تصدت وزارة الداخلية السعودية في بيانها الأخير بحزم لإرهاب القاعدة, وفككت خلاياه ورموزه بكل حرفية ومهارة عالية. بل إن كل عملية تفكيك لشبكة إرهابية تكشف عن شبكة إرهابية أخرى, وكل متهم يكشف عن متهم أخطر منه.

وهو ما أكده سمو وزير الداخلية السعودية الأمير نايف بن عبد العزيز, حين قال: (لو كانت لدينا خلايا نائمة سنوقظها ونعتقلها).

وكلما أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن القبض على خلايا جديدة تبين من خلال التحقيقات أن تلك الخلايا مرتبطة تنظيمياً وفكرياً بأنشطة القاعدة, مما يستدعي طرح أسئلة مهمة وملحة حول النمو المطرد لتمدد القاعدة. وأخرى مثلها عن فكر الإرهاب وتمويله ومنابعه في الداخل والخارج.

ما يعني أن فكر القاعدة ضارب بأطنابه, وأن بنية الشبكات الإرهابية يمكن أن تتغير باستمرار حسب ظرفي - الزمان والمكان - من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من الأفراد ومن كل الطبقات, في ظل خلو الساحة وغيابها من أي جهود فاعلة ومؤثرة تذكر من خلال مؤسسات المجتمع المدني بكافة أطيافه ودوائره.

الأكيد أن تلك الخلايا الإرهابية معزولة ومحدودة الانتشار في مجتمعاتنا.

وهي تعاني بلا شك خللاً في التفكير, واضطراباً في المنهج وغياب الهدف, أوصلهم إلى طريق ،مظلم، وأوقعتهم في دائرة مفرغة، دون تقدير عواقب الأمور فأساؤوا إلى الإسلام وإلى المسلمين في جميع أنحاء العالم.

لا يمكن تجاهل أن إرهاب القاعدة يقف خلفه دول ومنظمات تدعمه وترعاه - مادياً ومعنوياً -هذا صحيح.

إلا أن تقييم المواجهة الفكرية في مقابل المواجهة الأمنية - كانت ولا تزال - دون المستوى المطلوب، وهو ما أشار إليه سمو وزير الداخلية السعودية قبل أيام.

لا سيما وأن البيان الأخير أشار إلى تحولات استراتيجية خطيرة في طريقة تفكير التنظيم، مما يتطلب جهداً كبيراً وعملاً جماعياً مؤسسياً مقنناً عن طريق مراكز الدراسات والبحوث من أصحاب الاختصاص- كالعلماء والمفكرين والتربويين والإعلاميين - لبيان المنهج الشرعي بدليله، وتقديم البديل العلمي برؤية علمية واعية، ومنهج مؤصل واضح من أجل الخروج بآفاق أوسع تحتوي طاقات الشباب من،جهة، وتوعية المجتمع من جهة أخرى وحمايته من غلو المنحرفين.

لكن المواجهتين - الأمنية والفكرية - وحدهما لا تكفي، فلابد من المواجهة الاجتماعية والاقتصادية مع ما سبق.

وأن تطرح كل القضايا بشجاعة وصراحة والتي يمكن أن يكون لها تأثير في أسباب استفحال ظاهرة الإرهاب، كالفقر والبطالة، وغير ذلك من القضايا التي يمكن أن تكون لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة ببروز ظاهرة الإرهاب.