Al Jazirah NewsPaper Monday  14/04/2008 G Issue 12982
الأثنين 08 ربيع الثاني 1429   العدد  12982
مسعى الفتوى في توسعة المسعى!
محمد بن عيسى الكنعان*

المتابع لصحيفة (الجزيرة) وبعض صحفنا المحلية خلال الأيام الفائتة والحالية يلحظ عملاً صحافياً متميزاً بتخصيص صفحات موثقة لشخصيات إسلامية معتبرة على مستوى الأمة، من علماء دين ومشايخ فضلاء وطلبة علم شرعي، شاركوا في تبيان الأدلة الشرعية الجلية الداعمة للرأي الفقهي القائل ب(جواز) توسعة المسعى في الحرم المكي الشريف، خاصةً بعد وقوع اللغط والبلبلة بين الناس، والحيرة لدى كثير من قاصدي البيت الحرام، من حيث صحة أداء العمرة في توسعة المسعى لحرص المعتمرين -أثابهم الله- على تمام أعمالهم وصحتها. وهو لغط كان متوقعاً حدوثه بسبب صدور (بعض) التصريحات والفتاوى الدينية، التي تقول ب(عدم جواز) السعي في التوسعة. ولأني غير متخصص في المسائل الشرعية أو طالب في المعاهد الدينية، فقد نأيت بنفسي عن الخوض في غمار الفتوى المتباينة بسياق حجج القائلين بالجواز أو آراء المعارضين بالمنع، إنما سأقف على (مسعى الفتوى) في هذا الأمر الكبير والظرف الطارئ، الذي يشرف عليه ويتابعه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- من واقع مسئوليته التاريخية، ومكانته الرسمية، وأمانته الدينية تجاه ضيوف الرحمن وقاصدي البيت الحرام والمسلمين بشكلٍ عام.

والقصد في مسعى الفتوى، هو الوقوف على (تكامل أدوار) جهات رسمية فاعلة في توعية المسلمين وطمأنتهم حيال هذه القضية (المعاصرة)، وهي (المؤسسة السياسية الرسمية) التي تشرف على هذا الأمر الإسلامي الكبير، فكان دورها فاعلا ً كعادتها في شؤون الحرمين، بإشرافها على مراحل تنفيذ أمر التوسعة بدقة ومتابعة شاملة، سواءً على مستوى الدراسات الدينية التي أقرت جواز توسعة المسعى، أو على صعيد الأعمال الإنشائية الجارية في التوسعة، و(الهيئات الدينية) التي أفتت فيه، من خلال الدراسة الفقهية الفاحصة (فهم النص)، والدراية الواقعية المعاصرة (قراءة الواقع)، والأمانة العلمية الخالصة (مسئولية الفتوى)، والسرعة الإفتائية الفائقة (بيان الحكم). وهو ما حدث بالفعل من قبل تلك الهيئات داخل المملكة وخارجها، عندما استشعرت باهتمام كبير أهمية الأمر، فبينت الحكم ولم تكتم العلم، كونه من حديث الساعة بالنسبة لكل مسلم بحكم ارتباطه بطقوس دينه وتحقق عباداته في أقدس مقدساته، و(الوسائل الإعلامية) التي واكبت الحدث فاتحةً المجال لكل العلماء والمشايخ للمشاركة في بيان الحكم (الجماعي)، المعبر عن إجماع علماء المسلمين، متجاوزةً بذلك إشكالية البت المتأخر في كثير من قضايانا الدينية المعاصرة ومسائلنا الحياتية المعلقة، حتى حفلت كثير من صحفنا بالعديد من الآراء والحجج، التي أكدت على صحة الخطوة السعودية المباركة في توسعة المسعى، فاتحفتنا صحيفة (الجزيرة) الرائدة ضمن وسائل الإعلام المختلفة على مدار أيام متواصلة بفتاوى العلماء المعتبرين والمشايخ الثقات على مستوى العالم الإسلامي، الذين أجمعوا على (جواز السعي) في توسعة المسعى، مباركين هذه الخطوة الجليلة، وكل الجهود الخيرة والأعمال العظيمة التي تبذلها حكومة المملكة للتيسير على المسلمين من قاصدي الديار المقدسة.

قياساً بما تم عرضه.. تخالجني رغبة صادقة لا أشك أنها لدى أغلب الناس، وبالذات المهتمين بالشأن الإسلامي العام، وهي أن نتعامل مع كل قضايانا الدينية ومستجدات حياتنا المعاصرة بهذه الكيفية والتنسيق والسرعة بين الجهات الرئيسة في عالمنا الإسلامي ككل، سواءً ما يستجد داخل المجتمع الإسلامي من قضايا طارئة كمسائل الاقتصاد المتجددة أو الشؤون المتصلة بحياة المسلم وعبادته وغيرها، كي لا يقع الناس في لغط الفتوى أو تضاربها بين الجواز والمنع، أو ما يتخطى الدائرة الإسلامية مما يقع من حوادث نازلة بين أمتنا والأمم الأخرى كقضية الإرهاب أو جريمة إهانة المقدسات الإسلامية، أو أحوال الجاليات المسلمة في المهجر، فنكون على بينة من حيث الحكم الشرعي الجلي الذي تبنى عليه مواقف المسلمين، لأن هذا التوجه الحميد من شأنه أن يعزز الوحدة الإسلامية، ويقطع الطريق على آفة الخلاف الديني.



*Kanaan999@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد