Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/04/2008 G Issue 12985
الخميس 11 ربيع الثاني 1429   العدد  12985
إضاءات نفسية
د. محمد بن عبد العزيز اليوسف

زاوية تهتم بكل ما يتعلق بالطب النفسي والتنمية البشرية وتطوير الذات.. نستقبل كل أسئلتكم واقتراحاتكم.

صورة الذات السلبية

* أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة، ورغم أنني اجتماعية وأحب الناس إلاّ أنّ مشكلتي هي أنني أحس بصراحة أنّ الجميع يكرهني ولا أحد يحبني حتى القريبين مني، وأشعر بأنني ثقيلة دم في الاجتماعات، ولذلك أصبحت في الفترة الأخيرة أحب العزلة أكثر عن السابق وبدأت أخسر صديقاتي - حالتي كل سنة أسوأ من التي قبلها، أرجوك أريد حلاً؟

* تقولين أختي الكريمة إنك تشعرين بأنك ثقيلة دم وبأنّه لا أحد حولك يحبك، وهذا في الحقيقة يعبِّر عن الصورة المرسومة في أعماقك عن ذاتك وهو ما نطلق عليه (الصورة الذاتية) .. المشكلة أختي أنه في الكثير من الأوقات نحن نتصرف بناءً على الانطباع أو الصورة التي نحملها عن أنفسنا، وبالتالي نجد ردود فعل متناسبة مع سلوكياتنا، وهكذا نأخذ ردود الفعل هذه على أنها تأكيد على حقيقة الصورة التي رسمناها عن أنفسنا بل ونبدأ بالتقاط أي إشارة أو ردة فعل سلبية والتركيز عليها فقط مع إهمال أي ردة فعل إيجابية وعدم الالتفات لها أو حتى تفسيرها بطريقة سلبية .. وسأورد لك هذا المثال لعله يوضح ما أقصد .. يحدث كثيراً أنّ أحدنا يخرج من بيته وهو بحالة مزاجية جيدة ثم يبتسم في وجهه أحد الأشخاص في الشارع فيرد عليه بابتسامة وقد يلقي أيضاً له التحية، وقد يخرج هذا الشخص نفسه في أحد الأيام بمزاج متعكر ويحدث له نفس الموقف (أي شخص يبتسم له) فتجده يتجهّم ويغضب، وقد يفسر ذلك بأنه استهتار به بل وربما يبدأ بمشادة كلامية مع هذا الشخص .. تلاحظين أنّ الموقف هنا واحد لكن التفسير وردة الفعل اختلفت باختلاف الحالة المزاجية .. وبالنسبة لك فإذا اعتقدت في أعماقك أنك ثقيلة دم فمن الطبيعي أنك ستبدئين بتفسير كل ردود الفعل على أنها تأكيد لما تعتقدينه بل وأكثر من ذلك قد تلاحظين أنك تفضلين السكوت في المناسبات الاجتماعية ولا تشاركين بفعالية وهذا من الطبيعي أنه سينفر الناس منك، لأنّ البشر بطبيعتهم يفضلون الشخص المنفتح وليس المنغلق على ذاته وعندما تلاحظين هذا الأمر ستأخذينه على أنه الدليل القاطع على أنه لا أحد يحبك .. وهكذا ترين أنك تضعين نفسك في دائرة مغلقة تبدأ من الصورة السلبية عن الذات التي تؤدي إلى سلوكيات سلبية تؤدي إلى ردود فعل سلبية من الآخرين والتي بدورها تعزز عندك القناعة بالصورة السلبية عن ذاتك ..

الحل الوحيد أختي العزيزة هو أن تكسري هذه الحلقة من خلال تغيير سلوكياتك حتى إن بدا هذا الأمر صعباً في البداية، لكنني واثق بأنك بالاستعانة بالله تعالى أولاً ثم ببذل المجهود قادرة على ذلك، وعندها صدقيني ستجدين أن ردود فعل الآخرين اختلفت عن سابقتها وسيكون بإمكانك تكوين صداقات جديدة ولمَ لا أيضاً استعادة الصداقات القديمة .. وفقك الله.

التوحد

* كيف يمكن لي أن أعرف إن كان طفلي مصاباً بمرض التوحد، وما هي علاماته؟

* التوحد هو أحد الاضطرابات النفسية التي تصيب الأطفال منذ مرحلة مبكرة من العمر، حيث يعتبر ظهور علاماته الأولى قبل بلوغ الطفل الثالثة من عمره هو أحد أهم المعايير التشخيصية الأساسية وتظهر أعراضه عادة من خلال مجموعة من الخصائص البارزة لعل من أهمها:

أولاً: البرود العاطفي: حيث لا يظهر الطفل أي تفاعل أو حرارة عاطفية حتى مع والدته وتختفي علامات النمو الاجتماعي المبكرة كمتابعة حركة الأم بالعين والابتسام وإظهار التفاعل العاطفي عند احتضان والديه له، فيبدو وكأنه منغلق تماماً ومتوحد مع ذاته بل إنه أحياناً قد يشيح بوجهه بعيداً لتجنب التواصل البصري مع الآخرين بما فيهم والديه، وهذا هو سبب إطلاق هذا المسمى على هذا الاضطراب.

ثانياً: ضعف وتدهور النطق عند الطفل، ويظهر إما بشكل تأخر النطق منذ البداية أو تطور النطق بشكل طبيعي في البداية، ثم بعد ذلك يبدأ التدهور وفقد القدرة على النطق والكلام بشكل واضح.

ثالثاً: إصدار بعض الحركات والأصوات المستغربة كالصراخ بصوت عالٍ ومفاجئ، وأرجحة الذراعين بشكل متواصل .. كما يصبح لدى الكثير من هؤلاء الأطفال نوع من الالتصاق والتفضيل الواضح لنوع واحد ومحدد من المواد الغذائية أو الألعاب بشكل روتيني، بحيث لا يقبل بأي حال من الأحوال تغييره، وقد يظهر نوعاً من العدوانية في حال تم حرمانه منه أو إجباره على تغييره.

والجدير بالذكر أن أعراض التوحد تأتي بدرجات مختلفة وبالإضافة للتشخيص الإكلينيكي الذي يقوم به الطبيب هناك أيضاً مجموعة من المقاييس والاختبارات المقننة الخاصة بالتوحد للتأكد من صحة التشخيص.

التعصُّب الرياضي

* هل يمكن أن يشكِّل التعصُّب الرياضي خطراً على صحة الفرد؟

- الحقيقة أن الرياضة بمفهومها الواسع والمتزن هي أحد النشاطات المطلوبة لأي مجتمع حتى بما تحمله من مفاهيم تنافسية، فمع المرونة يمكننا أن نتفهّم أن الرياضة فوز وخسارة ونتقبل أن يكسب ويفرح غيرنا كما نفرح نحن عندما نكسب .. ولكن عندما ننظر للتنافس الرياضي من زاوية ضيقة ويتحول التنافس الرياضي الشريف إلى احتقان وشحن وتحفُّز مبالغ فيه بل وحتى شعور بوجود مؤامرات تحاك في الخفاء .. هنا يتحول التنافس إلى عداوة قد تساهم فيها بلا شك بعض الوسائل الإعلامية غير المدركة لخطورة ما يمكن أن يحدث، حيث بهذا الشكل يمكن أن يشكل التعصب الرياضي خطراً حقيقياً على صحة الفرد النفسية والعضوية أيضاً.

وبالمناسبة فقد أوضحت إحدى الدراسات الطبية مؤخراً في ألمانيا أن نسبة الإصابة بالنوبات القلبية الخطيرة سجلت ارتفاعاً ملحوظاً أثناء إقامة مباريات حاسمة في بطولة أبطال الدوري الأوروبي والدوري الألماني، ولذلك فإنّ الاتزان والابتعاد عن الاحتقان والتحفز النفسي المبالغ فيه هو أمر غاية في الأهمية للمحافظة على صحة الفرد والمجتمع.

إضاءة

قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}.

دكتوراه في الطب النفسي
كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي - الرياض


E-mail: Mohd829@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد