Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/07/2008 G Issue 13069
الخميس 07 رجب 1429   العدد  13069
مدينة الرياض بين واقع الصناعة وصناعة الموقع
م. حسن عبدالله الحسن

الصناعة لا يمكن لها أن تنهض بدون إيجاد السبل الكفيلة لقيامها، والسبيل في ذلك هو توفر البيئة الصناعية الملائمة لها وبعناصرها المختلفة، وأهمها إيجاد الموقع المطور، ويقصد بها الأرض الصناعية التي تتوفر بها البنية التحتية من خدمات (كهرباء، اتصالات، مياه.. الخ) وسهولة النقل والاتصال من وإلى الموقع.

الإحصاءات المتخصصة في ذات المجال تقول بأن مدينة الرياض تفتقد للمواقع الصناعية المؤهلة التي تساعد على قيام الصناعات المثلى، فكل صناعة ترتكز في تأسيسها على ثلاثة أسس (الجهات الحكومية المنظمة، الصناعيون، المستثمرون والمطورون).

هذا الثالوث الصناعي لابد لكل طرف فيه أن يعرف مهامه وواجباته، ومن أراد أن يعرف مدى تعثر الاستثمار الصناعي لابد له من معرفة الكم الهائل من الطلبات الباحثة عن مواقع لإقامة المصانع بمدينة الرياض، والتي تراوح مكانها بين أمانة منطقة الرياض وهيئة المدن الصناعية ليعلم القارئ مدى الرغبة الأكيدة لبعض الصناعيين في إيجاد مواقع لهذه المصانع، ولكن للأسف لا توجد الأراضي الكافية لذلك. نحن لا نحمل أمانة منطقة الرياض ندرة المواقع وتوفرها، لكن هذه المهمة منوطة بهيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية، فهي اللاعب الأساسي في هذه العملية ولكن قلة هذه المواقع هي من أوجد هذه المشكلة.

إن هروب رؤوس الأموال الصناعية للخارج من أهم معوقات تنمية الصناعة والعامل الرئيسي فيها، ندرة المواقع الصناعية المطورة وكذلك بعض التصرفات البيروقراطية للجهات الحكومية.

قد يقول قائل بأن وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة في أمانة منطقة الرياض قد وفرت وخصصت مناطق صناعية بمئات الكيلومترات المربعة في شمال مدينة الرياض (المدينة الصناعية بسدير) وفي جنوب المدينة (المدينة الصناعية بالخرج)، ولكن هذا الطرح يجب أن يسأل فيه وزارة الصناعة (هيئة المدن الصناعية) لماذا تأخر تطوير هاتين المدينتين الصناعيتين؟؟ حيث إن هذين الموقعين قد تم التنازل عنهما من وزارة البلديات لصالح وزارة الصناعة منذ بداية التسعينات من القرن الماضي!!!

لم يخرج مسئول من هيئة المدن الصناعية ليقول للجميع بأن هناك عوامل محددة تعيق تطوير هاتين المدينتين، قد يكون لهيئة المدن الصناعية عذراً في ذلك، وربما هناك أطراف أخرى مسببة للمشكلة. حتى الصناعيون لديهم دور في ذلك، فلكل منهم أسبابه ومشاكله ويستعين بحلها من خلال نظرته الوحيدة، ويعلم على ذلك من زاويته ومنظوره دون أن يكون لهم جميعاً صوت جماعي ومبادرات تساعد في حل المشكلة، ولا أدل على ذلك من أن هناك مساحات كبيرة تقدر بعشرات الملايين من الأمتار المربعة ضمن المخطط الاستراتيجي لمدينة الرياض مخصصة للأغراض الصناعية ولكن لا يوجد مطورين ومستثمرين يقومون بذلك.

الصناعيون دائماً ينتظرون من يقدم لهم الأرض الصناعية الصالحة والمطورة بخدماتها بدلاً منهم دون التحرك مع أطراف أخرى لإيجاد البيئة الصناعية.

يجب على الصناعيين أن يغيروا النظرة القاصرة وأن يبادروا باتحاد صناعي عقاري لتطوير الأراضي الصناعية وألا ينتظروا أحداً للقيام بذلك، وأن يكون هناك نماذج بين رؤى الصناعيين ومتطلبات الموقع.

الصناعيون يعلمون بأن دور الجهات الحكومية هي تنظيم وتشريع الصناعة وليس القيام بها فدورها استشاري وضابط لهذه العملية ولا نحملها أكثر مما تقدمه في ضوء إمكاناتها المحدودة، وليعلم الصناعيون أن الاعتماد على الدولة -رعاها الله- في كل صغيرة وكبيرة بدأ يخف وأن دورهم في ريادة العملية الصناعية قد حان في ظل العولمة الاقتصادية والاستثمار الخارجي لرؤوس الأموال الصناعية، فإن لم يغتنموا الفرص المتاحة لهم من الدولة، وإلا سيأتي مستثمرون صناعيون من الخارج سيزاحمونهم على ذلك ليقوموا بهذه المهمة بدلاً عنهم ويجدوا أنفسهم خارج اللعبة الصناعية.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد