Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/06/2008 G Issue 13032
الثلاثاء 29 جمادى الأول 1429   العدد  13032
تجسيداً لرغبة قيادتي الرياض ومدريد في تعزيز العلاقات الثنائية
ولي العهد يبدأ زيارة تاريخية لإسبانيا تدفع مسيرة التعاون المشترك في كافة المجالات

مدريد - موفد الجزيرة - سعد العجيبان

يبدأ غداً الأربعاء صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام زيارة رسمية لمملكة إسبانيا تستغرق يومان، يلتقي خلالها جلالة ملك اسبانيا خوان كارلوس حيث يبحث عدد من الموضوعات الهامة ذات الاهتمام المشترك إضافة إلى بحث تعزيز التعاون المشترك بين الرياض ومدريد.

وتكتسب زيارة سمو ولي العهد أهمية بالغة كونه وليا للعهد لخادم الحرمين الشريفين، ولما له من إسهامات محلية ودولية هامة ومواقف قوية تجاه الكثيرمن القضايا الساخنة، كما تتمثل أهمية الزيارة بأنها زيارة تاريخية لشخصية هامة صانعة للقرار السياسي والاقتصادي والثقافي.

ترسيخ العلاقات بين الرياض ومدريد

وتأتي زيارة سمو ولي العهد امتدادا لتطوير العلاقات الثنائية بين المملكة واسبانيا والتي دخلت منعطفا جديدا خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في يونيو الماضي لاسبانيا إذ تم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية في عدة مجالات عززت علاقات التعاون بين البلدين وطورتها، كما عكست الزيارة الأخيرة التي قام بها جلالة ملك اسبانيا للمملكة أواخر الاسبوع الماضي حرص قيادة البلدين على تطوير العلاقات المشتركة لتشمل مجالات أرحب من التعاون في كافة المجالات، وتم التوقيع على اتفاقيتين للتعاون الامني والسياحي.

وتعمل قيادة البلدين ممثلة بخادم الحرمين الشريفين والملك خوان كارلوس على ترسيخ العلاقات بين الرياض ومدريد التي تربطهما علاقات قوية ومتينة تعود إلى أكثر من خمسين عاما بدأت في عام 1957م.

علاقات امتداد لتاريخ ضخم صلب

تدرك قيادة البلدين أن العلاقات السعودية - الاسبانية ليست علاقات تقليدية أو علاقة مصالح مشتركة فحسب بل هي امتداد لتاريخ ضخم وليد إرث ثقافي وحضاري صلب القاعدة. ومما يعززعلاقات التعاون بين البلدين الصديقين الاتفاقيات القائمة بينهما ومنها:

- اتفاقية تعاون فى المجال الثقافي وقعت عام 1404هـ تشمل التعاون فى مجالات التعليم العالي والبحوث وتعليم اللغات وتشجيع التعاون بين الجامعات.

- اتفاقية للتعاون فى المجال الجوى وقعت عام 1408هـ?.

- مذكرة تفاهم بشأن المشاورات الثنائية السياسية بين وزارتي الخارجية في البلدين تم توقيعها في الرياض عام 2006م وهي واحدة من أهم الاتفاقات الثنائية بين البلدين الصديقين.

- اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين المملكة واسبانيا تهدف لتشجيع وحماية استثمار مواطني الدولتين في الدولة الأخرى من خلال توفيرالأسس القانونية التي تساعد على زيادة النشاط الاستثماري مع منحهم المعاملة الوطنية ومعاملة الدولة الاولى بالرعاية.

- كما شهدت زيارة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله العام الماضي لاسبانيا الإعلان عن إنشاء صندوق البنى التحتية الأسباني السعودي برأسمال قدره مليار دولار لتمويل عدد من مشاريع البنية التحتية في المملكة...إضافة إلى التوقيع على عدة اتفاقيات هي:

- اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي بين المملكة واسبانيا في شأن الضرائب على الدخل وعلى رأس المال ولمنع التهرب الضريبي.

- مذكرة للتفاهم في المجالات الصحية بين وزارة الصحة في المملكة ووزارة الصحة والاستهلاك في مملكة إسبانيا.

فيما شهدت زيارة ملك إسبانيا للمملكة أواخر الأسبوع الماضي التوقيع على:

- اتفاق حول نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية بين المملكة واسبانيا.

- برنامج تنفيذي للتعاون في مجال السياحة بين الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمملكة ووزارة الصناعة والسياحة والتجارة بإسبانيا.

3.5 مليارات دولار حجم التبادل التجاري السنوي

وتم تأسيس صندوق استثماري بين رجال الأعمال في البلدين تصل قيمته إلى خمسة مليارات دولار للاستثمار المشترك في البلدين.

وبلغ حجم الميزان التجاري بين المملكة واسبانيا اكثر من 3.5 مليار دولار امريكي سنوياً، وتعد المملكة ثاني أكبر دولة في الشرق الأوسط تصدر لها أسبانيا بما يقارب 770 مليون دولار سنوياً. وتشتمل حركة التبادل التجاري على منتجات الصناعة الكيماوية ومايتصل بها والمنتجات المعدنية ومصنوعات الأنسجة والمعدات الطبية والجراحية والمصنوعات الخشبية وسلع ومنتجات أخرى.

مواجهة المتغيرات الاقتصادية

وتدرك المملكة ضرورة الإعداد لمواجهة المتغيرات الاقتصادية الجديدة وانعكاسات تلك المتغيرات على فرص التبادل الاقتصادي والتجاري مع شركاء اقتصاديين هامين للرياض، فهذه الدول بصفتها الشريك الاقتصادي الأكبر للمملكة فإن دعم العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري معها سيكون مهما لمواجهة المتغيرات الاقتصادية القادمة، بينما تنظر هذه الدول إلى المملكة على أنها مصدر آمن للإمدادات البترولية ويمكن الاعتماد عليه على المستوى الدولي بشكل عام.

اهتمام المملكة في خدمة الإسلام

وفي اطار اهتمام وحرص المملكة على اعمار بيوت الله وخدمة الاسلام والمسلمين في كل بقاع الأرض، افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وفي مناسبة تاريخية في شهر سبتمبر عام 1992م وبحضور جلالة الملك خوان كارلوس ملك اسبانيا المركز الثقافي الاسلامي في العاصمة الاسبانية مدريد الذى شيد على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز- رحمه الله - وأصبح المركز صرحا ثقافيا كبيرا وشاهدا حضاريا على عمق العلاقات الودية بين المملكة واسبانيا وعلى متانة التواصل الثقافي والحضاري بين الامة العربية والاسلامية من جهة والامة الاسبانية من جهة اخرى.

التعاون الثقافي

وفي جانب التعاون الثقافي بين البلدين احتضن قصر المؤتمرات في العاصمة الاسبانية مدريد في شهر مايو عام 2005م أياماً ثقافية سعودية تحت عنوان (ألوان من المملكة العربية السعودية) اشتملت على عروض ثقافية وفنية متنوعة تعكس مدى أصالة الحضارة في شبة الجزيرة العربية.

تقارب في المواقف السياسية

سياسياً يجمع المملكة واسبانيا قاسم مشترك تجاه السلام في المنطقة يؤكد تقارب وجهات النظر بين البلدين تجاه تلك القضية...إذ تنطلق العلاقات بين البلدين فى هذا الصدد من أرضية مشتركة، فمدريد انطلقت منها عملية السلام فى الشرق الاوسط وأسفرت عن وضع أسس للسلام على مبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الشرعية الدولية، فيما انطلقت من الرياض المبادرة العربية للسلام على مبدأ الانسحاب الكامل مقابل السلام الشامل.

وتؤكد مدريد عدم استعدادها للتخلي عن ثمار الحضور العربي والإسلامي في أسبانيا على مدى عدة قرون، ويتجلى ذلك من خلال علاقة تتسم بروابط مميزة مع العالم العربي يلقيان على عاتق مدريد مسؤولية الانخراط من أجل تشجيع السلام في الشرق الأوسط.

زيارة التحول في العلاقات المشتركة

زيارة سمو ولي العهد إلى إسبانيا تعكس رغبة قيادة المملكة القوية في تنويع صداقاتها وشراكتها مع الدول الغربية تأكيدا لالتزامها بمثل التسامح والتفاهم والتنوع بين المجتمعات وأهمية الحوار والحلول السلمية للنزاعات.

وتنبئ هذه الزيارة عن التحول الجديد في العلاقات السعودية - الاسبانية الذي وضع دعائمه خادم الحرمين الشريفين والملك خوان كارلوس، وتشكل معلما لتنمية التفاهم وتعزيز التعاون والشراكة في إطار المصلحة المشتركة بين البلدين. كما انها تعكس نظرة القيادتين الاستراتيجية والواسعة وتؤكد عزمهما على العمل سويا عن قرب لرفاهية ومصلحة شعبيهما ولخدمة السلام والاستقرار في المنطقة وفي العالم.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد