Al Jazirah NewsPaper Monday  19/05/2008 G Issue 13017
الأثنين 14 جمادى الأول 1429   العدد  13017
المساهمات العقارية
وعود ونكوص وتنظيمات عاجزة (2- 2)
د. عبد المجيد محمد الجلال

في المقابل يمتطي المساهمون صهوة جواد الآمال والأحلام، والأهداف والرغبات، بحياة هنية، وعيشةٍ سنية، ومستقبلٍ مشرقٍ، لهم ولأبنائهم، يترقبون ساعة قطف ثمرات الوعود والعهود، وجني حصاد السنين، ولكن سرعان ما تتبخر هذه الآمال والأحلام، بواقعٍ يتجاوز كل ذلك، ويتفاوت في شدته، فقد يكون مراً بكل أنواع المماطلة والتسويف، واختلاق الأعذار والمبررات، يتجرعه المساهم لسنوات قد تطول أو تقصر، وربما تعود إليه وديعته، بهامش من الربح، ولكنَّها وفقاً لاعتبارات الجدوى الاقتصادية تعتبر فرصة استثمارية فاشلة بامتياز.

وقد تكون نتائج المساهمة أشد مرارة، حين يفقد المساهم كامل وديعته، ويدخل مع إدارة المساهمة في قضايا حقوقية، ومنازعات قضائية، قد يخرج منها منهك القوى، خائر العزيمة، وإن ظلَّ يتعلق بقشة أمل، هي كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً.

ولكن من المسؤول عن وجود هذه الظاهرة، واستمرارها خلال الزمن! خاصة مع وجود حزمة متكاملة من النظم والتنظيمات التي يفترض أن تحيط بالنشاط المجتمعي لمنع التجاوزات، وسائر التصرفات الاحتيالية والاستغلالية!!

المسؤولية تقع على نحوٍ أرجح على من أصدر التراخيص والأذون لمثل هذه المؤسسات العقارية لممارسة هذه النوعية من الأنشطة الاستثمارية، دون أن يقرنها بآلية للرقابة والمتابعة والمحاسبة، تكبح جماح النفوس العطشى إلى أكل أموال الناس بالباطل، وتُلزم أصحاب المساهمات بالوفاء بتعهداتهم لجمهور المساهمين، في المدد الواردة في العقود والنشرات الدعائية، وتعمل هذه الآلية كذلك على معالجة الإشكاليات والمعوقات التي تحول دون الوفاء بها في وقتها المحدد. فضلاً عن ملاحقة المتهربين قضائياً، والعمل على تغليظ العقوبات المفروضة عليهم، ليتعظ بهم من تراوده نفسه العبث بأموال الناس وحقوقهم.

وقد يقع جانب من هذه المسؤولية كذلك، بدرجة أو بأخرى، على عاتق المساهمين أنفسهم، لعدم تلمسهم منافذ الاستثمار الملائمة، وجدواها الاقتصادية، وسلامة إطارها القانوني والإداري.

قد تكون صياغة النظم والتنظيمات عنصراً مهماً ولازماً لتنظيم عموم النشاط الإنساني، وفق قواعد سلوكية منضبطة، ولكن العنصر الأهم يتمثل في تفعيل العمل بكل بنودها ولوائحها، بما يكفل سيادة ميزان العدل والقسط في التعاملات البشرية، وتعزيز منافذ الاستثمار الخالية من شوائب النصب والاحتيال، وتعزيز مبادئ التجارة والتاجر الصدوق، وكشف المتلاعبين بأموال الناس وتعريتهم، وإضفاء المزيد من الثقة والشفافية على منافذ الاستثمار المختلفة، ليتسنى للجميع تثمير أموالهم في أجواءٍ استثمارية آمنة.

والأمل أن تشهد المرحلة المقبلة، في إطار المنظومة الإصلاحية التي تنهض بها الدولة مزيداً من الإجراءات والآليات التي تسهم في تنظيف أجواء منافذ الاستثمار الحالية، وتحسين بيئتها القانونية والهيكلية والإجرائية، والأمل كذلك أن ينهض مجلس الشورى بدوره الرقابي بشكل أفضل!!!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد