Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/04/2008 G Issue 12985
الخميس 11 ربيع الثاني 1429   العدد  12985
جميعكم مدعوون إلى زيارة عيادة الأخصائي النفسي
د. عبدالرحمن بن عبدالله الصبيحي

الأمر الذي لا يزال يجهله الكثير من الناس، هو أن عيادة الأخصائي النفسي ليست لمن يعانون من مشكلات أو أمراض نفسية، بل هي كذلك مكاناً مناسباً بل ومهماً لزيارته من فترة لأخرى لجميع الأفراد على اختلاف شرائحهم.

لقد اعتاد الناس أن يجعلوا زيارة الأخصائي النفسي في ذيل قائمة الجهات التي يرتادونها عندما يعتريهم طارئ نفسي فهم ينكرون بداية وجود مشكلة نفسية لديهم، مع أنهم يلاحظون تغير في شخصياتهم ومشاعرهم وسلوكياتهم وأمزجتهم، وحين تبدأ المشكلة في التطور، فإنهم يضطرون إلى زيارة المشايخ للقراءة، لعل أن ما أصابهم يكون من العين.

ثم ما يلبث الواحد منهم حتى يمل لعدم الجدوى من تلك الزيارات وفي آخر المطاف يلجأ إلى زيارة الأخصائي النفسي مكرهاً، دون اعتقاد جازماً بمدى ما يمكن أن يقدمه الأخصائي النفسي له.

لذا فإن البعض من هؤلاء لا يستفيدون من توجيهات وإرشادات الأخصائي النفسي، لأن الدور الأكبر من حل المشكلة في أيديهم، وهو يحضرون إلى عيادة الأخصائي النفسي وفي اعتقادهم أن الدور كاملاً يجب أن يكون على الأخصائي النفسي.

إن الدعوة إلى زيارة عيادة الأخصائي النفسي لا تعنى إن جميع الإفراد لا بد أن يكونوا يعانون من مشكلات نفسية، بل هي فلسفة تخضع لعدة اعتبارات تصب في مجملها في أن الكمال ليس سمة إنسانية، ولابد أن لدى كل فرد شيء من النقص في مجمل صفات الشخصية، وهذا مدعاة إلى تفادي ذلك النقص والتخلص منه، حتى يضمن الفرد أنه يتمتع بأكبر قدر من الصفات الإيجابية.

أضف إلى ذلك أن الزيارة الدورية لعيادة الأخصائي النفسي قد تكشف عن مشكلة نفسية في بداية الظهور، مما يمكن الفرد من اكتشافها ومعالجتها قبل أن تستفحل وتتحول إلى مرض نفسي,

ولقد استفاد كير من الأفراد من زيارتهم لعيادة الأخصائي النفسي وتغيرت أحوالهم إلى الأفضل، وأصبحوا يتمتعون بصفات إيجابية ساعدتهم في مواجهة أعباء الحياة الأسرية والعملية، بل وفي تعاملهم مع الآخرين.

ولقد أعجبت بأحد العملاء الذي زار الطبيب في العيادة، حيث إن ذلك العميل كان ينوي مقابلة مسؤول كبير ليتقدم له بطلب يتعلق بمستقبله الوظيفي، وكان مطلبه من تلك الزيارة هو معرفة الأسلوب الأمثل في طريقة التحدث وعرض طلبه للمسؤول، ولم أتردد في التعبير عن إعجابي بتفكيره نحو الاستفادة من خبرات الأخصائي النفسي وتوظيفها في مصلحته الشخصية.

وبالفعل فقد كشفت تلك الزيارة عن جوانب وقصور لديه، وإيضاح الطرق السليمة لمقابلة المسؤولين، وإحالته لبعض القراءة المفيدة في هذا الجانب.

إن زيارة الأخصائي النفسي مهمة بالقدر الذي يسعى الإنسان من خلاله إلى الاهتمام بصحته أو السعي لزيارة دخلة المادي.

لقد اعتاد بعض الأفراد على مشكلة نفسية مرتبطة بشخصية منذ الصغر، وأصبح يمارسها في حياته حتى أصبح يراها أمراً مسلماً به، وأضحى لا ينظر إليها على أنها مشكلة نفسية في حين أنه لو استطاع التخلص منها، ومارس حياته بدونها فسيعرف كيف كان يعيش في وضع صعب، وسيشعر بالندم لعدم مبادرته منذ بالتخلص منها.

إن السعادة الحقيقية تتضمن التخلص من كل ما من شأنه أن يعيق الإنسان من تحقيق طموحاته، وممارسة حياته الاجتماعية والعملية دون عوائق تتسبب في تفويت الغرض عليه، بسبب مانع نفسي يعانيه، ولا يجد خيرا في العيش معه، في حين أن ذلك المانع النفسي قد يكون بسيط بحيث يمكن التخلص منه خلال عدة جلسات مع الأخصائي النفسي.



sobihi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد