كان فيلم (فيصل بن عبد العزيز) الوثائقي من أهم الفقرات المتميزة في ندوة الفيصل التي نظّمتها دارة الملك عبد العزيز الأسبوع الماضي، ففي حفل افتتاح الندوة يوم الثلاثاء الماضي غرة جمادى الأولى تم عرض الفيلم بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز وراعي الندوة، وقد بدت على سموه ملامح التأثر والإعجاب أثناء عرض الفيلم لما يحتويه الفيلم من خطب نادرة للملك فيصل - رحمه الله - ولقطات مؤثّرة تصور مرحلة الفيصل والأحداث التي كانت تمر بها المنطقة ومواقفه الصادقة التي تنم عن إحساسه بعظم المسؤولية تجاه شعبه ووطنه والأمتين العربية والإسلامية. كما صفق الجمهور بعد انتهاء الفيلم بحرارة عبّرت عنها دموع الذكريات لدى الكثير منهم.
تناول الفيلم بفلسفة حديثة وإعلامية وعرض مختصر سيرة الملك فيصل بن عبد العزيز منذ توسم والده المؤسس عبد العزيز فيه النجابة والرجولة، إذ أنابه عنه في رحلة إلى بريطانيا والدول الأوروبية وهو في الثالثة عشرة من عمره مروراً بتوليه الإنابة عن الملك في الحجاز ورئاسة مجلس الشورى وأول وزير للخارجية ثم ولاية العهد ومبايعته ملكاً للمملكة إلى حدث استشهاده. كما استعرض الفيلم المنظمات والهيئات التي ساهم الملك فيصل بشكل أساسي في الانضمام لها أو إنشائها مثل منظمة الأمم المتحدة ومنظمة دول عدم الانحياز وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. وتناول الفيلم اهتمام الملك فيصل - رحمه الله - بقضية فلسطين والقدس بشكل خاص، فقد كانت المحور الأساسي في حياته حتى استشهاده من أجلها.
وقد تخلّل الفيلم مداخلات من أبناء الملك فيصل - رحمه الله -، إذ تحدث كل من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، متناولين القيم الإنسانية الجوهرية التي ارتكزت عليها شخصية والدهم في جميع مراحل حياته.
فقد قال الأمير خالد الفيصل: (إن من قدر الله سبحانه وتعالى لذلك الفتى - الملك فيصل في صباه - أن يختاره والده لتمثيله في أوروبا وإنجلترا وهو في الثالثة عشرة من عمره قبل إتمام توحيد المملكة العربية السعودية، فذهب إلى إنجلترا وتفتحت آفاقه على كثير من ثقافات العالم وقابل الكثير من قيادات العالم وشاهد حضارة ذلك العصر).
وفي مداخلة أخرى لسموه قال: (كان الملك فيصل منظماً في حياته، منظماً في عمله، منظماً في بيته وفي مكتبه وفي تعامله مع الناس، يحترم الوقت ويحترم المواعيد ويحترم العمل).
كما قال سموه: (حلم الملك فيصل للمملكة العربية السعودية يتلخص في جملة قالها في إجابة على آخر سؤال سُئل إياه عشية وفاته عندما قيل له: كيف ترى المملكة العربية السعودية بعد سنة ألفين؟ فقال: أتمنى أن تكون المملكة العربية السعودية بعد سنة ألفين مصدر إشعاع للإنسانية).
كما ذكر الأمير سعود الفيصل أن الملك فيصل - رحمه الله - أسس المبادئ التي رسمت للخارجية نهجها مثل عدم التدخل بالشؤون الداخلية للغير وعدم قبول تدخل الآخرين في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية. وقال سموه: (إنه كان يرى أن السياسة هي جمع المصالح، هذا هو هدف السياسة الخارجية أن تبني المصالح المشتركة مع الدول الأخرى وتكون العلاقات مبنية على هذا الأساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية وبناء المصالح المشتركة من جانب آخر، والسعي للسلام في الأمور الدولية والمحاولة لجعل المؤسسات الدولية مثل مؤسسة الأمم المتحدة مراعية لميثاقها للمبادئ التي أنشئت من أجلها، واستمر هذا النهج في سياسته طوال حياته رحمه الله).
وفي مداخلة أخرى قال سموه: (كان يرتكز على الصدق وكان دائماً يقول إن كثيراً من الساسة يعتقدون أن الكذب هو الذي يوصلهم إلى غاياتهم بينما هو الصدق الذي يجب أنهم يرتكزون عليه).
وفي مداخلته قال سمو الأمير تركي الفيصل: (عندما انطلق الفيصل - رحمه الله - في معالجة الأمور الدولية توجه إلى قناعة أصبحت ركيزة في حياته، وهي أن العمل الجماعي للدول النامية هو العمل الذي سيضمن مصالحها). وقال في مداخلة أخرى: (شرع الملك فيصل - رحمه الله - عندما أسس الحكومة التي فوّضه بها الملك سعود - رحمه الله - عام 82 هـ لوضع برنامج من نقاط عشر وسمي في حينها برنامج النقاط العشر شمل ذلك إعادة النظر في الكيان الأساسي والنظام الأساسي للحكم، كما شمل تأسيس وزارة العمل والعمال وشمل أيضاً تأسيس وزارة العدل وفصل القضاء عن بقية السلطات في الدولة وشمل إلغاء الرق والعبودية، وشمل أيضاً تطوير المناهج العلمية وتوسيع رقعة التعليم للأولاد والبنات).
وفي مداخلة أخرى قال سمو الأمير تركي الفيصل: (سمعته مرة يقول الله يرحمه إن النفط مورد نافق وسينتهي في يوم من الأيام، ولذلك المورد الذي لن ينتهي لدينا هو المورد البشري).
وحول قضية القدس ومكانتها قال الأمير تركي الفيصل: (لو فصلنا وشرّحنا كل خلية في كيان الملك فيصل - رحمه الله - لوجدنا لفلسطين والقدس موقعاً بارزاً في هذه الخلايا عبّر عنه الملك فيصل بكافة إمكانياته حتى إنه عندما استشهد سُمي بشهيد القدس).
قامت بإنتاج الفيلم المؤسسة العالمية للدعاية والإعلان برعاية من مؤسسة الملك فيصل الخيرية ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.