سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير الجزيرة الغراء وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إشارة إلى مقال الأستاذ حماد السالمي الموسوم ب(ثم.. عبر (الفن) لغم (العفن)..؟؟!!) المنشور في جريدة الجزيرة في عددها ذي الرقم 13009 الصادر يوم الأحد 6-5-1429ه.. أشكر كاتبنا الفاضل على كل مقال ينفع البلاد ويفيد العباد في الدنيا والآخرة، وأود أن أشير إلى أن مقاله المشار إليه أعلاه تضمّن أمرين ما كنت أتمنى وجودهما في صحيفة أعمال أخي الكريم يوم لقاء ملك الملوك بعد عمر مديد في طاعة {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ}.. الأمر الأول: زلة قلمه في التضجر من قوائم الممنوعات الشرعية، ولعلها كبوة فارس (وكلنا ذوو خطأ وخير الخطائين التوابون)، حيث يقول: (ننام ونصحو على قوائم من الممنوعات اللفظية والحركية؛ وقاية من الوقوع في الإثم والعياذ بالله، ادخل بهذه القدم واخرج بتلك القدم). ومقولة: (والعياذ بالله) في سياق تضجره من تلك القوائم أربأ بأخي الكريم أن يفهم منها القارئ التقليل من مغبة الآثام، وأسوأ من ذلك أن يُفهم منها الاستهزاء بالسنة الصحيحة، حيث سَنّ المصطفى صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد تقديم الرجل اليمنى، وعند الخروج تقديم الرجل اليسرى، بينما عند دخول الخلاء فقد سَنّ صلى الله عليه وسلم عكس ذلك، وذلك بتقديم الرجل اليسرى عند الدخول والرجل اليمنى عند الخروج. ولا خيار للمسلمين في تنفيذ وامتثال أوامره صلى الله عليه وسلم واجتناب ما عنه نهى وزجر؛ وقاية من الوقوع في الإثم والعياذ بالله، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُولُه أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّه وَرَسُولَه فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}.
ولنحذر من إطلاق الكلام على عواهنه، قال تعالى (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْه رَقِيبٌ عَتِيدٌ). ولنحترس من زلات الألسن، قال صلى الله عليه وسلم (وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم). وإن أنسى فلا أنسى أن الكلمة مسؤوليتها عظيمة، قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ{. وعليه فلنجتنب كل ما يستجلب غضب الله وسخطه، قال تعالى: (قُلْ أَبِاللَّه وَآيَاتِه وَرَسُولِه كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.
وأما الأمر الثاني فهو: إشادته بالفن وأهله وبإنتاجهم الفني والإعجاب ببروزهم وحضورهم خليجياً وعربياً! على الرغم من قول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: (مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام. ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعاً). وعلى الرغم أيضا من قول محدث العصر سماحة الشيخ الألباني رحمه الله: (اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها). ثم طامة كبرى يغص بها الإنتاج الفني ألا وهو تكريس ثقافة السفور المحرم والتبرج المحرم والاختلاط المحرم. وكذا دعوتهم بلسان الحال إلى نبذ الحجاب الشرعي؛ حيث أخذوا برأي من يقول بجواز كشف الوجه، وغفلوا وتغافلوا عن الشروط التي قيد بها أولئك العلماء قولهم بجواز كشف الوجه، ومن تلك الشروط: عدم وضع المرأة للزينة، وكذا عدم لبسها الملابس الضيقة التي تصف حجم أعضاء الجسم ومفاتنه، بل إن الطامة الكبرى أن أس وأساس الإنتاج الفني العنصر النسائي الذي يتسابق ويتنافس على كشف شعر الرأس أمام الأجانب من غير ضرورة شرعية تُقدر بقدرها، ولا يخفى على الجميع أن ذلك أمر منكر ومحرم في الكتاب وفي السنة وبالإجماع في جميع المذاهب دون أدنى خلاف. وليس الخلاف على فكرة الفن؛ فالفن مثله مثل اللسان، يُرجى لصاحبه الأجر العظيم والثواب الجزيل إن استخدمه في الخير والذكر والطاعة، ويخشى أن يستجلب غضب الله وسخطه عليه إن استخدمه في الاستهزاء والغيبة والقول على الله بغير علم. وعليه فلا خلاف على فكرة الفن، إنما الخلاف والاعتراض على آليته وبيئته التي لا تسر، وواقعه الذي لا يشرف؛ فالحذر من مغبة الإصرار على المجاهرة بالمنكرات الفنية {وَاتَّقُواْ فِتْنَة لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّة وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه شَدِيدُ الْعِقَابِ}، ويا هلا بالفن النقي الخالي من المحرمات والممنوعات شرعاً، ويا هلا بالفن السامية أهدافه، النبيلة غايته، المنضبط انضباطاً تاماً بأحكام الشريعة الإسلامية التي قامت وتسير عليها مملكتنا الغالية المملكة العربية السعودية.
عبدالله بن محمد بن دحيم