Al Jazirah NewsPaper Friday  06/06/2008 G Issue 13035
الجمعة 02 جمادىالآخرة 1429   العدد  13035
الدعم المالي في المجال الرياضي... سراب يستحيل إدراكه

تشتكي العديد من الأندية من العجز المالي بشكل دائم بل أصبحت المبرر التي تعلق عليها النتائج السيئة التي تحصدها فما السبيل للخروج من هذا المأزق؟؟؟

إن الرياضة ظلت ولفترة طويلة خارج اهتمامات الاقتصاد لكن الشواهد الحديثة أثبتت أنه إلى جانب الترفيه فاتصالها وثيق بالقيم الاستهلاكية والصحية والإنتاج فهي تدخل في إطار الدورة الاقتصادية سواء باعتبارها منتجا أو شريكا للإنتاج أو كقيمة مضافة، وهناك دراسات فرنسية مهتمة بالميدان أثبتت أن الرياضة ما فتئت تمارس من قبل قاعدة عريضة بل في أحيان كثيرة أصبح يخصص لها جزء مهم من الدخل الفردي، حيث إن الاستثمار في المجال الرياضي أصبح يعرف نموا يقدر بعشرين في المائة سنويا كما أن تسعين في المائة من الميزانية العائلية المخصصة للرياضة في أوروبا توجه نحو شراء الملابس والمجلات وحضور المباريات الرياضية وإغفال هذا الجانب من طرف الفاعلين في الميدان الرياضي خصوصا بالعالم الثالث يشكل خطرا لا على السير الطبيعي للأندية بل على مقاومتها للمتطلبات الاقتصادية لأنديتهم.

فإن لم تكن هناك موازنة بين المداخيل والمصاريف بمختلف أنواعها بما فيها مستحقات اللاعبين يجعل العجز الدائم هو القاعدة وأن تراكمه يؤدي إلى غياب النادي أو مجموعة أندية على الساحة الرياضية فالأزمة بالنسبة لأندية العالم الثالث أصبحت هي القاعدة في حين أن تحقيق أي توازن مادي يبقي ضربا من الخيال وحلما صعب المنال إن لم نقل سرابا يستحيل إدراكه لكن ما سر تجاوز هذه الأزمة من طرف أندية العالم المتقدم؟؟؟

إن المسألة لا تتعدى كون الأندية الرياضية في العالم المتقدم تعمل كمؤسسات اقتصادية على رعاية مصالحها التجارية وتهدف قبل كل شيء إلى جعل الرياضة مصدرا للربح ووسيلة دعاية ناجحة خصوصا وأن العصر الحديث يشهد ارتباطات كبيرة بين الرياضة والمصالح التجارية لما في ذلك من منافع متبادلة فلا عجب إذا علمنا أن العديد من أندية كرة السلة والهوكي على الجليد والأمثلة كثيرة تتداول أسهمها في بورصة وول ستريت والأمر للولهة الأولى يبدو غريبا لكن الحقيقة أن هذه الأندية مؤسسات منتجة وهنا يمكن أن نتساءل ماذا بإمكان نادٍ رياضي أن ينتج؟؟؟؟

الإجابة البديهية هي الفرجة وتبعاتها من إشهار بطرق مباشرة أو غير مباشرة مما يدعو إلى الإقرار أن العلاقة بين الرياضة والاقتصاد تتصل برعاية المصالح التجارية والاستهلاكية أو بمفهوم آخر تبقى ذلك الجسر الخفي الذي تمرر من خلاله الشركات خطاباتها إلى أبنائها الحقيقيين والمهتمين آخذين بعين الاعتبار عدد المشاهدين والنتائج المحصل عليها من طرف الأندية ولهذا السبب فالمنافسة تكون على أشدها بل أحيانا شرسة بين المعلنين للظفر بحق نشر إعلاناتهم خلال المباريات مما ينعكس إيجابيا على خزينة الأندية وإذا خرجنا من إطار الأندية إلى الدوريات فرولان غاروس مثلا تتنافس عن احتضانه أزيد من سبعين شركة بل التنافس يمتد إلى الرؤساء والمديرين العامين للشركات قصد حجز مائتين وخمسين مقصورة ذات أربع أماكن لحضور نهائيات الدوري رفقة الشخصيات المهمة أو ما يعبر عنه الخزينة تملأ بشتى أنواع الطرق فإضافة إلى الإعلانات وما يدور في فلكها والسلع التي تحمل شعارات الأندية وما لها من مستحقات عن ذلك فإن هناك أيضا مقصورات خاصة برجال المال والأعمال تقدم خلالها خدمات كتقديم المشروبات والمكسرات ووجبات حسب الرغبة حيث تصبح الملاعب الرياضية في هذه الحالة أندية خاصة لخلق علاقات مهنية إن لم نقل نفعية بين هذا النوع الخاص من محبي الرياضة وللعلم فإن هذه المقصورات تحجز طيلة الموسم الرياضي بأثمان باهظة مما يجعل العجز المادي آخر اهتمامات الأندية في العالم المتقدم هنا يمكن طرح السؤال من هم أصحاب هذه الرؤى التي تجعل مداخيل الأندية لا تعرف توقفا؟؟؟

الجواب يبقى أن المسيرين والإداريين يقومون بالتدبير المالي والتسويق بطريقة علمية خارجة عن إطار الارتجالية فمعاملة النادي على أنه مقاولة رياضية يجعل رؤية المتتبعين للأندية تتغير فمثلا تصبح ممتلكات النادي رأسمال واللاعبين استثمارا لا يمكن الاستغناء عنه ويتضح ذلك في قيمة الانتقالات التي تشكل خمسة وعشرين في المائة من مداخيل الأندية الأوروبية فالفرجة في هذه الحالة تصبح هي المنتوج والنتائج هي الجودة وأي خلل في هذه العناصر يمكن أن يعكر السير الطبيعي للمقاولة الرياضية وينعكس سلبا عن المداخيل بمختلف أصنافها فالتسيير العلمي أصبح القاعدة المتبعة في العالم المتقدم في وقت مازالت الارتجالية طاغية في هذا المجال لدى أندية العالم الثالث.

لهذا يبقى السؤال الملح متى ستتعامل أنديتنا بهذا المفهوم الجديد مع واقعها الاقتصادي فتسير بطريقة علمية للخروج بنجاح مع بدء الخصخصة في هذه الأندية؟

نعمان عبدالغني
namanea@yahoo.fr



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد