Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/06/2008 G Issue 13032
الثلاثاء 29 جمادى الأول 1429   العدد  13032
علاقاتنا الاجتماعية إلى أين؟
د. عبدالرحمن بن سعد العجاجي

نوعية وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي نعيش في ظلها تدل على مدى شعورنا بالسعادة من عدمها؛ لذلك نجد أن العلاقات مطلب مهم للحياة... والإنسان بدون بني جنسه يحس بالغربة. عندما تنظر للعلاقات الاجتماعية بين الناس اليوم وتمحصها ستجد أنك حائر في تقييمك لأي علاقة بسبب أن بناءها لا تجد له المرجعية الصادقة غالباً، كما هي العلاقات التي كانت سابقاً ذات محاور ودلالات اجتماعية تعايشية وفق روابط اجتماعية مبنية على قيم وضوابط اجتماعية أساسها الوضوح والشفافية والمصداقية؛ مما يعطيها قيمة وأثراً في التفاعل الاجتماعي.

المتتبع للعلاقات الحالية بين الناس يجد التفاوت بينها هذا التفاوت نتج من وجهة نظري عن عدد من العوامل منها:

- التسارع في النمو الثقافي والتكنولوجي والاقتصادي مما سبب تباعداً فكرياً بين الجيلين المتعاقبين وهذا يعني أن التباعد يزداد بتعدد الأجيال.

- ارتكاز العلاقات على الجانب التجاري بشكل كبير وهذا نسبة الاختلاف فيه تتزايد وتتغير بحسب نسبة العائد المادي وسرعة زمن تحقيقه.

- توفر الاحتياجات الضرورية للناس وبالتالي الإحساس بالاستغناء عن حاجة الآخرين.

- تداخل الثقافات بين الشعوب لتوفر وسهولة التواصل بينها في شتى المجالات ومن ضمنها السياحة الخارجية التي تكاد تكون جزءاً من التقاليد والأعراف المجتمعية، وهذه توفر علاقات بديلة وكثيرة ولكنها سريعة مؤقتة.

نظرت وتأملت بعض العلاقات بين الناس وخرجت بأمرين أساسيين وقد يكون لهما ثالث ورابع ثانويان:

الأمر الأول: إن بعض العلاقات تشابه إلى حد كبير علاقة بعض الموظفين (غير المخلصين) بوظيفتهم حيث يقدم الموظف واجباً وجهداً قل أو كثر بغض النظر عن ما سيضيفه لهذه الوظيفة وللمجتمع؛ فالهدف الوحيد في ذهن وفكر ذلك الموظف هو متى يتسلم راتبه ويغضب إذا حوسب أو خصم عليه نتيجة تقصير ويبدأ بالتذمر والبحث عن البديل إن أمكنه ذلك أو يبقى عليها إلى أن تفرج؛ لذلك علاقة كهذه قد تتعرض لهزة بسيطة تعصف بها وأثرها سيكون مؤلماً لأحد طرفيها؛ لكون أحد طرفيها فقد الإخلاص ولم ينظر في علاقته إلى الجانب الآخر والأثر الإيجابي الذي يجب عليه أن يضيفه إليه.

الأمر الثاني: يصور بعض العلاقات بما يشبه علاقة الفلاح بفسيلة غرسها ورعاها واهتم بها إلى أن أكل من ثمرها وتظلل بظلها فتجده يعدل المعوج ويزيل الفاسد ويقدم العناصر المفيدة لها؛ لذا تجد أن كليهما لا يستغني عن الآخر؛ حتى أصبح لهما وحدة المصير، وهذا ما يقوم به الصديق الصدوق - الأخ الذي لم تلده أمك.

الأمران كل منهما ساد في حينه...

الأول يحتل الريادة في عصرنا الحالي؛ فمعظم العلاقات ليست مبنية على الإخلاص المتبادل؛ ولذلك إذا لم يكن لها مردود مادي (سريع) تزول وقد تتحول إلى عداء، بينما الثاني بقي بنسبة أقل بكثير في نفوس وعقول من يملكون رجاحة في العقل وتجربة مروا بها وتوارثوها جعلتهم يخلصون لمن يربطون معه العلاقة فهم ينظرون إليها على أنها حاجات ضرورية يجب أن يُقِيموها ويُقيموها. والأمر الثاني هذا كان يحتل الريادة في العصر السابق لوجود عوامل مشتركة تربط كافة أطياف المجتمع؛ وبالتالي أصبح الإحساس بالتعايش المشترك هو السائد؛ وبناء عليه تكونت علاقات إيجابية بعضها مستمر حتى الآن لوجود من يمدها بالود والنقاء ومن يعتبرها برّاً وصلة بوالديه (وصلة صديقهما)...

كم من رابطة اجتماعية (دينية) فقدت بين الأقرباء وذوي الأرحام امتدت نتائجها السلبية إلى الأبناء!

كم نحن في حاجة إلى أن نستعيد ما فقدناه من علاقات وروابط اجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد على جميع المستويات!

كم نحن في حاجة إلى أن تكون علاقاتنا مبنية على الود والنقاء والبر والتسامح دون أن نغفل مصالحنا المشتركة المشروعة!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد