Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/06/2008 G Issue 13032
الثلاثاء 29 جمادى الأول 1429   العدد  13032
لا تناظر الساعة
حمد عبدالرحمن المانع

تراقب الساعة، وتحديداً مؤشر الدقائق، وهو يسرق الثواني من رصيدك، وأعني بذلك الوقت أو بالأحرى العمر رغماً عنك (وعيونك طايره) ولا تستطيع منعه أو إيقافه إلا إذا قمت بكسره وإطاحته أرضاً، غير أنه سيستمر في سلب الرصيد ليتناقص، ولا تعلم بالرصيد المتبقي فهذا علمه عند علام الغيوب، هذا المؤشر الجريء والذي تحمله في يدك ليسحب من رصيدك كيف يشاء، تنشأ بينك وبينه علاقة حتمية من خلال العامل المشترك وهو الوقت سر الوجود بل وسر الأسرار الذي لا يعلم خوافيه إلا من خلقه وقدره، وتتباين مستوى العلاقة مع هذا المؤشر فتارة تكون حميمية لاسيما وأنت تنتظر حدثاً سعيداً لتدق ضربات قلبك مع دقاته باختلاف سرعة الضربات تبعاً للحالة المصاحبة للموقف، وتارة تنشأ علاقة عدائية يغلفها التوتر والقلق وتتمنى أن لا تنظر إلى جسمه النحيل الذي يوحي لك بفقر الدم وسوء التغذية نحيف وبالكاد يرى وفي نفس الوقت (غثيث) لا سيما وأنت تنتظر رجل المرور ليسهم في تسوية حادث وقع لك، أو موظف لابساً ساعة بحجم رأس طفل، لينهي معاملتك غير أن المؤشر البيروقراطي في ساعة بحجم رأس طفل، لينهي معاملتك غير أن المؤشر البيروقراطي في ساعة الموظف وبالرغم من رحابة المكان واتساع المساحة المتاحة والميناء الذي يسكن فيه وتتطارد فيه الخيول مع حفظ الحقوق للمبالغة، إلا أنه لا يحرك ساكناً مع إحساس هذا الموظف والشيء الجميل أنه يسلب من رصيده، وهذا أقصى ما يبرد على قلبك، واللافت أنك تنظر إلى مؤشر ساعتك في إشارة سريعة إلى الموظف للإيحاء بأن ينجز معاملتك وعتب على استحياء من قلق التأخير الذي تعيشه في نفس الساعة والدقيقة، بل والثانية، في حين أن الثانية عند الموظف قد تمتد إلى ثالثة ورابعة، وأخشى أن يعملها ويتزوج الرابعة، وهنا ندخل في مجال التخفيضات أي أربعة في اثنين، بمعنى أن المعاملة عند الموظف سيلحقها تسهيلات، فالثانية عندك بأربع (وابسط يا عم) فرص تأتيك بالهبل والله ما الهبل إلا تعيين هذا الموظف البائس في المكان البائس والاختيار البائس وتحديداً اختيار الدائرة لهذا الموظف، وإياك أن تنطق بكلمة أو تنبس ببنت شفة، كأن تقول له وبكل أدب: لو سمحت خلص المعاملة، لأنك في هذه الحالة ستندرج في قائمة المزعجين وهذا يعني أنك مارست استفزاز مشاعر الموظف الرقيقة التي وأرق من شرائح (السمبوسة)، والغريب في الأمر أن هذا الموظف الذي يتقوت من سلة التبريرات الجاهزة، وآمل أن لا ترتبط الصناعة الحضارية بهذا المنتج أو حتى مجرد التفكير فيه، لكي لا نجد في الأسواق تبريرات معلبة وحتماً ستكون مثلجة شأنها بذلك شأن الأيسكريم لأنها لا تصلح إلا باردة لاستهلاك موظف بارد، ولا مانع من مزج هذا المنتج بكم هائل من التملق والتزلف لكي يتطابق مع المواصفات التي أعدت من أجله، ولا يقف التعامل مع المؤشر عند هذا الحد، فحياتنا مرتبطة ارتباطاً وثيق الصلة مع المؤشرات، ففي السيارة مثلاً كم ليس باليسير من المؤشرات، فبينما تكون الرغبة في ارتفاع مؤشر تكون الرغبة في نفس الوقت في انخفاض آخر فمؤشر البنزين تتمنى أن يتجمد ويقف عند امتلاء خزان الوقود ولاينزل بينما في حالة مؤشر الحرارة تتمنى العكس، غير أن مؤشر السرعة يظل الأهم والأخطر، فإذا كان مؤشر الساعة يسلب الوقت منك قسراً ورغم أنفك، فإن مؤشر السرعة قد يسلب حياتك كلها، بملء إرادتك، أي أنك الذي تفرط في النعمة التي وهبها الله لك وهي عقلك الذي يستطيع التمييز وحسن التقدير خصوصاً في التعامل مع هذا الحديد الذي لا يرحم، فإن أنت خففت من وطأة قدمك على دواسة البنزين، فإنك ستحافظ على حياتك وحياة الآخرين بتحقيقك أكبر قدر من التوزان، والهدوء والتعقل في القيادة، فضلاً عن أنك ستسهم كذلك في توفير (دراهمك) ببقاء المؤشر الآخر وهو مؤشر البنزين على مستوى يحقق لك الأمان النفسي والاجتماعي والاقتصادي، لتثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن مستوى الوعي أجدر بتحقيق المنافع التي تأملها ويأملها مجتمعك منك بتعاونك على البر في هذه الناحية، لتسد نفس مؤشر البنزين المتعطش لشرب البنزين، فلا تكن كريماً بهذه الناحية لأنه سيتمرد عليك ويجرك إلى سوء العاقبة، أسأل الله السلامة للجميع، وأن تهدأ المؤشرات جميعها، وفقاً لهدوئنا في التعامل معها، وكل ما ورد في السياق والحديث عن أنوع المؤشرات (كوم) ومؤشر الأسهم (كوم) وللتعامل مع مؤشر الأسهم فإني أنصحك بأن (تضبط) لك شاياً بالزنجبيل خصوصاً في هذه الأجواء الباردة، وأن تتناول بعد ذلك (أتخن) بطانية لديك، وتلتحف بها لعلك تجد في الأحلام ما يعوض عليك وينسيك المؤشرات وهمومها.



hamad_yemco@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد