Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/06/2008 G Issue 13036
السبت 03 جمادىالآخرة 1429   العدد  13036
رقص الأقحوانة
طلال مداح.. الأيقونة .. وحقيقة
محمد يحيى القحطاني

فلم يسعفني الحظ أن أقترب منه خلال الفترة التي تَلَتْ التحاقي بالمجال الصحفي الفني فقد كان - رحمه الله - مطلباً يسعى له كل من كان يبحث عن الدفء.

مرة واحدة التقيت به في كواليس مسرح المفتاحة بأبها وحين اقتربت منه شعرت بأنني أمام أحد أعظم صانعي التاريخ الفني في الوطن العربي، كانت المسافة بيني وبينه أقل من المتر ولكنها في الحقيقة كانت أكبر من ذلك بكثير.. كان عُمر، بل كانت شاسعة.

طلال مداح ذاك الصوت الذي إن سمعته اشتعل في القلب طرباً وبلغتُ من التجلّي ما بلغت، وفي (لثغته) أشتمُّ رياحين الغناء في صحراء قاحلة.. وطن تنفّس.

يا الله.. ذاك اليوم كان وما زال بالنسبة لي شريطاً من الذكريات أشعرُ بتفاصيله الآن وهو عادة ما يحضرني دون أن أستحضره. حين مات طلال مداح كنت في الصف الأول مع أحد الزملاء المغرمين بصوت عبادي الجوهر، كان جالساً على كرسيّه وسقط فجأة وسكتت القاعة (للحيظات) ثم هاجت وماجت وأنا باقٍ في مكاني دون حراك.

يا الله.. هل تموت الرموز، هل يموت الكبار.. بل هل مات طلال؟!.

لا أدري لم اليوم أنا أنكأ الجراح، وأعيدُ لكم ذلك الموقف الذي هزَّ ملايين (القلوب) لا أدري والله ما الذي لم يجعلني (أخجل) دون جرح مشاعركم.

طلال مداح جمع بين قلبٍ كبير - كما قال (كلُّ) محبيه والمقربين منه - وبين جمال الصوت وأعذبه وإن مالَ للهدوء في سنواته الأخيرة ولم يكن تعنيه المنافسة أمام زحف السنوات عليه، وقلبه الذي قال لصاحبه لقد تعبت.

بعد سنواتٍ على رحيله بقي طلال مداح (أعجوبة) السعودية وسطراً في مقدمة روَّادها وأيقونة امتدت كالماء في حديقة الوطن العربي.

طلال مداح الذي (قصّرت) في حقه كثيراً جمع حوله كل محبيه، وقيل لي دوماً إنه ما منع أحداً من مجالسته، والعجيب أنه كان يصغي باحترام لكل من أدلى له باقتراحٍ أو أشار له بمشورة.

بعد وفاته - رحمه الله - عبث بتاريخه بعض المقربين منه واستغلوا ذلك، واستغل أحدهم موقعه الإعلامي لمصلحته الخاصة حتى أنَّ جمهور طلال قد ضاقوا به ذرعاً واكتشفوه على حقيقته (متأخرين).

وفي موقع طلال مداح (الإلكتروني) تقف أمام بعض أعضائه إجلالاً واحتراماً وتقديراً، بل إن منهم من كان (امتداداً) لرؤيته الحقيقية في زملائه الفنانين وعدم مهاجمة هذا أو ذاك، وهناك أيضاً العكس وإن كانوا قلَّة.

وكتبت عن موقع طلال بعد اطلاعي عليه حيث دعاني لذلك أحد الزملاء الذي قال بأنَّ أعضاء الموقع مهووسين بكل جميل وأنهم يمتلكون مكتبة صوتية لا توجد في أيّ موقع، وحقيقة لم أطلع على ذلك ولكني أصدق (تركي) الذي قال بأنَّ إحدى أعضاء الموقع (وهبت) الموقع سبقاً بطرح أغاني ألبوم محمد عبده (الهوى الغايب) قبل طرحه في الأسواق وقبل تحميله في موقع فنان العرب، كما أن الموقع فيه مكتبة صوتية لفيروز وكل أغنية (جميلة) قد يبحث عنها محبو (الطرب).

وبمناسبة الكتابة عن طلال مداح - رحمه الله - فإنني أشعر بخيبة أمل أن تجاهلته محطات الغناء العربي ودفنت أغانيه وأغلقت عليها أبوابها فيما تركت الحسرة لمحبيه وهم ليسوا إلا ملايين امتد حبهم ل(القيثارة) من مشرق الماء إلى مغربه.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 796 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد