كتب مدير التحرير
باقتدار الفارس قدم خادم الحرمين الشريفين شهادة الدكتوراه الفخرية التي قدمتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، لجنده البواسل من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لصالح أمن البلاد والعباد وجعلوا من صدورهم دروعاً مؤمنة ضد قذائف الموت والحقد والخراب.
نعم هكذا -هو عبدالله بن عبدالعزيز في قلبه الكبير- يتسع الوطن والناس يؤثرهم على نفسه يحضرون معه دائماً، وكلما حضر التكريم والتقدير حضر الشعب بأكمله داخل عيونه.. ويمنح هذه الشهادة لمن يقف الآن بكل ثبات ضد الظلام والإظلام ضد العقول المنحرفة والمريضة، ضد دعاة الموت من المضللين والمغرر بهم.
وبهذا الحس النبيل يقبل التكريم لمواطنيه إنه ملك ومواطن ليقول: أشكر جامعة نايف على هذا التكريم وأقبله نيابة عن جنودنا البواسل من الشهداء وعن الأبطال الذين يقفون الآن برجولة وشهامة يدافعون عن مقدسات هذا الوطن الغالي وأمنه وسلامته.
هذا استهلال القائد لجنده مشكلاً أرفع قيم الرقي والمشاركة.
ليبدأ حفظه الله بالتحذير من فساد العقول قبل فساد الأجساد، فالعقل هو بوصلة الإنسان إن فسد ومرض. تداعت كل المكونات جرماً وقتلاً وفتكاً بالذات وبالآخرين، حيث شكل الإرهاب وعاءً ملوثاً من عقول وأفكار مليئة بالوهن والقطيعة مع كل ما هو حي ومع الحياة ذاتها.
لينبه الأب والراعي أبناء هذا الوطن من مغبة الدخول في ظلام الفكر وسواد مقاصده.
(إن الجريمة تبدأ في العقل المنحرف المريض وجرائم الإرهاب بالذات لا تولد إلا في أشد العقول ظلاماً وضلالاً).
ويرسم هنا الملك عبدالله صيغ مقاومة ذلك وكيفية التصدي الحاسم لهذا الموت القادم من حقد الفكرة المارقة ليقول: (حين نتصدى للإرهابيين يجب أن نتصدى في الوقت نفسه للفكر القاتل الذي يحوّل الشباب المغرر بهم إلى أدوات قتل وتدمير، ومن هنا تكون أهمية العمل الذي تقومون به في هذه الجامعة الفتية).
وهنا اعتراف آخر واحترام لوعي العمل الفكري الذي تقدمه جامعة نايف. ليس فقط في تفسير أسباب ودوافع الشر والجريمة، بل تتجاوزه للمفهوم الوقائي ومقاومته وحصاره قبل حدوثه بالمنهج الفكري العلمي وقدرات أدمغة وعقول البشر في ردع قوى الظلام والإفساد.
وها هو يسترشد بالتاريخ الذي ينتمي للحقيقة، وعبدالله بن عبدالعزيز لا يقول ولا يرتهن إلا للحقائق حيث تكون العبرة قد أخذت شكل اليقين، وكتبته على سجادة الأرض، تحت وضوح النهار وشروق الشمس حيث يقول حماه الله: (لقد أثبت التاريخ أن كل المتطرفين عبر العصور تطايروا في مهب الريح وبقيت الأكثرية المؤمنة المعتدلة وأن هذا الشعب النبيل الذي سار وراء قائده المظفر جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- دولة تحكم بالكتاب والسنة سيقف بإذن الله سداً منيعاً في وجه فلول الضلال وأتباع الشيطان).
نعم إن ذكرى المؤسس الذي بنى أعظم فكرة وحدوية في القرن الماضي ما زالت ترسم في منهجية هذا المجتمع قيم الوسطية ونبذ (الغلو والتطرف) فالأفكار الكبيرة والنبيلة تحتاج لإيمان قوي ليتم البناء راسخاً وعالياً ومن عبدالله نعلم ونتعلم ونقرأ التاريخ وسطوره التي أسهم ومازال يسهم في كتابتها، ندرك دوماً أن الريح لا تبعثر غير هشاشة الأفكار والرؤى ولا تبدد غير المهمل والطارئ، وأن الثابت الحقيقي هو يقين المنهج وسمو الهدف.. شكراً عبدالله لأننا بك ولك ومعك نولد كل يوم أكثر صدقاً وأعمق فكراً، وأكثر تضحية من أجل وطن تجذرت فيه عروقنا بعروقك لنكون أنت وتكوننا.