Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/05/2008 G Issue 13015
السبت 12 جمادى الأول 1429   العدد  13015

في مجاراته لوداعية الفريدي
السبر يؤيد الفكرة ويدعو لنبذ رديء الشعر

 

ليس هناك من شك بأن الشعر هو ديوان العرب وأقصد الشعر الفصيح، ولكن كوننا مجتمع نتعامل مع الشعر النبطي بسبب ارتباطنا بمجالسة الأجداد والآباء ونحن سماع الجيد منه لأنه يعبر عن أحاسيسنا ومشاعرنا ويصفها بكل دقة وخاصة شعر كبار الشعراء القداما لذلك عشقناه وأصبح له وقع وأثر في نفوسنا، فأخذنا نبحث عنه ونحضر الاجتماعات والمناسبات والاحتفالات التي يكون لشعرائه حضورا فيها، وكنا نستمتع بشعر راق فيه إبداع وجودة السبك وجزالة المعنى والدقة في التصوير، وكان الحضور ينصتون للمتحدث، هذا قبل فترة أي قبل ظهور مجلات الشعر وشقيقاتها الفضائيات، أما بعد تلك الفترة فحدث ولا حرج لأن الشعر حصل له نكسة كبرى بسبب غفلة أهله وإهماله وكثرة المتطفلين الذين تسلقوا أسواره وأحدثوا فوضى في ميادينه، وأعني غير المؤهلين في نظمه وإعداد وتنظيمه وتقديمه، ما حدا بعض المثقفين الذين لا يفهمون فيه شيئا إلى محاربته والتحذير منه خشية إفساد اللغة العربية الفصحى ظنا منهم أن هذا شأن الشعر كله، ولعل ما يقدم من برامج عبر أغلب القنوات الفضائية يعد أكبر دليل على تشويه هذا الموروث العريق والأصيل، ونجد في كثير من برامج الفضائيات ما يشبه ضجيج الحراجات مع افتقارها إلى فن التصوير والإخراج والمنتجة والصوت، وتجاهل ذكر بعض المناسبات، كما يلاحظ أن بعض المحاورات التي يتم عرضها كأنها أعدت خصيصا لبث إعلانات للترويج والدعاية لشركات التبغ، وللأسف الشديد أن ذلك يحدث من بعض كبار شعراء المحاورة.

ولأن المملكة تعتبر هي قاعدة الشعر والشعراء منذ زمن بعيد والشعر هنا يتحدث عن قصص وبطولات وأمجاد وعادات وتقاليد أهلها الحميدة المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف، ولكن عدم وجود جهة مسؤولة عنه ترك الباب مفتوحا على مصراعيه، للمتطفلين، وأصبح تراثنا تقام له المسابقات خارج الحدود التي الهدف منها الكسب المادي ويشارك فيه شعراء من أبناء المملكة ويجلب علينا يستثني من ذلك الشعراء المتميزون وبعض الحفلات التي تقام داخل المملكة بطريقة جيدة وإن كانت قليلة جدا ونادرة، والأمنية في وجود جهة يتوفر لديها المكان والإمكانيات حتى تعود للشعر مكانته وتوهجه المعهود.

لم تكن عندي الرغبة للكتابة في هذا الجانب ولكن الذي دعاني هو القصيدة التي نشرت في صفحة (مدارات شعبية) بجريدة الجزيرة العدد 13005، الصادرة يوم الأربعاء 2 من جمادى الأولى 1429هـ للشاعر الأديب الأستاذ رشيد بن محمد الفريدي، لأنها قصيدة متميزة وفريدة في نوعها وقوة المعنى وجودة التعبير والهدف النبيل في زمن قل فيه التراحم والتواصل والوفاء لدى كثير من أفراد المجتمع، لذلك فإنها من وجهة نظري تعد من درر القصائد في الوقت الراهن، ولا يسعني هنا إلا أن أقدم شكري الجزيل للقائمين على جريدة «الجزيرة» الذين عودونا على نشر كل ما هو جيد ومفيد وخاصة صفحة مدارات شعبية، وأنا متذوق للشعر وأتابع الشعراء ولكن لا أسكن قرب مساكن الغاوين، ومن منطلق الإعجاب بهذه القصيدة التي هي من البحر الطويل ومن السهل الممتنع وأبياتها استحوذت على أغلب أحرف القافية، فقد حاولت مجاراتها بالقصيدة التالية، ومعذرة، فقصيدة الأخ رشيد أقوى في السبك والمضمون.

يشوقني سبك المعلم للقصائد والأديب

حرك مشاعر خاطري والقلب للفكر استجاب

والشعر ما نستغربه من شاعر قلبه لبيب

انا اشهد انه صور المعنى بتفكيره وأصاب

والناس شابت ورحلت والوقت نهجه ما يشيب

بس ان طبعه لو صفا يوم يجي فيه انقلاب

ترى الزمن طول الدهر ماله صديق ولا صحيب

وضع الزمن دايم كذا ما بين لين واكتراب

يا رشيد ماني لا يمك لوشب في قلبك لهيب

هذاك من زود الغلا لاخوك يا ذيب الذياب

ويوم انت غادرت الرياض القصد واضح يالنجيب

ما لامك الا من بقلبه لون من ريش الغراب

بعذرك تحن من اجلها وبعذر قلبك لو يذيب

فراق الاحبه يالوفي في القلب جاب لك التهاب

عساك في رحلتك يا حسن النوايا ما تخيب

غايتك هي وصل الرحم وإيمانك بربك زهاب

أعدت تاريخ الوفي الزير سالم مع كليب

فعل المهلهل ما خفى وأعداه من فعله تهاب

انا ادعو الله لك على فعلك عسى الله يستجيب

ما دام هذا مقصدك فابشر من الله بالثواب

واللي يوصي بالقطيعه لو يلوم ولو يعيب

من قاطع الارحام ما يفلح على فعله وخاب

والا الردي لو يشتكى له طول عمره ما يثيب

والبخل منهو منهجه يموت ما عدل وتاب

ذا الوقت يا قل الوفاء فالناس يالشهم العريب

لعل تجار الحسد تطيح من رؤوس الهضاب

ان جيت قلنا يا هلا وان رحت في دربك مصيب

نجيك والا أنته تجي ما صك دون الطيب باب

شعرك مطرز من ذهب من دون شك ودون ريب

ما يكتبه يا كود مثلك والمشاهير النجاب

اليوم اشوف تراثنا متروك ما حوله رقيب

تلعب به الجهال مشلول من اطرافه مصاب

عبر الجزيرة بشتكي وانا شد الطيب واهيب

واقول للي يجهله ممنوع منه الاقتراب

ما كل من يرمي الهدف بسلاح وذخيره يصيب

هاذي حقايق واضحه من غير لوم ولا عتاب

عبدالله بن حمد السبر- الرياض


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد