Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/06/2008 G Issue 13036
السبت 03 جمادىالآخرة 1429   العدد  13036
أضواء
الاتفاقية العراقية الأمريكية
جاسر عبدالعزيز الجاسر

مع اقتراب مغادرة الإدارة الأمريكية الحالية للبيت الأبيض، تتسارع الخطوات الأمريكية لإصباغ الصفة الشرعية للاحتلال الأمريكي للعراق، واستبداله باتفاقية أمريكية عراقية أمنية طويلة الأمد.

هذه الاتفاقية التي لم يكشف عن بنودها بصفة رسمية؛ إذ ظلت تتناولها التكهنات فالبعض يزعم أنها ستتيح لأمريكا إقامة مئة قاعدة عسكرية أمريكية ستكون بمثابة درع أمني للمصالح الأمريكية في المنطقة، ورغم أن هذا الرقم مبالغ فيه إلا أن الاتفاقية تتضمن جوانب أمنية وعسكرية، حيث ستسبغ الاتفاقية الشرعية الرسمية على وجود القوات الأمريكية في الأراضي العراقية، وحسب ما تسرب ونشر في بعض الصحف ومنها العربية والعراقية بالتحديد فإن الاتفاقية تمنح القوات الأمريكية نفس الحصانات التي تتمتع بها حاليا كقوات احتلال لا تخضع للقوانين العراقية، إذ سيكونوا خاضعين فقط للقانون الأمريكي.

كما أن الاتفاقية تعطي الحق للقوات الأمريكية وضمن قانون مكافحة الإرهاب صلاحيات وحق القيام بالاعتقالات والمداهمات والقيام بهجمات جوية وبرية وبحرية داخل العراق وخارجه انطلاقا من الأرض العراقية.

ودون الولوج إلى البنود الأخرى التي تعالج القضايا الاقتصادية وعقود النفط وغيرها من القضايا الحساسة، فإنه يجدر شرح أسباب اعتراض قطاعات كبيرة من العراقيين أو تأيد قطاعات أخرى، فبالنسبة للمعترضين يرون في الاتفاقية أو غيرها من الاتفاقيات بين الإدارة الأمريكية والحكومات العراقية التي تشكل في ظل الاحتلال اتفاقيات محكوم عليها بالفشل مثل هذه الاتفاقية التي تسمى ب(الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الأمد) ومعناها أنها ستكبل إرادة الشعب العراقي حسب مفهوم المعارضين لها، ومصيرها مثل مصير الخطط الأمريكية الأخرى، كمشروع الشرق الأوسط الكبير، ومشروع تقسيم العراق.

ويرى المعترضون على الاتفاقية أن سعي الإدارة الأمريكية برئاسة بوش التعجيل بالتوقيع عليها هدفها الإبقاء على القوات الأمريكية التي قد ترحل بحلول العام القادم إذا ما حل باراك أوباما بدلا من بوش في البيت الأبيض، وبالتالي فإن الاتفاقية تلزم الإدارة القادمة بإبقاء قواتها في القواعد الأمريكية، وهذا ما جعل كثيراً من الأمريكيين يعارضون عقد مثل هذه الاتفاقيات مذكرين بما حصل للاتفاقيات التي وقعها الأمريكيون مع الحكومات الفيتنامية العميلة؛ إذ يقول الكاتب الأمريكي تشارلز جونسون ساخراً من ضخامة وسعة السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء في بغداد، بأنها مثل السفارة الأمريكية في سايغون، فإن السفارة الأمريكية في بغداد سيكون لها أكثر من مهبط على سطوح المباني لطائرات الهيلكوبتر تحسباً لظروف طارئة إشارة منه إلى اضطرار أمريكا للهروب مذعورة من عاصمة فيتنام سايغون عام 1975م.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد