العبارة الواردة في العنوان (الرسم حرام يا أستاذ) ليست نسج خيال بقدر ما هي واقع يسمعه غالبية معلمي التربية الفنية في مختلف مناطق المملكة، هذه العبارة لا تأتي على شاكلة سؤال!!.. بل تأتي على شاكلة رفض من أحد التلامذة الصغار حينما يطلب المعلم من طلبته إحضار كراسات الرسم أو عند طلب تنفيذ لوحة فنية في حصة التربية الفنية، وعند بحث المعلم عن مصدر هذه الجملة أو العبارة يجدها تأتي من طرفين الأول (البيت) والطرف الثاني بعض معلمي المواد الأخرى، وإذا كنا سعداء بما يتلقاه أبناؤنا الصغار من توجيه ديني يبين فيه ولي الأمر أما كانت أو أب أومن المعلمين ما يجب على صغارنا اتباعه وما عليهم اجتنابه فان علينا أيضا أن لا نطلق الأحكام على عواهنها وان نقتطع من الجملة ما يبقي فهمها معلقا أو يجعل هؤلاء الصغار يعيشون في حالة من التذبذب بين ما يشعرون به من موهبة وهبها الله لهم وبين ما عليهم اتباعه في دينهم، فعبارة (الرسم حرام) حينما تقال لأحد هؤلاء الصغار دون إيضاح ما جاء في أحاديث رسولنا الكريم تجاه ما هو مباح وما هو محرم ستصبح كعبارة (لا تقربوا الصلاة) دون إكمالها، فالأصل في الأشياء الإباحة، والرسم لا يمكن أن يحرم بعمومه بل يشار إلى ما عني بالتحريم، مع أن ما يمارسه الطفل خلال ممارسته للرسم في المنزل أو المدرسة لا يصل إلى حدود المضاهاة أو إلى تعظيم ما يتم رسمه بقدر ما تعني تعبير عن شكل وعنصر عام عابر ينتهي بنهاية تنفيذه، إضافة إلى أنه لا يحمل أي تفاصيل أو شبه مقارب لأي عنصر حي إنسان كان أو حيوان بل تظهر كرموز يجد فيها الطفل متعة التعبير عن الحب والسعادة برسم أسرته أو إخوانه يضيف إليها اسم كل شخص تم رسمه ما يدل على أنه لم يصل إلى أن تكون معروفة عند المشاهد، ومع ذلك علينا أن نتوخى الحذر وأن نأخذ الفتوى من أهلها، وان نكون أمناء على ما اؤتمنا عليه في التوجيه في هذا الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى التعامل معه بأدق التفاصيل وبأسلوب الحوار، لئلا يجد الأب أو الأم أو المعلم الذي أفتى بتحريم الرسم بعمومه حرجا عندما يسأله ابنه عن من قائل عبارة (فإن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له) هذه الجملة الناصعة البياض تدل دلالة واضحة على ما يتمتع به ديننا من يسر ومن تقدير لهبات الله لعبادة، وإن من يحرم مواهب فنون الرسم والتلوين دون تفصيل واتباع لما جاء في القرآن والسنة سيحرم ركوب السيارة وأكل الأيسكريم والنوم في غرف مكيفة مع أن الله عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على عبادة.

دعوا المواهب تبدع بما أباحه الله لهم ولا تنفروهم فتقتلوا فيهم التعبير عن الجمال الذي أحبه الله وأنعم به علينا لنرى كل شيء جميل.