Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/04/2008 G Issue 12985
الخميس 11 ربيع الثاني 1429   العدد  12985
(المعلم) و(الطبيب) و(مكافآت الإذاعة والتلفزيون) 1-3
بقلم زهير الأيوبي

ما قصدت بطبيعة الحال من هذا العنوان أن يكون موضوعي هذا اليوم هو (لبن.. سمك.. تمر هندي) كما يقول أحبابنا (المصريون) عندما يصفون الموضوع الذي يفتقر إلى الوضوح والترتيب والتبيين..

***

فقد طالعتنا (جزيرتنا) الغراء، في أعلى الصفحة التاسعة عشرة، وفي أقصى الزاوية اليمنى منها في عددها رقم (12953) الصادر يوم الأحد الواقع في 8 ربيع الأول 1429هـ بصورة الشيخ (علي الطنطاوي) عليه رحمات الله، فسعدنا برؤية وجهه الجميل الجليل، وأنسنا بابتسامته الساحرة، وتذكرنا كلماته الحلوة، وعباراته الحانية، ومواعظه المؤثرة، ومواقفه التي لا تنسى، يصدع فيها بالحق، ويصرع فيها الباطل، ويدعو فيها إلى سبيل المؤمنين.

وقد ظهرت فيها صورة الشيخ عليه رحمة الله ضمن كلمة كتبها الصحفي الأستاذ (علي بن سعد القحطاني) أحد أعضاء أسرة (الثقافة) في صحيفة (الجزيرة)، هذه الأسرة التي تمتاز بمتابعتها للأحداث ودقة مراقبتها للوقائع، وشموليتها في رصد الملاحظات التي تخص الثقافة في بلادنا أو في الساحة الثقافية العربية، والتنبيه إلى الحلول الإيجابية التي يمكن أن تساعد في تلافيها.

كلمة الأستاذ (القحطاني) كانت بعنوان (علي الطنطاوي ومكافآت وزارة الإعلام) وقد أشار فيها الكاتب - حفظه الله - إلى الفترة التي كان يتعثر فيها صرف مكافآت برامج (الإذاعة والتلفزيون) إلى أصحابها من المحدثين ومعدي البرامج والممثلين وغيرهم، ويتأخر صرفها لشهور عديدة، وقد تضيع (الإشعارات) الخاصة بتلك المكافآت في بعض الأحيان!! إلى درجة أن محدثاً بارعاً مميزاً فذاً هو الشيخ (علي الطنطاوي) عليه رحمة الله كتب لي ذات يوم يقول، وقد تأخر صرف مكافآته عن برنامجه الإذاعي الشهير (مسائل ومشكلات) كتب يقول: (إذا كانت إذاعتكم مؤسسة خيرية فلا داعي للمكافآت على الأحاديث فيها، ولكني أعلم أنها ليست مؤسسة خيرية!!).

***

وقد طالعتنا هذه (الجزيرة) الغنَّاء فيما طالعتنا على الصفحة (33) من نفس العدد بمقال للأستاذ (محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ) تحت عنوان (هنا لندن) يتميز بالصدق والصراحة ويبين أهمية الاعلام وأهمية دوره في عصرنا الحاضر.

فهو يشير إلى عودة قناة (البي بي سي) العربية إلى البث قبل أيام، ويتنبأ بأن هذه القناة (ستسحب بساط المشاهدة من جميع القنوات الفضائية الإخبارية الناطقة بالعربية) ويضيف الكاتب الكريم: (هذه المحطة تمتلك تاريخاً وتراثاً ممتداً لعقود، وكانت طوال تاريخها - كإذاعة - لها مصداقية قل أن تجدها لدى القنوات الإعلامية العربية..).

وعلى الرغم من أنني ما عرجت على هذا المقال لأناقش موضوعه غير أنني سأدلي بدلوي فيه (على الطاير) أو (على الماشي) كما يقولون.

لقد كانت تتميز ال(بي بي سي) على غيرها من الوسائل الإعلامية الأخرى بأمور منها بل من أهمها سرعة الوصول إلى الخبر وسرعة بثه، وبنسبة عالية من المصداقية والموضوعية.

وفي رأيي أن قناة (الجزيرة) وقناة (العربية) وهما طليعة القنوات الإخبارية العربية في وقتنا الحاضر لم يعد لديهما مشكلة في سرعة الوصول إلى الخبر وسرعة بثه والتعليق عليه من خلال مراسليهما المنتشرين في كل مكان، والمعلقين الذين تتعاونان معهم في كل ميدان من ميادين الأحداث والأخبار.

ويبقى التنافس الحقيقي في ميدان (المصداقية والموضوعية).

وأنا أظن وربما أجزم أن بروز ال(بي بي سي) الآن على الساحة الإعلامية العربية سيكون عنصراً منافساً ايجابياً ممتازاً في هذا الميدان ميدان (المصداقية والموضوعية) فعالمنا أصبح قرية صغيرة أصبح فيه المشاهد العادي فضلاً عن المشاهد الواعي المتتبع يستطيع أن يكشف بسهولة صدق وموضوعية ما يتلقاه من أخبار من هنا أو هناك.

وحتى نكون موضوعيين وصادقين علينا أن نؤمن بل نوقن بأن (الصدق والموضوعية) بمعناهما المطلق غير موجودين ذلك أن العوامل الجغرافية (المكان الذي تبث منه القناة) والمال (الجهة الممولة لهذه القناة) وعوامل أخرى مثل الدين والقربى والعرق وغيره.. هذه العوامل سيبقى لها تأثيرها الكثير أو المتوسط أو القليل أو الضعيف.

ولو افترضنا أن قناة تبث أخبارنا الأرضية من كوكب آخر هو (المريخ) وينقق عليها أشخاص ليسوا من بني البشر فإن هذه القناة (الافتراضية) تحتاج فيما تحتاج إلى مراسلين من أهل الأرض يزودونها بأخبارهم... وهؤلاء المراسلون مهما كانوا موضوعيين وصادقين ستبقى لهم علاقاتهم وصداقاتهم وعداواتهم ومن يحبونهم ومن يكرهونهم!!

***

السبب الذي جعلني أتوقف عند المقال المهم (هنا لندن) الذي كتبه الأستاذ (محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ) بعدما لفتت نظري كلمة الأستاذ (علي بن سعد القحطاني) عن (مكافآت وزارة الإعلام) أن (هيئة الإذاعة البريطانية) التي نسميها اختصاراً ال(بي بي سي)، اشتهرت فيما اشتهرت به أنها تكافئ جميع المتعاونين معها من محدثين ومعدين وممثلين ومنتجين وغيرهم بمكافآت مجزية، (وتتفنن) في إيصال مكافآتهم إليهم بأسرع صورة فهي تدفعها إليهم إما بصورة مباشرة فورية، وإما عن طريق (شيكات) ترسل إلى عناوينهم الشخصية في بلدانهم حينما لا يكون في تلك البلدان مكاتب وأستوديوهات لإنتاج البرامج تابعة لها.

***

لقد كانت مكافآت برامج (الإذاعة والتلفزيون) قبل حوالي أربعين عاماً، في عهد الشيخ (إبراهيم العنقري) عليه رحمات الله كانت مشكلة كبيرة بل معضلة ذات ثلاث شعب أولها أن (التعرفة) التي تصرف على أساسها المكافآت تعرفة ضعيفة القيمة إذا ما قورنت (بالتعرفات) المعمول بها في الدول المجاورة فضلاً عن أنها لا تشمل كل قطاعات وميادين الإنتاج الإذاعي (والتلفزيوني) فيما بعد..

الملاحظة الثانية على المكافآت في ذلك الوقت أنها كانت تصرف (إذا صرفت) كانت تصرف متأخرة جداً!

والملاحظة الأخيرة وهي مهمة لا تقل عن سابقتيها أنها كانت لا تشمل العاملين في وزارة الإعلام، وبعبارة أخرى أن العاملين في وزارة الإعلام ليس لهم إلا رواتبهم مهما عملوا ومهما بذلوا، يتساوى في ذلك النشيط مع الكسول، والعامل المجد المجتهد مع الضعيف الذي ليس له أي عطاء!!

***

لقد تجلت عبقرية الشيخ (إبراهيم العنقري) عليه رحمات الله حينما كان وزيراً للإعلام قبل حوالي أربعين عاماً.. لقد تجلت عبقريته الإدارية، حينما تصدى لحل هذه المعضلة ذات الثلاث شعب، بفهمهما واستيعابها وإدراك آثارها ونتائجها، وحملها إلى (مجلس الوزراء) الموقر ومتابعتها في (المجلس) والحصول على موافقته بتشكيل لجنة مشتركة من (وزارة الإعلام) و(وزارة المالية) لإعداد تعرفة برامجية جديدة تشمل كل نشاطات الإذاعة والتلفزيون تكون تعرفة مجزية، وتشمل كذلك مكافأة العاملين في الإذاعة والتلفزيون ممن يقدمون نشاطات مميزة..

أقول: لقد أنجزت تلك التعرفة البرامجية الشاملة لكل النشاطات البرامجية من اللجنة المشتركة من وزارتي الإعلام والمالية، على الصورة المرجوة ورفعها الشيخ (إبراهيم العنقري) عليه رحمات الله إلى (مجلس الوزراء) فنالت موافقته، وأصبحت سارية المفعول في ذلك الحين.

وأما إجراءات صرف تلك المكافآت فقد تم تبسيطها إلى أبعد الحدود، وقد ذكرت تفصيل ذلك في مقال سابق بحيث أصبح صاحب المكافأة من محدث أو معد أو ممثل أو غيره يستطيع تسلُّم مكافأة بعد أدائه العمل المطلوب منه بصورة مباشرة أو بعد يوم أو يومين في أسوأ الأحوال.

كان للشيخ (إبراهيم العنقري) وزير الإعلام في ذلك الوقت دوره البارز المميز في فهم هذه المشكلة المعضلة وفي استيعاب آثارها ونتائجها، وفي الوصول إلى حلها بالشكل المطلوب من جميع النواحي بحيث أصبحت شاملة عادلة مشجعة..

وكان للرجال العاملين معه وفي طليعتهم الأستاذ (عبد الرحمن كاتب) مدير عام الإدارة مد الله في عمره والأستاذ محمد الأمين الصغير عليه رحمات الله الذي كان (رئيس قسم المكافآت) والذي صار فيما بعد وكيلاً لوزارة الإعلام للشؤون الإدارية والمالية وغيرها.. كان لهؤلاء الرجال وغيرهم دورهم البارز في تسهيل صرف المكافآت البرامجية في حينها.. وكثيراً ما كان يأتيني الأخ (أبو هاشم) محمد الأمين الصغير في مكتبي في (إذاعة الرياض) عليه رحمات الله، ليقول لي: إن لديه بعض الإشعارات الخاصة بمكافآت بعض المتعاونين مع الإذاعة الذين لم يراجع أصحابها لأساعده في الاتصال بهم ليراجعوا لتسلّمها أو ليتأكد من عناوينهم إن كانوا خارج مدينة (الرياض) أو (خارج المملكة) لإرسال (الشيكات الخاصة بهم إليهم..

أذكر أننا سجلنا أحاديث للأستاذة الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ وحولنا رواية الأديب السوداني (الطيب صالح) وهي (موسم الهجرة الشمال) على ما أذكر، إلى مسلسل تمثيلي إذاعي، أعده وأخرجه الزميل المخرج الكبير الشاعر الأستاذ (سيف الدين الدسوقي) أسعد الله أوقاته.. وكذلك سجلنا بعض الأعمال واللقاءات مع الشاعرة العراقية الكبيرة (عاتكة الخزرجي)، وغيرهم وغيرهم.. وقد حررت إدارة المكافآت التي كان يرأسها كما ذكرت الأستاذ (محمد الأمين الصغير) عليه رحمات الله (شيكات) بها أرسلت (محمد الأمين الصغير) عليه رحمات الله (شيكات) بها أرسلت إلى أصحابها في حينه في وقت قصير جداً.. وقد تلقينا من أصحاب تلك المكافآت خطابات تشعرنا بتسلّمهم لها يشكرون فيها (إذاعة المملكة العربية السعودية) على حسن صنيعها، وتقديرها الكبير لجهود الأدباء والشعراء والمفكرين والمبدعين.

وأكثر من ذلك فقد درج أصحاب البرامج الكبيرة التي تقوم على استضافة رجال العلم والفكر والأدب في برامجهم حين يسافرون خارج مدينة (الرياض) أو مدينة (جدة) في سبيل إنتاج تلك البرامج أن يصطحبوا معهم سلفة مالية يصرفون منها مكافآت الأشخاص الذين يستضيفونهم في برامجهم بصورة فورية، ويسلمونهم تلك المكافآت النقدية الفورية على أثر إنجازهم للأعمال المطلوبة منهم.. فعلت ذلك حين سافرت أكثر من مرة لمناطق المملكة المختلفة، ولعدد من الدول العربية كالكويت والأردن وسورية ولبنان وتونس وكان معي في تلك الأسفار الزميل المخرج الكبير الأستاذ (منذر النفوري) عليه رحمات الله ليخرج برنامج (مجالس الإيمان) التلفزيوني، والزميل المهندس الإذاعي الأستاذ (عطا الله الطعيمي) أسعد الله أوقاته ليسجل برنامج (دعاة الخير) الإذاعي، وكان الزميل (النفوري) يوقع على إشعارات مكافآت برنامج (مجالس الإيمان) والزميل (الطعيمي) على برنامج (دعاة الخير) إلى جانب توقيعي بطبيعة الحال، كما يوقع صاحب المكافأة من ضيوفنا على الإشعار عند تسلُّم مكافأته.. وعند الرجوع إلى (الرياض) بعد انتهاء السفر وإنجاز المهمة تتم المخالصة بيني وبين (الإدارة المالية) في الوزارة بخصوص السلفة المالية التي تسلَّمتها على حساب صرف مكافآت الأشخاص الذين تعاونوا معي في برنامج (مجالس الإيمان) وبرنامج (دعاة الخير)..

***

إنني أذكر وأتذكر تلك الفترة التي مضى عليها حوالي أربعين عاماً.. نعم أربعين عاماً، وأشعر بكثير من الغبطة والاعتزاز، ولا سيما أنني كنت واحداً ممن أكرمهم الله سبحانه وتعالى بالعمل إلى الوصول إلى ما أشرت إليه.. لقد حققنا السبق بتوفيق من الله على (هيئة الإذاعة البريطانية) قد سبقت غيرها من الهيئات والمؤسسات الإذاعية والتلفزيونية في موضوع السرعة في صرف مكافآت البرامج إلى أصحابها فإن السابق الأول الذي لم يسبقه أحد، والرائد الأعظم الذي لم يدانيه أحد هو معلم الناس الخير، وسيد الأولين والآخرين الذي أرسله الله رحمة للعالمين، ووجهنا نحن المسلمين بقوله عليه الصلاة والسلام، وهو الصادق المصدوق الأمين: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).

وعلى كل حال، فإن من العجب العجاب أن تعود هذه المشكلة المعضلة، وهي تأخير صرف مكافآت الإذاعة والتلفزيون على أصحابها من المستحقين!

أقول: إن من العجب العجاب أن تذر هذه المعضلة بقرنها من جديد على ساحتنا، وقد تم القضاء عليها وعلى أسبابها ودواعيها منذ أربعين عاماً بفضل الله أولاً ثم بهمة ومتابعة وتصميم الشيخ (إبراهيم العنقري) عليه رحمات الله، ومن كان وراءه من الرجال العاملين الصادقين المخلصين..

***

لقد كنت أتوقع بدل ظهور هذه المشكلة بين وقت وآخر أن تنصرف الجهود في وزارة الإعلام الآن إلى إعادة النظر في (تعرفة البرامج) التي كانت نقلة نوعية متميزة عند صدورها قبل أربعين عاماً.

لقد كنت أتوقع أن يعاد النظر فيها، فتدرس دراسة جديدة، وتعدل بنودها نحو الأحسن على ضوء تغير الظروف والأحوال وارتفاع الأسعار، وظهور (الفضائيات) المختلفة والتنافس الشديد فيما بينها، ومحاولة الاستحواذ على أفضل المحدثين والمعدين والمسلسلات وغيرها، بل احتكارهم عن طريق دفع المكافآت الأعلى.. وكذلك معالجة بعض المشكلات المتعلقة بأصحاب النشاطات البرامجية من موظفي وزارة الإعلام..

لقد بقي من مشكلات تطبيق (تعرفة البرامج) على موظفي وزارة الإعلام ومشكلتنا مشكلتان:

المشكلة الأولى، أن الموظف في وزارة الإعلام يتقاضى نصف المكافأة التي يتقاضاها غيره ممن لا يعمل في وزارة الإعلام على النشاط الواحد، وهذا شرط أو قيد غير عادل! وإن كان من شرط يفرق بين الموظف في وزارة الإعلام وبين غيره في التعامل أمام (التعرفة) فالمنطق أن يكون هذا الشرط لصالحه لا غير ذلك..

والمشكلة الثانية، أن الموظف في (وزارة الإعلام) لا يحق له أن يتقاضى مكافأة على النشاطات البرامجية التي يقوم بها تزيد على ثلثي راتبه الشهري.. وفي رأيي أن تعديل هذا الشرط يعتبر ضرورياً، بحيث يكون سقف المكافأة البرامجية التي يتقاضها الموظف في وزارة الإعلام يتجاوز كامل راتبه الشهري على الأقل.

***

إن المعالجة الفورية لمشكلة تأخر صرف مكافآت برامج الإذاعة والتلفزيون لأصحابها من الأمور التي لا تحمل الانتظار وكذلك إعادة النظر في (تعرفة البرامج) المعمول بها وحل المشكلات التي أشرت إليها بهدوء وروية، وبخطوة سريعة تعرض فيها التعرفة بعد تعديلها إلى الأحسن، وحل المشكلات التي بقيت عالقة فيها أو تراكمت عليها مع الزمن على مجلس الوزراء الموقر، والحصول على موافقته الكريمة على التعديلات والأوضاع الجديدة أمر في غاية الأهمية وموضوع لا يحتمل الإهمال أو التغافل أو النسيان.

إنني أقول هذا الكلام، وأنا أتطلع إلى همة معالي وزير الإعلام المعهود، وحسن تفهمه لهذا الأمر، وإدراكه لهذه المشكلة وآثارها وأبعادها، مما يجعله يسعى وراء الحلول الإيجابية السريعة بإذن الله.

***

وعلى صعيد آخر، يلاحظ أن مكافآت طلاب وطالبات بعض الجامعات يتأخر صرفها لمستحقيها عن مواعيدها المحددة.. وربما تأخر كذلك صرف مكافآت بعض طلبة المعاهد العلمية عن مواعيدها الأمر الذي يتسبب بأضرار كبيرة لأصحابها من المستحقين فيضطرون إلى الاستدانة من غيرهم وإراقة ماء وجوههم أمامهم.

***

إنني لا أفهم حقيقة أسباب تأخر صرف مكافآت هؤلاء الطلبة عن نهاية كل شهر كما لم أفهم من قبل أسباب تأخر مكافآت برامج الإذاعة والتلفزيون عن مواعيدها، طالما أن هذه المكافآت معتمدة ومقررة في الميزانية!!

ولقد ضربت حكومتنا الرشيدة المثل الأعلى في هذا الميدان، إذ إن راواتب موظفي الدولة ودون استثناء تصرف في الخامس والعشرين من كل شهر عربي، والموظف أي موظف في الدولة، يستطيع أن يراجع حسابه المصرفي في اليوم الذي ذكرته، فيجد أن راتبه الشهري صار في حسابه...

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا لا ينطبق مثل هذا الأمر بل هذه السنة الحميدة الرشيدة على مكافآت الطلبة فيجدونها في حساباتهم المصرفية في الخامس والعشرين من كل شهر عربي؟!

***

أمر آخر، وهو رواتب العمال في المؤسسات الخاصة، إذ من المعروف أن هناك بعض المؤسسات تتأخر (أو تماطل) بالأحرى، فتتأخر في صرف رواتب عمالها لأكثر من ستة أشهر وهذا ظلم كبير، وجور لا يمكن قبوله، وسبب من أسباب الفساد والتخريب.

لقد قرأت قبل فترة تصريحاً لصاحب مؤسسة خاصة وقد احتج عماله وتجمعوا أمام مركز من مراكز الشرطة يطالبون بمستحقاتهم يقول: (إنه يشتغل في مؤسسته أكثر من سبعمائة عامل) ثم يقول: (بصراحة إنه لا يستطيع أن يصرف لهم مستحقاتهم في مواعيدها المحددة!!)

لماذا لا يستطيع هذا المواطن الكريم أن يصرف مستحقات هؤلاء العمال المساكين الضعاف المحاويج في مواعيدها المحددة؟!

أو لم يقوموا بالأعمال المطلوبة منهم؟ والجواب أنهم قاموا بالعمل المطلوب...

إذن لماذا لا تدفع لهم أجورهم في مواعيدها المحددة!!

أنت بذلك أيها المواطن الكريم تخالف دستور هذه البلاد ونظامها الأساسي، وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهذا الدستور يقول: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).

إن تأخر صرف مكافآت برامج (الإذاعة والتلفزيون) لأصحابها عن مواعيدها، وجعلهم ينتظرونها أسابيع وشهوراً، ويراجعون للسؤال عنها مرات ومرات..

وكذلك تأخير صرف مكافآت الطلبة المقررة لهم عن آخر كل شهر..

والمماطلة من بعض المؤسسات والشركات الخاصة في صرف رواتب العاملين فيها وتأخير ذلك عدداً من الشهور..

كل ذلك وأمثاله مما لا يرضاه الله ورسوله، ولا يقبله أي إنسان عاقل، ومما يتنافى مع كرامة الإنسان التي قررها الحق سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} . ويتنافى كذلك مع أبسط قواعد التعامل الحضاري بين الإنسان وأخيه الإنسان.

وأحسب بل أجزم أنه لا يليق بنا وقد وصلت بلادنا بفضل الله أولاً ثم برؤية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وحكومتنا الرشيدة الواعية إلى ما وصلنا إليه من التقدم في كل شيء والرقي في كل شيء والسبق والتفوق في كل شيء..

أقول: لا يليق بنا أن نرجع القهقري فيتأخر صرف مكافآت برامج الإذاعة والتلفزيون إلى أصحابها كما كان الحال قبل أربعين سنة!

ولا يليق كذلك أن يشكو طالب أو طالبة من تأخر تسلُّم مكافأته الشهرية عن نهاية كل شهر!

ولا يليق ولا يصح ولا يجوز أن يشكو عامل من بني آدم يعمل معنا أنه لم يستلم راتبه الشهري منذ عدة شهور!

***

ذلك هو موضوع الثلث الأخير من عنوان هذا المقال وهو (مكافآت الإذاعة والتلفزيون)..

أما موضوع الثلث الأول وهو (المعلم) وموضوع الثلث الثاني من العنوان وهو (الطبيب) فالموعد معهما في المقال القادم بإذن الله..

للاتصال وإبداء الرأي




z-alayoubi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد