Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/05/2008 G Issue 13001
السبت 27 ربيع الثاني 1429   العدد  13001
المرأة والإعلام.. اهتزاز القاعدة الصحفية في مؤسساتنا
د. علي بن شويل القرني

لا زالت المرأة في الإعلام تعاني من نقص التأهيل الأكاديمي، وعلى الرغم من انفتاح بعض الجامعات السعودية على هذا التخصص في السنتين الماضيتين،

إلا أن الأزمة لا زالت قائمة، على مستويات كثيرة؛ فمثلا لا زالت جامعة الملك سعود متأخرة في استحداث تخصص إعلام للطالبات، وإذا كنا متفائلين فلربما يفتح المجال لطالبات الماجستير من العام القادم (؟).. ولربما أن أقسام إعلام أخرى في جامعات سعودية فتحت المجال للدراسة النظرية فقط؛ أي دراسات عليا.. وهذا جيد - في الحدود الدنيا -، ولكنه يظل قاصراً أمام التحدي الكبير وهو التأهيل المهني للمرأة السعودية.

وعلى الرغم من وجود عناصر نسائية متميزة في الوسط الإعلامي، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة لدى الأغلبية العظمي، حيث إن اعتماد وسائل الإعلام، وتحديداً الصحافة، على هذه العناصر يقتصر على عمل مندوبات صحافيات في مواقع نسائية فقط.. ويقتصر عملهن في جمع المعلومات والتقارير، ومن ثم إرسالها إلى إدارة التحرير للصياعة واعتمادها للنشر.. بمعني أن الدور الذي يقمن به لا يتعدى دور المراسل (بالمفهوم الإداري)؛ أي نقل معلومات من المصدر مباشرة وإرسالها للصحيفة.

ومن هنا تعاني وسائل الإعلام كثيراً من هذا النقص الحاد في المهنية لدى المرأة السعودية، وهي مضطرة للتعامل مع الواقع المتاح، ولن تستطيع الصحف أن تسد النقص الحاصل في هذا الباب المهني. والصحف تجتهد وتحاول أن تتعاون مع مندوبات ومحررات، ولكن كناقلات للأخبار (رايوات) للأخبار، وليس كمهنيات بمستوى عال من الكفاءة والأداء. وهكذا تزخر الصحف بعدد من المتعاونات في كل مركز أو مكتب صحافي، ولكن من خلال أبسط الأدوات المهنية التي تمتلكها العناصر النسائية.. ويظل دورهن التواجد في مكان الحدث النسائي وكتابة خبر عادي بدون عمق في الطرح أو التناول.

وهذه المشكلة ليست مشكلة بسببهن، ولكن العمل المؤسسي الإعلامي غير قادر على التعامل مع هذه المشكلة بالطريقة المناسبة؛ فالجامعات غير قادرة على هذا التأهيل المناسب، وكذلك المؤسسات الصحافية غير قادرة على مثل هذا العمل؛ لأن المؤسسات تحتاج إلى سد النقص في المواد الإخبارية من ميدان الحدث، وليس لديها الحل الكامل للمشكلة الجوهرية؛ التأهيل المهني للمرأة السعودية.. ويكفيها - من أجل عدم اختلال العمل الروتيني اليومي - أن تستمر بهذه المعادلة القائمة.

وفي المقابل يجب أن نشير أيضاً إلى أن المستوى المهني لدى الرجال، وخصوصاً المندوبين والمحررين، هو أيضاً دون المستوى المطلوب، ولا زلنا نكتشف يوماً بعد يوم ومناسبة بعد مناسبة أن الرجل لديه الكثير من القصور المهني، رغم وجود عناصر متميزة في بعض الصحف.. ولا تزال المصادر الإخبارية تعاني من ضعف مستوى الأداء المهني للمندوبين، ومضطرة للتعامل معهم؛ لكونهم المتوفرين، ولا توجد بدائل أخرى.. كما أن بعض المصادر الإخبارية مرتاحة للوضعية القائمة؛ لأن المحرر أو المندوب يتلقى فقط المعلومات ويرسلها إلى صحيفته، ويراها المصدر في عدد اليوم الثاني كما رسمها بالفواصل والنقاط؛ فالمصادر ترتاح لأن مندوبي ومندوبات صحافتنا لا يشكلون تحدياً مهنياً لهذه المصادر.

وهكذا فالعجلة تدور، من خلال أداء مهني متواضع لمندوبي الصحف، ونتاجات تحريرية غير خاضعة لتحديات المهنة الصحافية، ثم تضخ هذه المواد في صحافتنا؛ مما ينعكس في ضعف أدائها في المجتمع كسلطة رابعة.. وفي ظني أن مفهوم السلطة الرابعة لدينا لا يزال يترنح يميناً وشمالاً، فلم تعد الصحافة تشكل قوة رابعة في المجتمع تؤثر على القرار العام بالشكل المطلوب.. وينبغى أن أوضح هنا نقطة محورية في هذا السياق، وهي أن السلطة التنفيذية يجب أن ينظر إليها على أنها ليست فقط السلطة التنفيذية العليا، ولكن يجب أن نفهمها على أنها سلطة تنفيذية في كل إدارة - حتى أصغر الإدارات - وفي كل مناطق البلاد؛ فالبلدية أو الأحوال المدنية أو إدارة التعليم، أو المستشفى الحكومي أو غيرها هي امتداد للسلطة التنفيذية؛ ولهذا فإن النشر المكثف عن هذه الأجهزة التنفيذية هو نشر أقرب ما يكون لنشر العلاقات العامة من تلك الأجهزة، وليس نشراً صحافياً يستهدف المساءلة والبناء والتطوير.. وهذا بطبيعة الحال لا يتأتى دون أن يكون لديك في الصحافة كوادر - نسائية ورجالية - تدرك طبيعة دور الصحافة، ورسالتها الاجتماعية.

* المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية/أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود


alkarni@ksu.edu.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6008 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد