Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/06/2008 G Issue 13041
الخميس 08 جمادىالآخرة 1429   العدد  13041
جمعية الأطفال المعاقين تحتفي بالمغامر السعودي
سلطان بن سلمان: من يعرف طبيعة (إفريست) وعدد من ماتوا لأجل بلوغها يدرك شجاعة (فاروق)

«الجزيرة» - معن الغضية

استقبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان أمين عام الهيئة العليا للسياحة ورئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعاقين صباح أمس المغامر السعودي فاروق الزومان أول متسلق سعودي يصل إلى قمة إفريست (القمة الأعلى في العالم).

وأثنى الأمير سلطان على مبادرة فاروق التي وصفها بمغامرة فعلية، حيث قال إن القبول بالمحاولة كان شجاعة كبيرة لأن من أتيحت له فرصة الاطلاع على ما كتب وما عرض في القنوات التلفزيونية العلمية عن كيفية الوصول إلى إفريست والمخاطر التي اعترضت وتعترض محاولي التسلق وعدد من فقدوا حياتهم هناك فإنه سيدرك تماما معنى كلمة مغامرة، لأن صاحب المحاولة قد يفقد حياته، ولهذا أبارك لفاروق نجاح محاولته الصعبة والخطيرة جداً.

وأثنى الأمير سلطان على أسرة فاروق ووالدته تحديدا التي رغم فقدها اثنين من أبنائها إلا أنها شجعت فاروق على تحقيق هذا النصر ليرفع راية بلاده على إفريست وهذا ما كان يجب أن يتحقق، فوطن بحجم المملكة ووطن فيه مكة والمدينة من المفترض أن يتواجد اسمه عبر أحد أبنائه في هذا المكان من العالم.

وشكر الأمير سلطان فاروق على اختياره جمعية الأطفال المعاقين لتكون أول محطة يزورها بعد عودته من الرحلة كما شكر شركة الطارق للإعلام وشركة كودو للأغذية على دعمهم لرحلة فاروق.

بدوره شكر فاروق الزومان الأمير سلطان على وقوفه ودعمه المعنوي له من البداية حتى النهاية وقال: (كان الأمير سلطان قدوة لي في طرق باب الصعاب والتحدي حيث كان أول رائد فضاء عربي مسلم).

وأهدى الأمير سلطان بن سلمان لفاروق قطعة من الإسطرلاب الإسلامي والمعتمد من قبل وكالة ناسا والذي رافقه في رحلته الفضائية، وقال الأمير سلطان إنه لن يجد أفضل من فاروق ليمنحه هذه الهدية بعد أكثر من 20 عاما من صعوده للفضاء، بعدها تبودلت الهدايا والتقطت الصور مع أطفال الجمعية الذين استقبلوا فاروق بلافتة كتب عليها: (أنت تحدّيت الجبل ونحن نتحدّى الإعاقة). وقال فاروق إنّه يهدي إنجازه أولاً للأطفال المعاقين الذي يتعلّم أي إنسان منهم معنى التحدي، مشيراً إلى أنّ تحديهم لإعاقتهم لا يقلّ أهمية عن قهره لقمة إفريست، موضحا أن الإعاقة الحقيقية هي العجز عن تحقيق الإرادة، فإذا كان للمجتمع أن يفخر فهو يفخر بهؤلاء الأطفال الأبطال.

عقب ذلك عقد مؤتمر صحفي للمغامر فاروق الزومان بحضور كل من الأستاذ بندر بن عثمان الصالح عضو مجلس إدارة جمعية الأطفال المعاقين والأستاذ سلطان البازعي الرئيس التنفيذي للطارق للإعلام والأستاذ عبدالمحسن اليحيى مدير عام شركة كودو، وشكر البازعي الأمير سلطان بن سلمان على متابعته ورعايته لفاروق كما قدم شكره لجمعية الأطفال المعاقين ولعضو مجلس إدارة الجمعية الأستاذ بندر بن عثمان الصالح، وللأستاذ عبدالمحسن اليحيى مدير شركة كودو لما قدموه من دعم وحفاوة بالبطل المغامر.

كما عبر الأستاذ عبدالمحسن اليحيى عن شعور الفخر والاعتزاز بفاروق الزومان، مشيراً إلى أنه لمس في أوّل لقاء له مع المغامر الإصرار والعزيمة مما دفعه لدعمه معنوياً ومادياً، وقال اليحيى إنّه سأل فاروق عن موافقة والدته وتبيّن أن والدته كانت أكثر شجاعة بموافقتها على مغامرة ابنها.

وعبر الأستاذ بندر بن عثمان الصالح باسم الأمير سلطان بن سلمان وأعضاء مجلس إدارة الجمعية ومنسوبيها وأمانتها العامة عن تهانيه وتقديره لإنجاز الزومان، مشيراً إلى أن استقبال الأمير سلطان للبطل فاروق في مكتبه وكلماته تعتبر انطلاقة حقيقية لدعم الأبطال وبث روح التحدي في شباب الوطن، وقال الصالح إن تكريم الأبطال كفاروق يجب أن يكون هاجساً وطنيا على أعلى المستويات، كما شكر الصالح الأستاذ سلطان البازعي والطارق للإعلام وشركة كودو مؤكداً على أن ما قاموا به هو شراكة نموذجية ومثال على الدعم الحقيقي من قبل رجال الأعمال للمنجزات الوطنية، مشيراً إلى حرص جمعية الأطفال المعاقين على التواجد في الأعمال الإنسانية.

وقدم البطل فاروق الزومان شكره للجميع على الدعم والحضور والدعاء والمتابعة الدائمة لرحلته، وأوضح أن مهمته كانت شاقة جدا، لكنه كان مدركاً أن ما يقوم به لا يمثله وحده وإنما يمثل جميع السعوديين، وأن هذا المنجز سيسجل كمنجز وطني لا شخصي.

وقال الزومان إن كل إنسان لديه قمة يريد أن يتجاوزها في الحياة، لذا فإن ما قام به من إنجاز هو في حقيقته رمزيّ لدفع كل شاب إلى التحدي والصبر وقهر قمته الخاصة في الحياة.

ورداً على سؤال عن مشاعره عند وصوله القمة قال فاروق إن المنظر الذي أطلّ عليه من أعلى الجبل كان كفيلاً بإلغاء كل المشاق التي واجهها في طريق صعوده وأعاد إليه حيويّته، ولم يملك إلا أن يسبح الله ويشكره على ما تم له من إنجاز، موضحاَ أن نصب العلم السعودي ورفع المصحف على قمة إفريست كان رسالة للعالم الخارجي تعكس صورة الشباب السعودي المسلم المسالم القادر على تحقيق أصعب الإنجازات.

ورداً على سؤال حول طبيعة التحدي الذي خاضه قال الزومان إنّ التحدي الحقيقي كان تحدي النفس، ثم تحدي القدرات الجسدية، ثم تحدي القدرات العقلية، حيث إن ظروف الرحلة والأحوال الجوية القاسية والمصاعب التي مر بها فريق التسلق كانت كفيلة بإحباط العزيمة، إلا أنّه بدعاء الله كان قادراً وواثقاً من قدرته على تجاوز أي صعوبة تواجهه، موضحاً أنه لا مستحيل بعد اليوم للجميع ما دام الإصرار والصبر رفيقان.

وحول بدء فكرة صعود إفريست قال الزومان إن الفكرة كانت شخصية في البدء، ولم تكن لتتمّ لولا وجوده وسط مجتمع يقدر أفراده، مشيراً إلى أن دعم الطارق للإعلام وشركة كودو الفوري له، إضافة لحماسته وإصراره الشخصيين كانت كلها عوامل ساعدت على تجسيد فكرته إلى إنجاز واقعي.

وتعليقاً على سؤال حول غايته من مثل هذه المغامرة - التي كان يمكن أن يفقد حياته فيها- قال فاروق إنّ ما أنجزه هو تعبير عن روح جيل سعودي وطني جديد سبقه رواد كانوا كمثال يحتذى به، كرحلة الأمير سلطان بن سلمان للفضاء، وإن الجيل الذي يمثله والأجيال الوطنية القادمة هي أجيال تحد وعلى الجميع المبادرة لأنهم سيجدون الدعم الذي يوصلهم لغاياتهم إن شاء الله.

وتحدث فاروق عن اللحظات الصعبة في رحلته، قائلاً إن البرودة الشديدة التي تؤدي إلى تجمد الأطراف إضافة إلى نقص الأوكسجين والعواصف الثلجية المفاجئة وقلة النوم في أحايين كثيرة حيث كان الفريق ينام لدقائق معدودة في أيام كلها كانت تمثل مواقف صعبة للغاية، حيث يموت عدد من المتسلقين إما لنقص الأكسجين أو نتيجة التجمد، وأشار إلى أنّه فقد بصره ليومين تقريباً نتيجة تعرض قرنية العين للتجمد عند محاولته مسح عدسات النظارة التي كان يرتديها، حيث تصاعد بخار التنفس وأجبره على خلع خوذة الرأس لتنظيفها مما أدى إلى التهاب العين.

ورداً على سؤال حول رؤيته لعدد من الجثث، أكد فاروق أنّه شاهد ثلاث أو أربع جثث لمتسلقين قضوا نحبهم في الجبال وتركوا على ما هم عليه لأن أحداً لا يستطيع نقلهم، فكل متسلّق يحمل أنبوبة الأكسجين وأغراضه الشخصية ولا يستطيع حمل شيء آخر، وأفاد أنّه شاهد متسلقاً أسترالياً توفي قبل ساعات واقترب منه معتقداً أنه يعاني من الإعياء لكن مرافقه أشار إلى أن الأسترالي كان ميّتا.

ووصف الزومان ليلة صعوده للقمة، حيث تأخر عن فريقه ليرافق زميله سلطان الإسماعيلي المتسلق العماني الذي تعرض لانتكاسة صحية ودخل مرحلة هذيان قبل الوصول للقمة بساعة ونصف، وقال إنّه لم يستطع ترك المتسلق العماني وحيداً خوفاً عليه من التجمد حتى الموت، وكان مرافقهم النيبالي يصر على فاروق ليتركه خوفاً من العواصف الثلجية التي يمكن أن تحمل الجميع إلى المجهول، حيث تؤدي الرياح الشديدة إلى اختلال التوازن ومن الممكن أن تحمل المتسلق وتلقي به في مسافات بعيدة مما يعني موتاً أكيدا، لكن فاروق قرر البقاء حتى تمكن من التواصل مع رئيس الفريق البريطاني تيم الذي نصحه بإكمال المرحلة الأخيرة على أن يتولى تيم رعاية الإسماعيلي.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد