Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/04/2008 G Issue 12985
الخميس 11 ربيع الثاني 1429   العدد  12985
مع التحية لوزير الشئون الإسلامية
د. محمد عبده يماني

سرني حديث معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ عن أهمية التعمق في الإسلام وعبادة الله على بصيرة، وأن هذه القضايا تحتاج إلى علم وفقه،

ثم إلى توعية وبث للمعرفة والعلم على مستوى يتفق ولغة العصر، وبالحكمة التي أمرنا بها الله عز وجل عندما وجه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مجال الدعوة بقوله سبحانه: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}. وهذا أمر يدل على أهمية الوسطية والاعتدال وأثرهما في حياة السلمين في هذا الوقت بالذات الذي فرضت الأحداث والمستجدات مواجهة مثل هذه الأمور بصورة تختلف عن الماضي، بعد هذه الموجات من الغلو والتكفير والابتداع في الدين والزيادة فيه، ونسبة أشياء إلى الشرع ليست منه، ثم الخطأ في فهم كثير من المسائل الشرعية كمفهوم الجهاد وغيره، أو هذه البلوى الجديدة التي أخذنا نشاهدها ونسمعها، ولرجال تصدوا للفقه والفتوى دون علم ودون أدنى التزام بأصول الفتوى، وجرأة على حرمات الله عز وجل، وتضليل لعامة الناس وخاصة الشباب.

كما سرني حديثه عن التطرف الذي يسعى كلياً إلى التغريب والبعد عن الدين، مع أن حياة هذه الأمة هي في متابعة كتاب الله عز وجل وسنة ورسوله صلى الله عليه وسلم. وأنا أشد على يد أخي معالي الوزير الشيخ صالح في الدعوة إلى الوسطية، لأن الله قد اختار لنا المنهج {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} وهذا هو الاعتدال والخيار الأمثل لهذه الأمة.

ولا شك أن من ينظر بعمق يرى كيف بدأ الإسلام، وكيف ظل محافظاً على العقيدة والشريعة، وشاءت إرادة الله أن يحفظ هذا المنهج السماوي وحمى القرآن من أي تحريف أو تغيير أو تبديل {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وعصم رسوله صلى الله عليه وسلم {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.

وسرني تعرض معالي الشيخ صالح لقضية أن من أسرار نجاح هذه الأمة في أوج مسيرتها أنها حافظت على هذا الاعتدال وهذه الوسطية، ولهذا فإن الاهتمام بالوسطية يعني بقاء الملة وبقاء الدين وبقاء التشريع والحفاظ على الاعتدال الذي هو من أهم مرتكزات القوة. ولا شك أن قضية الأمر الوسط هو ما ترتاح له الفطرة وهو مطلب مهم.. وركز معاليه على أن العاقل من يأخذ بالقاعدة الشرعية أن الحكم على الشيء فرع عن جذوره، فلا يمكن أن تحكم على شيء بمجرد المظهر ولا بتصرف عابر، وإنما تحكيم الوسطية والتأني قبل إصدار الحكم. وهنا تأتي النقطة المهمة وهي أهمية الاستفادة من لغة العصر والأخذ في الحسبان التغييرات التي تتم في هذا العالم من شرقه إلى غربه ثم برمجة التفكير ليكون متسقاً مع هذه التغيرات الضخمة. والمسألة تبدأ ليس بالحكام ولا العلماء والقضاء ولكن حتى بالفرد في المجتمع الذي يجب أن يعني بموضوع تطيبق الوسطية في حياته وتعاملاته. والتحسب لأبعاد الغايات والمصير يستدعي منا أن نفكر بعمق في هذا الموضوع، وهو الوسطية التي تميزت بها هذه الشريعة، وجاءت في كتاب الله عز وجل ثم في منهج رسوله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو عمل، وكيف ربى صلى الله عليه وسلم صحابته على هذه الوسطية وأدبهم عليها. ثم أمر هذه الأمة بأن تجعل هذا المنهج هو سبيلها حتى تتحقق الغايات التي ننشدها جميعاً، معتمدين على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم تاريخ مشرق لهذه الأمة يوم سارت بوسطية وعقل وحكمة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد