Al Jazirah NewsPaper Monday  05/05/2008 G Issue 13003
الأثنين 29 ربيع الثاني 1429   العدد  13003
الرئة الثالثة
الشباب والجامعة: قراءة تنموية (5/1)
عبد الرحمن بن محمد السدحان

تمهيد

* دعيت قبل أكثر من عشر سنوات للمشاركة في ندوة حول التربية والتنمية نظمتها جامعة الملك خالد بعسير، وقد منحتني الجامعة مشكورة حرية اختيار موضوع ورقة المشاركة في تلك الندوة، فكتبت مداخلة طويلة بعنوان (الخريج الجامعي ورحلة البحث عن الذات) ركزت الحديث من خلالها على جدلية قديمة تتجدد عما إذا كان الخريج الجامعي عوناً للتنمية أم عبئاً عليها. وقد سوغت ذلك الاختيار بمقولة أزعم أنها لم تفقد بعد قوامتها ولا صلابتها منذ ذلك الحين حتى الآن، وهي أن مدخلات الجامعة (أي جامعة) ومخرجاتها من أجيال الشباب تشكل هاجساً ثقيلاً يسكن مساحة واسعة من الأرق الوطني العام منه قبل الخاص!

**

* واليوم، وبعد مرور أكثر من عقد كامل على كتابة تلك الورقة، أزعم أن هاجساً ثقيلاً لم يزل يضرب أطنابه عبر مساحات شاسعة من النفوس، بدءاً بأولياء أمور الطلاب والطالبات، مروراً بالمدرسة والجامعة، وانتهاءً بصانعي القرار! وأجرؤ على القول بأن ذلك الهاجس بات اليوم أكثر حضوراً وإلحاحاً بعد أن ازداد عدد الجامعات إلى الضعف أو يزيد قليلاً! ويسعدني أن أختزل عبر هذا الحديث وما سيتلوه من حلقات أهم وأبرز فقرات تلك المداخلة التي استضافتها جامعة الملك خالد قبل أكثر من عقد من الزمن.

فرضيتان للحديث

استهللت الورقة بفرضيتين تزعم إحداهما أن الشاب المقبل على التجربة الجامعية يواجه حزمة من التحديات تفرزها ظروف نفسية اجتماعية خاصة به وبالعصر الذي ينتمي إليه.

أما الفرضية الأخرى فترى أن لدى الشاب منظومة من المخرجات، تكيفها الآلية التي يتعامل من خلالها مع قدراته ورؤاه وطموحاته نحو المستقبل.

**

* وقد تناولت الفرضيتين، بشيء من التفصيل فقلت: إن الشاب منا، ذكراً أو أنثى، يبدأ مسيرته الجامعية بالسؤال الصعب: لماذا الجامعة؟ أمن أجل الحصول على مؤهل يدخله (سرادق) الوظيفة؟ أم من أجل استثمار طاقات الذات تحضيراً لغد أفضل، أم لمجرد أن الأهل أو أفراداً من (العشيرة) أو رفاق العمر يتوقعون منه هذا التوجه شاءه هو أم أباه؟!

**

* هنا يصعب التعميم، لأن الناس، في الأصل مختلفون في أنماط الدوافع المكيفة لسلوكهم، وليس غريباً أن يكون بين شباب اليوم من ساقته الصدفة إلى الجامعة، قد يكون وجوده بها إرضاءً لرغبة قريب، أو طمعاً في رفقة صاحب عز عليه فراقه، أو توقاً إلى الفوز بلقب (جامعي)، اقتناعاً منه أن هذا اللقب يفتح له أكثر من باب!

**

* وحسبي هنا القول بأنه ليس أضر بالجامعة (أي جامعة) من أن يأتي إليها من لا يؤمن بالانتماء إليها فكراً، أو لا يملك القدرة على خوض تجربتها!

وأضيف إلى ذلك القول بأن غياب تصور تنموي شامل للتعليم الجامعي، وربطه بمسارات التنمية وطموحاتها، أولوية وكيفاً، من الأمور التي تضاعف حجم الصعوبات التي يواجهها الشاب في الوصول إلى قرار رشيد يرسم من خلاله درب المستقبل.

* والناس بوجه عام، جد مختلفون في تعريف الغاية من التعليم الجامعي:

أ - فهناك من يرى أنه حق مشاع لكل مواطن، كالماء والهواء، وأن حجب هذا الحق لعلة أو أخرى تعطيل لا مبرر له!

**

ب - وهناك من يربط ربطاً (نخبوياً) دقيقاً بين قدرة الطالب على التحصيل ومعايير التعليم الجامعي، تلقياً واستيعاباً وبحثاً، ومثل هذا التفسير يقصر التعليم الجامعي على شريحة محدودة من خريجي الثانوية العامة وما في حكمها، بحيث يكون خيار الجامعة أمام الشاب مقروناً بمعايير دقيقة من التحصيل الأكاديمي، تمنح هذا الخيار خصوصية تنأى به عن نطاق العمومية المطلقة التي تحدثت عنها السطور السابقة.

**

ج - وهناك من يرجح الربط الدقيق بين أداء الجامعة، مدخلات ومخرجات، واحتياجات التنمية في مدلولها الواسع من تخصصات تحررها من غل الاعتماد على العمالة الوافدة من الخارج.

**

د - وهناك من قد يحرص على إلحاق ابنه أو ابنته بالجامعة، لا طمعاً في التعليم العالي، ولكن التماساً (للوجاهة الاجتماعية)، وتحسيناً لفرص الشاب أو الشابة في التلاحم اجتماعياً مع شرائح المجتمع الأخرى.. وقد يدافع أحدهم عن مثل هذا الموقف متسائلاً: (كيف سيصنف الناس ابني أو ابنتي إذا لم يكونا (جامعيين)؟ وكيف أبرر عجزهما عن إدراك الشهادة الجامعية؟).. وغير ذلك من المقولات التي لا تغيب عن الذاكرة.

وللحديث صلة



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5141 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد