Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/05/2008 G Issue 13020
الخميس 17 جمادى الأول 1429   العدد  13020
ثلاث وقفات مع مقالة د. البريدي

قرأت مقال (مستقبلنا يخاطبنا) للدكتور عبدالله البريدي في عدد الجزيرة رقم 13011 الصادر يوم الثلاثاء الموافق 8- 5-1429هـ وهو بمجمله رائع وجميل، ولي معه ثلاث وقفات دارت في خلدي أثناء قراءته أحببت أن أطرحها.

الوقفة الأولى:

أشار الدكتور إلى أن النسق القيمي في المجتمعات الإنسانية قابل للتغيير، وهذا لا غبار عليه إذا استثنينا النسق القيمي الأخلاقي الإسلامي، فهذا نسق ثابت وذا قيم حقيقية، وحقائق ثابتة تأبى على النسبية والتغيير مثل: الصدق والعدل والأمانة والعفاف والوفاء.. إلخ ولا يمكن التواضع على قيم مخالفة لها. وهذا النسق الأخلاقي الإسلامي في مقابل نظرية (سلم القيم) في المنظور الغربي، الذي يرتب القيم حسب الأولويات والمصالح، ولكونها -حسب رؤيتهم- نسبية اعتبارية، تختلف من زمن إلى زمن، ومن مجتمع إلى آخر بمعنى أن القيم غير ثابتة، ويصح استبدالها بأخرى. ولكن الصحيح أن القيم نوعان: ثابت ومتغير، والمتغير متعدد سواء حمل صبغة فكرية، أو ثقافية، أو سلوكية، أو عملية، وهو منتج بشري، والثابت هو القيم الأخلاقية الإسلامية المنبثقة من النصوص الشرعية.

الوقفة الثانية:

هو ذلك النسق الفكري الضيق، لذلك الشاب الذي قال للدكتور كما ورد في مقاله (.. لا يصلح أن نعمل عقولنا.. تكفينا النصوص الشرعية) فهذه العبارة خطأ، فالنصوص الشرعية تتساوق مع العقل ولا تعارضه، فبالعقل نفهمها ونميز بين درجاتها ومراتبها، ونستنبط منها المعاني الصحيحة الكاملة للحكم الشرعي الصحيح. وبالعقل نراعي مقتضى الحال والمصلحة والواقع المحيط، ونختار الأصلح والأنسب الذي يتماشى مع النص، ويكون مردوده إيجابياً على الفرد والمجتمع. فالعقل مع النقل (النصوص الشرعية) كجانبي السلم اللذين يقيمان ويحافظان على درجاته. فالعقل له مكانة كبيرة، ولكن عندما نعطله يصبح آلة يحركها الآخرون، فلا يصح أن نسلم عقولنا لأحد، فإعمال العقل والتعقل شرط في حياة كريمة راقية. وقد أكد القرآن الكريم أهمية التعقل في تسع وأربعين آية.

الوقفة الثالثة:

قال الدكتور (مستقبل المجتمعات العربية يؤكد على أهمية التلبس بالتسامح مع القريب والبعيد ولا سيما في الجوانب الدينية وذلك في دائرة الثوابت المقطوع بها فالتسامح سمة سوف تجنبنا الدخول في معترك الخلاف والتناحر) فالتسامح صفة جميلة، ومن روح الإسلام وهدايته، وفي لحمته وسداه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة) صححه الألباني رحمه الله، وله شواهد صحيحة من الكتاب والسنة.

والتسامح قيمة لا تحتاج إلى التلبس، ويجب أن تكون من سجية المسلم فلا يتلبس بها ويخلعها متى شاء ويكفي من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده) وقوله صلى الله عليه وسلم (.. وخالق الناس بخلق حسن) والناس هنا هم جميع من يعيش على هذه الأرض من بني آدم بجميع أجناسهم ودياناتهم، وقال صلى الله عليه وسلم (يسروا ولا تعسروا). فحسن الخلق واجتناب أذى الناس من قيم التسامح، والتيسير مرادف له.

وعدم تربية الأجيال القادمة على ذلك خطأ منهجي يجب تداركه. أما الثوابت المقطوع بها فليس فيها خلاف أو تناحر بين المسلمين أو مردودات غير إيجابية.

سليمان صالح الدخيل الله
بريدة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد