شريفة الشملان
قالت صاحبتي: (اكتبي شيئاً حالماً، شيء يجمل هذا الواقع).
بحثت في داخلي ورحت أقلب، ظهرت لي فتاة صغيرة تسير بتنورة وردية قصيرة لما فوق الركبة، وبلوزة بيضاء تهفهف مع الريح، تابعتها والقمر يحيطها بضياء جميل يعكس ظلها القافز هنا وهناك، وذيل حصان شعرها يهتز بسعادة غامرة، رأيتها تدخل البحر، بعد أن خلعت تنورتها وألقت البلوزة بعيداً، كانت سعيدة والبحر يتماوج بها عازفاً لها لحناً قديماً.
كانت فرحة وكنت أتابعها تغشاني السعادة بها ظهرت لها جنيات البحر السبع وحسن يشاغبنها ويلاعبنها، كانت أجسادهن المرمرية ينعكس عليها ضياء القمر فتتماوج من المياه البحرية وكان شعرهن يمتد مرتفعاً ومنخفضاً والضحكات تملأ الكون وأنا أتابع وأقول في خاطري وجدت شيئاً عذباً سأسجله سريعاً قبل أن يهرب، قدم صياد صغير يصفر لحناً جميلاً فتظهر له السمكات راقصة.
قلت في خاطري هو الصياد جاء سأصطاده لأجعله عاشقاً لفتاة السابعة المغمورة الآن بين جنيات البحور السبعة وأكتب قصة أوشيها بكل لآلئ البحر.
الفتاة سمعت اللحن، هربت الجنيات منها وراحت عجلة تبحث عن ملابسها.. كان الموج والبحر وجنياته قد أخذها بعيداً عن ملابسها وحذائها البلاستيكي، بدأت تطوي جسدها الصغير العاري ما عدا سروالاً قطنياً صغيراً.
الصياد الصغير رمى عليها ملابسها، ونعليها.
دثرت جسدها الصغير سريعاً، وعادت مسرعة إلى البيت..
ذابت صغيرتي وذاب الصياد، وبقيت الرطوبة والحر وطباخ الرطب، ورحت أبحث عن شيء من مقال حالم يبدد تداعيات الزمن.
نور في وسط الظلمة الحالكة وهواء نقي في وسط دخان الحرائق!!
من أين أتى بالحلم والحب في زمن حرق الحاضر فكيف بالحلم كيف يكون الحب في زمن الحرب؟ وكيف يكون الطهر في زمن العهر؟ وأين نجد الصدق بين أكوام الأكاذيب؟
يا أختاه تريدين مني مقالاً حالماً، وعاطفة عذرية في زمن عجيب كيف يمكن أن تنمو العذرية في زمن يكثر فيه الفجور..
أين نجد الطهر؟
مقال رومانسي حالم، كيف يمكنني أن أكتب عن البحر وأمواجه والقمر وتدفق ضيائه إذا كان البحر قد سرقته أساطيل النار والدمار، والقمر حجبه الدخان فأي قمر تحكي عنه؟!
يا رب الكائنات كلها، يا الله كيف يمكن أن نعطر الجو الموبوء بقلة الأدب بشيء من الأدب.
أين نجد النقاء في زمن الإنسان يعاد بيعه آلاف المرات، وأين نجد الحب في صرير آلة الحرب.
تكاد تكون أربعة أعوام على العراق تقتاته الغربان والذئاب، ومن دمه تمتلئ شاحنات في كل ميدان..
فأي حلم أي حكاية يا سيدتي عنه سأكتب؟!