Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/06/2008 G Issue 13037
الأحد 04 جمادىالآخرة 1429   العدد  13037
د. لانا للسماري: هل اطلعت على دراسات وإحصائيات تؤكد وجهة نظرك؟!

سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك المحترم..

رئيس تحرير جريدة الجزيرة..

رداً على مقال الأستاذ عبدالرحمن السماري عن مقاله: (لا يوجد لدينا عنف بشري)، بتاريخ الاثنين 14-5- 1429هـ.. أقول: لعله من الجميل أن نظهر إيجابية مجتمعنا بكل ما يحمله من طيبة وتسامح وارتقاء في السلوكيات والأخلاقيات، لكن هذا الجانب يجب أن لا يحملنا على أن ننكر ما هو واقع حال الكثير ممن يعانون مما أسميته (العنف البشري).. فإنه من المجازفة أن نعلن على الملأ بأن مجتمعنا خال أو يكاد يخلو من كافة صور الإيذاء والعنف التي صنفتها، رغم أنك أشرت في أكثر من موقع في مقالك أن من هم أولى بتصنيف هذه الحالات علماء الاجتماع. لذا يلح على ذهني سؤال مهم، على أي أساس قررت أن مجتمعنا يخلو من كافة صنوف العنف البشري؟.. فهل اطلعت على دراسات في هذا المجال، وهل تضمن مقالك أية إحصائيات تؤكد وجهة نظرك؟.

فلعلي أرى أن ما كتبته ما هو إلا استشرافاً لواقع أنت وأفراد أسرتك ومن يحيط بك تعيشونه وهذه نعمة يحمد الله عليها.. لأن هناك المئات من الأسر داخل مجتمعنا المسالم! يعانون كثيراً من العنف والإيذاء.

هناك أطفال ونساء وكبار سن ومعاقين وفي كثير من الأحيان يدخل من ضمنهم الرجال يتعرضون للعنف، فعندما يحرم الطفل من حقه في التعليم بسبب أب غاضب من الأم هل يعتبر هذا عنفاً بشرياً؟ وعندما يحرم الطفل من إضافته في بطاقة العائلة بسبب جهل وإهمال الأب هل يعتبر ذلك عنفاً بشرياً؟ وعندما تهجر الزوجة عند بيت أهلها مع أطفالها دون نفقة عليهم لسنوات هل يعد ذلك عنفاً بشرياً؟ وعندما يهمل المسنون في المنازل وتترك رعايتهم للخدم إن وجدوا، هل يعتبر ذلك عنفاً؟ هذا على مستوى الأسرة. وهناك عنف آخر رآه الجميع وعايش مرارته الكثير، وهو كل من حمل الفكر الإرهابي ولوح به، فهل يدخل ذلك ضمن تصنيفاتك؟ وما هذه إلا أمثلة بسيطة من واقع حال أعايشه بحكم الممارسة.. فهناك أيضاً ما هو أمر وأقسى من ضرب وحرق وحبس، وملفات المستشفيات وبحوث علماء الاجتماع تؤكد ذلك. فقد أشارت آخر الإحصائيات أن ما أكتبه ليس خيالاً ولا واقعاً أسرياً أعيشه ولله الحمد، لكنه من واقع ممارسة وخبرة عملية مع عدد كبير من الأسر التي عانت وما زالت تعاني من هضم حقوقها بسبب العنف، وما زال البحث والعمل جارياً على قدم وساق من قبل العديد من الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني للعمل على إيجاد حلول مناسبة لتلك المشكلة، ومنها هيئة حقوق الإنسان، فإنه من الظلم أن نقول إنها تحاول أن تجد لها حضوراً داخل المجتمع من خلال مؤازرتها لقضايا العنف، لأنها بالفعل تساهم بشكل جاد في إيجاد مخارج لأزمات العديد ممن يعانون من العنف، وكان من الأجدر أن تتقصى حقيقة خدماتها وتسأل من استفاد منها قبل إطلاق الأحكام جزافاً، ودون الاستناد إلى حقائق تؤكد ذلك، ولعله من الأجدر في مقامنا هذا أن ندعو بأن يعين الله القائمين على هيئة حقوق الإنسان لتأدية واجبهم على أكمل وجه، لأنه من الصعب أن يتمكنوا من معالجة ذلك الكم الكبير من قضايا العنف التي تردها.

إن ما نسمعه من وسائل الإعلام وما نقرأه لم يأت من فراغ، فعندما يناقش موضوع طرح نظام قضائي في مجلس الشورى لحماية المرأة والطفل، فهذا يدل على وجود قضايا ملحة أدت إلى استحداث مثل هذا النظام، وعندما تعقد الندوات والمؤتمرات على مستوى الخبراء والباحثين حول قضية العنف فهذا يؤكد حجم هذه القضية داخل مجتمعنا، وعندما تمتلئ ملفات المستشفيات والشرطة بقضايا الضرب والحرق والحبس والهجر والحرمان فهذا يعني أن هناك من يعاني وينتظر الحل والمساندة من الجميع، حتى من حملة القلم، الذين يحملون أمانة إظهار الحق من خلال سبر أغوار الواقع وليس إنكارها أو تجاهلها بهدف إظهار الجانب الإيجابي والصورة المشرقة لمجمتمعنا، أو لجهلهم بحقيقة واقعنا.

فهذه دعوة كريمة منى ليقف كل شخص في بلادنا يملك القدرة والعزيمة والرغبة الصادقة في خدمة هذا الوطن، لنقول لا كل بطريقته وأسلوبه، ولكن بصدق وإرادة في وجه كل مصدر عنف وإيذاء وإرهاب، حتى نصل إلى تلك الصورة المشرقة التي رسمها السماري في مقاله.

د. لانا بنت حسن بن سعيد



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد