Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/06/2008 G Issue 13041
الخميس 08 جمادىالآخرة 1429   العدد  13041
العراق.. ودورة الاستعمار!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

تواصلت حملة الانتقادات والاعتراضات من جانب الشعب العراقي بما فيه القوى السياسية والبرلمانية ضد المعاهدة الأمنية التي تنوي الولايات المتحدة الأمريكية إلزام العراق بها. وتؤكد الوقائع أن اتفاق المبادئ الذي وقعه كل من الرئيسين الأمريكي والعراقي في 26 نوفمبر 2007 م..

... يشير في الظاهر إلى علاقة طويلة المدى من التعاون والصداقة بين الدولتين، وإبرام اتفاقات في النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.

ومن بين ما ستنص عليه تلك الاتفاقية التي سربت بعض نصوصها محاولة الجانب الأمريكي الاحتفاظ بحق السيطرة على الأجواء العراقية حتى ارتفاع 29 ألف قدم، والحصول على تسهيلات مفتوحة على الأرض والسماء والمياه، إضافة إلى إقامة 400 موقع وقاعدة أمريكية، والاحتفاظ بحق اعتقال وسجن أي عراقي يعتقدون أنه يشكل تهديداً لهم، والاحتفاظ بحق شن عمليات عسكرية لملاحقة الإرهاب من دون الرجوع إلى الحكومة العراقية، وكذلك الاحتفاظ بالحصانة القانونية لجنودهم ومقاوليهم وشركاتهم الأمنية. كما تعطي تلك الاتفاقية الشركات النفطية الأمريكية حق التنقيب عن النفط في الأراضي العراقية، ويكون كل ما تحصل عليه من النفط ملكها من أجل ضمان تدفق النفط حتى آخر قطرة، وهو ما أكده (جوزيف ستيغليتز) الفائز بجائزة نوبل في الاقتصاد حينما سئل في أحد البرامج التلفزيونية أخيراً عن المستفيد من تلك الحرب، فأشار إلى طرفين محددين هما: شركات البترول الأمريكية، والمتعاونون في مجال الدفاع عن طريق شركات الأمن خاصة التي تستأجر الإدارة الأمريكية خدماتها في العراق. وهذه طبعاً هي محصلة الاحتلال.

لو تأملنا نصوص تلك المعاهدة الأمنية لوجدنا أنها تشكل تطوراً بالغ الخطورة، لأن من شأنها إقامة دولة أمريكية داخل دولة العراق، وانتقاص سيادته وتثبيت وجودها هناك وعدم الانسحاب منه. وهو ما يفسر - بلا شك - الأهداف الحقيقية للغزو الأمريكي المتمثل في السيطرة على نفط العراق البالغ احتياطيه (115) بليون برميل؛ فتضمن بذلك ضخ النفط العراقي والسيطرة عليه، بعد أن أوشكت شمس نفطها على المغيب. وهو ما أشارت إليه وكالات الأنباء عن الأموال الضخمة المطلوب رصدها لتطوير إنتاج النفط بما لا يقل عن 3.1 ترليون دولار حتى عام 2030 م. وتمارس ضغوطها السياسية من جهة أخرى على الصين والهند وروسيا ودول أوروبا إضافة إلى دول الخليج.

إن إدراك الشعب العراقي ووعيه ببنود تلك الاتفاقية وما يحاك ضده مطلب مهم لرفضها؛ فهي تمس بشكل كبير سيادة العراق على أرضه ومياهه وسمائه، كما أنها لا تعطيه أي ضمانات لحماية العراق من أي اعتداء خارجي، أو حماية نظامه الديموقراطي من أي خطر داخلي أو خارجي. هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن ثروة العراق النفطية سوف تذهب إلى غير أهله.



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد