Al Jazirah NewsPaper Friday  06/06/2008 G Issue 13035
الجمعة 02 جمادىالآخرة 1429   العدد  13035
جشع التجار
عبد الله الرفيدي

غلاء الأسعار العالمي ظاهرة ينبغي لنا أن ننظر إليها بعين واسعة وعقل محلل لمعرفة الأسباب والآثار المترتبة على ذلك. وقد علمنا أن الأسباب تكمن في ارتفاع استهلاك دولتين فقط وهي الهند والصين نظرا للنمو الاقتصادي الكبير للدولتين، وقد تم الترويج لهذا السبب كثيرا، وهنا نسأل ألم يكن هناك ثورات مماثلة في اليابان وكوريا وأوروبا وأمريكا ولماذا لم تؤثر في الاقتصاد العالمي. والسبب الثاني هو ارتفاع أسعار النفط الذي ألقى بضلاله على المصانع المنتجة والمواطن على حد سواء في الدول الأوروبية وأمريكا.

وأخذت الأصوات تعلو لرمي الكرة في ملعب الدول المنتجة وبخاصة أوبك.

وان تتبعنا الأمر لوجدنا أن الضريبة على الطاقة في هذه الدول قد تجاوزت الضعف أو اقتربت من ذلك، يضاف إلى ذلك أن المضاربة على النفط والتي أدت إلى ارتفاع سعره تتم في أسواق هذه الدول ولابد من وجود قوة مالية ضخمة قادرة على المضاربة اليومية.

والسبب الأخير هو انخفاض سعر الدولار أكثر من 40%.

إن هذه الأسباب التي سيقت لنا لا ينبغي أن نتعامل معها كمعلومة اقتصادية فقط دون أن نبحث فيها.

فأوروبا لم تستاء من انخفاض الدولار كثيرا ولم تخفض الضريبة لمواجهة ارتفاع سعر النفط.

وقد لا يعلم القارئ أن نكبة الرهن العقاري الأمريكية قد تم تأجيل إعلانها اربع سنوات تقريبا وانه كان معلوما ان هناك انحدارات اقتصادية سوف تحدث من جراء ذلك.

ومن اجل التهرب من المسؤولية نجد ان الدول المستهلكة الكبرى ما تلبث ان توجه التهم للدول المنتجة بأنها خلف الأضرار الاقتصادية ويساهم الإعلام في الترويج للفكرة بين حين وآخر.

وان كنا قد وجهنا العين صوب المتسبب الحقيقي واتهمناه بالمؤامرة المتعمدة لتحقيق أهداف لم تظهر جلية حتى الآن فإنني القي باللائمة على التجار المحليين الذين استغلوا الأمر لتحقيق الأرباح على حساب اقتصاد وطن ومواطن، وان كنا نقبل بعض الشيء ارتفاع عدد من السلع المستوردة فإننا لا نقبل رفع سلعة منتجة محليا أو القيام برفع سعر عقار قائم أو دواء حتى وصل الأمر إلى التراب.

والغريب ان التجار أصبح لديهم الجرأة في التلويح برفع الأسعار وإلقاء اللائمة على أسباب خارجية ليبرروا فعلتهم.

ونلاحظ أن كثيرا من السلع تضاعف سعرها بشكل لم يعد معه المواطن متوسط الدخل يستطيع تداركها أبدا، في الوقت الذي نجد فيه أن المملكة تفرض أقل جمارك في العالم وتتمتع بسوق مفتوحة وبتكاليف أقل بكثير ويحصل التاجر والصانع عليها ولا يشكران الله على هذه النعمة.

وان كان الله قد ابتلانا بجشع التجار فقد كان الوقوف امامه وبقوة أمرا ضروريا.

فلم نسمع ان وزارة التجارة قامت مثلا بمسح ميداني لمعرفة سعر السلعة المستوردة الحقيقي ولم تحد من ارتفاع أسعار العقار وغيرها من الجهات الحكومية مثل وزارة الصحة التي تحدد أسعار الدواء في الوقت الذي نجده ارخص في مصر مثلا.

قامت وزارة المالية بوضع حلول مالية من خلال الدعم الذي ما لبث أن استغله التجار لتحقيق المزيد من المكاسب.

ولو تم تطوير الجهات الرقابية وتشديد العقاب على المتلاعبين وسن الأنظمة بتكاليف أقل لكان الأمر أكثر نجاحا.

ان ولاة الأمر حريصون جدا على رفاهية المواطن والتخفيف من الأعباء عليه وعلينا جميعا ان نشعر بهذه المسؤولية لا أن تجرفنا الأطماع فنضيّق على المسلمين لتصل الأمور بعد ذلك إلى مستوى لا نكون قادرين بعد ذلك على إصلاحه.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد