Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/07/2008 G Issue 13062
الخميس 29 جمادىالآخرة 1429   العدد  13062
«الجزيرة» تفتح ملف اتفاق الطائف
الدكتور خالد قباني :المملكة لها دور أساسي في استعادة لبنان استقراره وأمنه ووفاقه

بيروت - مكتب «الجزيرة» - منير الحافي

وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الدكتور خالد قباني، يشارك في الملف الضي فتحته (الجزيرة) عن وجه الشبه بين اتفاقي الطائف في العام 1989م، والدوحة في العام 2008م. الدكتور قباني الذي شارك في مؤتمر الطائف بصفته مستشاراً لرئيس مجلس النواب يومها حسين الحسيني، يرى أنه لا تجوز المقارنة بين الاتفاقين، على الرغم من أن كلاً منهما أنهى الحرب أو المعارك أو الخصومة بين اللبنانيين. قباني يلخص الفارق بأن (الطائف له علاقة ببنية النظام السياسي، أما اتفاق الدوحة فجاء ليحل مشكلة سياسية بصورة مؤقتة)، مؤكداً على (الدور الأساسي للسعودية في استعادة لبنان لاستقراره وسلامه وأمنه ووفاقه الوطني).. وهذا نص الحوار مع الوزير خالد قباني.

- معالي الوزير، هل ترى أن اتفاق الدوحة يشبه اتفاق الطائف؟

في رأيي لا تصح المقارنة بين الاتفاقين، هناك اختلاف بالجوهر.. اتفاق الدوحة جاء ليحل مشكلة سياسية بين الأكثرية والمعارضة بشأن رؤية ومعالجة الشأن العام في لبنان ولاسيما حول ملفات أساسية ثلاثة: المحكمة الدولية وسلاح حزب الله والعلاقة اللبنانية السورية، في حين أن اتفاق الطائف جاء ليحل مشكلة تتعلق بطبيعة النظام السياسي والدستوري ولاسيما مسألة المشاركة في الحكم.

نبدأ من اتفاق الدوحة الذي جاء حصيلة وثمرة مساع عربية واسعة النطاق من أجل حل المشكلة اللبنانية التي بدأت باستقالة عدد من الوزراء من الحكومة اللبنانية والتي تمحورت حول مسألة أساسية هي المحكمة الدولية، ثم امتد الخلاف بعد العدوان الإسرائيلي في تموز 2006 على موضوع سلاح حزب الله، ومن يتخذ قرار الحرب والسلم، وتناولت هذه الخلافات مسألة العلاقة اللبنانية السورية.

عدة قضايا انبثقت عن هذه الخلافات خصوصاً لجهة استقالة الوزراء واعتبار أن هناك طائفة غير ممثلة في الحكم. هذه المسألة طرحت بحد ذاتها، عدة قضايا أخرى منها مشكلة الثلث المعطل داخل مجلس الوزراء، فضلاً عن التعقيدات التي رافقت هذه المسألة، لاسيما ما يتعلق بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية دون انتخاب هذا الرئيس، وتعطل العمل في مجلس النواب لمدة أكثر من سنة.

كل هذه الخلافات وما نتج عنها من شلل في الحياة الاقتصادية إضافة إلى التفجيرات والاغتيالات التي حصلت في لبنان، أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار. هذا ما اقتضى تدخلاً من جامعة الدول العربية. وتناول وزراء الخارجية العرب في أكثر من اجتماع كيفية حل هذه المشكلة بعد المساعي الكثيرة التي قامت بها دول عربية عديدة ولاسيما المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وبعض الدول الصديقة، خاصة فرنسا والاتحاد الأوروبي، إلى أن وضع مجلس وزراء خارجية الدول العربية خلال اجتماع له في القاهرة في حضن جامعة الدول العربية حل للمشكلة اللبنانية يدور حول نقاط ثلاث، تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية وثانياً تشكيل حكومة وحدة وطنية وثالثاً وضع قانون انتخابي جديد.

- لكن هذا القرار لم ينفذ؟

على الرغم من صدور هذا القرار ومجيء الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى لبنان للمساعدة في تنفيذ هذا القرار استمرت الخلافات قائمت وتعقدت الأمور أكثر من قبل إلى أن حصلت أحداث 7 أيار أي الدخول (حزب الله والأحزاب الحليفة) إلى بيروت وتحول هذه المشكلة إلى فتنة داخلية كادت تهدد أمن وسلام لبنان.. مما دفع الدول العربية إلى استنهاض نفسها من جديد واجتمع وزراء خارجية الدول العربية لبحث هذه القضية. وكلفت لجنة عربية جديدة من أجل حل هذه المشكلة برئاسة رئيس وزراء- وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. وحضرت هذه اللجنة إلى بيروت وتم اتفاق فينيسيا المعروف لحل هذه المشكلة، ووضعت نقاط للحل، ودعيت لجنة الحوار اللبناني إلى دولة قطر للتداول والتباحث حول كيفية تنفيذ هذا الاتفاق وانتهى هذا الحوار بالاتفاق بعد خمسة أيام من المباحثات الجادة والعميقة.

نتيجة كل ما حصل، جاء هذا الاتفاق ثمرة مساهمات ومساع حميدة قامت بها الدول العربية على فترة أشهر بتواصل واستمرار.

- هناك من يعتبر أن دولة قطر جاءت في نهاية المطاف لتقطف هذا الاتفاق؟

كلا، بل جاءت قطر في نهاية هذه المسيرة في سبيل حل المشكلة اللبنانية لاحتضان هذا المؤتمر في الدوحة من أجل إعادة السلام والاستقرار إلى لبنان وإعادة إحياء المؤسسات الدستورية. ونشكر أمير قطر الشيخ حمد ورئيس الوزراء على جهودهما الجبارة لإنجاح هذا الاتفاق.

- هل هذا الاتفاق يتعارض مع الطائف؟

هذا الاتفاق لم يغير إطلاقاً لا من طبيعة النظام السياسي أو الدستوري، لم يتم تعديل أي نص من الدستور اللبناني وبالتالي أكد اتفاق الدوحة على اتفاق ودستور الطائف والميثاق الوطني.

من هنا اتفاق الدوحة جاء ليحل مشكلة سياسية ولها تداعياتها على آلية الحكم في مجلس الوزراء ومشاركة المعارضة وفيما يتعلق في قانون الانتخاب.

- قيل إنه حصلت خسارة في الدوحة، ما يمكن اعتباره إنجازات في الطائف؟

الطائف جاء نتيجة مشكلة امتدت أكثر من ثلاثة أو أربعة عقود وهي الشكوى من عدم المشاركة في الحكم، إذ إن النظام السياسي في لبنان ما قبل الطائف كان أقرب إلى النظام الرئاسي بمعنى أن معظم الصلاحيات كانت محصورة بيد رئيس الجمهورية، فجاء الطائف في جوهره ليحل هذه المشكلة من خلال جعل موقع القرار السياسي داخل مجلس الوزراء، وقام بتعديل مواد عديدة في الدستور اللبناني منها مسألة أساسية هي المناصفة في مجلس النواب بين المسلمين والمسيحين.

مسألة ثالثة مهمة جداً جاءت في الطائف تتعلق بقانون الانتخاب، إذ اعتبرت الوثيقة أن الدائرة الانتخابية هي المحافظة، والغاية من ذلك إشراك كل الطوائف في اختيار الممثلين، على أن يجري ذلك بعد إعادة النظر بالتقسيم الإداري يعني بتقسيم الأرض اللبنانية إلى مناطق إدارية والذي لم يحصل. إذاً هذا هو اتفاق الطائف.. الطائف له علاقة ببنية النظام السياسي، لذلك لا تصح المقارنة بين اتفاق الدوحة واتفاق الطائف.. لاسيما أن اتفاق الدوحة جاء ليحل مشكلة سياسية بصورة مؤقتة، وانتهى بتكريس توزيع عدد أعضاء مجلس الوزراء بين الموالاة والمعارضة ورئيس الجمهورية، لأنه كان هناك اعتراض كبير من المعارضة حول دورهم داخل مجلس الوزراء، وكانوا يشكون من عدم المشاركة، فجاء هذا الاتفاق ليحل مؤقتاً هذه المشكلة حتى لا يبقى الوضع جامداً ولا تبقى المؤسسات الدستورية معطلة والفراغ قائماً في سدة الرئاسة الأولى. لكن هذه المسألة حل استثنائي لوضع استثنائي أدى إلى شل الحياة السياسية في لبنان لمدة تزيد على السنة والنصف وكانت مفاعيله خطيرة على الوضع الأمني واستقرار لبنان والعيش المشترك. وبالتالي بعد انتهاء هذه المرحلة الاستثنائية، لا بد أن يعود الحال إلى طبيعته بمعنى العودة إلى تطبيق أحكام الدستور، لأن هذه النصوص لا تتلاءم مع أحكام الدستور أي مع اتفاق الطائف.

- ألا يوجد أوجه مقارنة بين الاتفاقين؟

هناك أوجه شبه بينهما. اتفاق الدوحة، كما الطائف جاء من داخل الجامعة العربية أي ثمرة توافق بين الدول العربية وانبثقت لجنة من الجامعة وبموجب قرار عربي احتضنته المملكة العربية السعودية واستضافت اللقاء النيابي في الطائف لمدة أكثر من 22 يوماً خرج به هذا اللقاء باتفاق سمي باتفاق الطائف ونتج عنه وثيقة سميت بوثيقة الاتفاق الوطني، وقد جاء هذا التوافق نتيجة مباركة عربية ودولية أي في جو إقليمي ودولي ملائم لحل الأزمة اللبنانية التي دامت أكثر من خمسة عشر عاماً، وهذا ما لم يحصل بالنسبة لاتفاق الدوحة. لكن اتفاق الدوحة جاء أيضاً نتيجة توافق عربي وانبثق من خلال جامعة الدول العربية فاحتضنته دولة قطر احتضاناً مميزاً وساهمت فيه مساهمة كبيرة وجاء بمواكبة عربية وثمرة مساعي عربية على مدى أشهر طويلة وبمباركة دولية مما أنتج هذا الاتفاق الذي سمي باتفاق الدوحة. وكلا الاتفاقين قد حاز على موافقة اللبنانيين، بل على ترحاب منهم تبلورت فيما رأيناه من جديد في عودة الحياة إلى الأسواق التجارية وإلى لبنان بكافة المناطق.

- وما هي وجوه الاختلاف في الاتفاقين؟

يعني كما ذكرنا مسألة الثلث المعطل والاتفاق على القضاء بالنسبة لقانون الانتخاب وهذا ما فرضته الظروف والخلافات السياسية والوضع الشائك في البلاد الذي كاد أن يصل إلى حرب أهلية، وهذا يتعارض مع الدستور والطائف.

- كيف يمكن وصف دور المملكة العربية السعودية في اتفاق الدوحة؟

أريد هنا أن أؤكد على الدور الأساسي للمملكة في استعادة لبنان لاستقراره وسلامه وأمنه ووفاقه الوطني، فالمملكة كانت في مقدمة الدول، ومنذ أشهر، التي حاولت أن تجمع بين اللبنانيين وتوفق بينهم حول حل معين، من دون أن تفرض عليهم صيغة معينة. وكان هدفها الأساسي إعادة الوحدة بين اللبنانيين وحل المشكلة اللبنانية وعودة الاستقرار والازدهار إلى لبنان، كما ساهمت أيضاً جمهورية مصر العربية في هذا المجال، وكذلك الدول العربية الأخرى مثل الإمارات والكويت والأردن وغيرها.. ولكن هذه المساعي اصطدمت بعقبات كثيرة نتيجة الانقسامات والخلافات على الصعيد الإقليمي والعربي والدولي. أكثر من ذلك، الدول الأوروبية جميعها حاولت وبذلت مساعي كثيرة، وكما يعلم الجميع فإن فرنسا بذلت جهوداً جبارة في هذا السبيل وأيضاً اصطدمت بعقبات، وأريد أن أؤكد أن المملكة العربية السعودية كانت داعمة لهذا الاتفاق ومواكبة ومسهلة له ومباركة أيضاً للنتائج التي خلص إليها هذا الاتفاق، لأن الجميع يعلم أن هم المملكة هو عودة لبنان إلى الاستقرار والأمان والسلام.

- هل دولة قطر خطفت من خلال رعايتها اتفاق الدوحة الأضواء على الساحة العربية؟

لم يكن في نية قطر إطلاقاً أن تخطف الأضواء ولم تسحب قطر هذا الاتفاق من المملكة العربية السعودية. وقد جاء على لسان رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم أن العلاقات مع المملكة هي علاقات ودية للغاية وأن المملكة كانت مباركة للاتفاق، بل كانت داعمة له، وكل الدول العربية كانت ترغب وتريد أن يصل لبنان إلى حل مشاكله. وهذا الحل جاء من خلال جامعة الدول العربية وبمشاركة الأمانة العامة للجامعة من خلال أمينها العام عمرو موسى ونحن كنا في لبنان نطلب أن يأتي حل المشكلة اللبنانية بقرار عربي ومن خلال الدول العربية وجامعة الدول العربية وهذا ما حصل.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد