداء المركز من جانبها, وتختص هذه اللجنة بوضع المعايير المتعلقة بأداء مراكز التميز البحثي, والتأكد من أن هذه المراكز تحقق الأهداف المرسومة لها, ومساعدة المركز على تنفيذ خطط العمل المعتمدة, ومتابعة أداء المركز, ومدى تحقيقه للأهداف الرئيسية, والخطط الاستراتيجية للوزارة في مجال البحث العلمي.

كما تتولى اللجنة متابعة مدى التزام المركز بالخطط الواردة في مقترح الجامعة لتمويل المركز, ومتابعة مدى تكامل أعمال مراكز التميز البحثي مع الجامعة والجهات ذات العلاقة, ومتابعة الآليات المتعلقة بمراحل أداء المركز وتقويمها, والتحقق من مدى انسجام رسالة المركز مع المراكز الأخرى تحقيقا للأهداف الوطنية والاستراتيجية وتلافيا للتكرار والازدواجية.

ويحق لوزارة التعليم العالي فرض غرامة مالية نتيجة تأخر أو تباطؤ الجامعة في تنفيذ التزاماتها, على أن لا تتجاوز هذه الغرامة العشرة في المائة من مجموع الميزانية المعتمدة للمركز, وذلك ما لم يكن هذا التأخير ناتجا عن عذر مقبول, أو عن قوة قاهرة, أو إخلال من الوزارة بالتزاماتها المنصوص عليها في عقد التمويل البحثي.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد