Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/08/2008 G Issue 13095
الثلاثاء 04 شعبان 1429   العدد  13095
(سوق القايلة)
فضل بن سعد البوعينين

أطلق الزميل صالح الشهوان في إحدى مقالاته اسم (سوق القايلة) على سوق الأسهم السعودية العام 2007 وهو مصطلح طابق أحوال السوق السعودية التي تصر على مخالفة الأسواق الخليجية وأمنيات المتداولين. كانت الجدات والأمهات يخوفن أبناءهن في الأيام (الغابرة) ب(حمارة القايلة) بغية منعهم من الخروج ما بين صلاتي الظهر والعصر حيث الهدوء التام، وخلو الطرقات إلا من العابثين. وال(قايلة) لمن لا يعرفها مصطلح شعبي يعني (وقت الظهيرة).

تذكرت (حمارة القايلة) بعد أن شاهدت صورة نشرتها إحدى الصحف السعودية لمتداول مسن يغط في نوم هادئ بعد أن مد رجليه على مقاعد صالة التداول الوثيرة.وفي مشهد آخر، رأيت بأم عيني مجموعة من المتداولين يتناولون وجبة غداء دسمة في إحدى صالات التداول الراقية، غير مكترثين بمن حولهم من المتداولين.تداولات ما بعد الظهيرة أبدعت في إظهار ثقافة المجتمع الحقيقية وعلاقتها بساعات (القايلة) التي كانت محرمة على الجميع حتى بدأنا في استنساخ أنظمة الغرب، وتطبيق ساعات عملهم (الباردة) على أوقاتنا المحرقة.من الصعب تغيير عادات المجتمع بإصدار القرارات وفرضها على الآخرين، فالعادة المتأصلة تبقى وإن شُرع في تطبيق النظام؛ الرفض ليس من ثقافة المجتمع، لذا لا يجد المنظم، في الغالب، أية مشاكل لإثبات نجاعة قراره المصيري الذي مس جميع شرائح المجتمع، لا المتداولين فحسب.

ساعات التداول الحالية لم تكن في يوم صالحة للمجتمع السعودي لعوامل مختلفة.تأخير بدء جلسة التداول إلى الحادية عشرة صباحا تعني شطب الساعات المهمة من الفترة الصباحية، واختزال زخم انطلاقة السوق في نصف ساعة تقريبا قبل أن يتوجه المسلمون لأداء صلاة الظهر؛ وتأخير موعد الإغلاق إلى الثالثة والنصف عصرا، مما يعني تعارض ساعة الإغلاق المهمة مع وقت صلاة العصر، خاصة في المنطقة الشرقية، والمناطق الأخرى شتاءً؛ إضافة إلى ذلك فوقت الظهيرة يعني وقت الراحة للمجتمع السعودي، أو ما يعرف بوقت (القيلولة)، وهذه القيلولة لا علاقة لها بالكسل والخمول ولكنها مرتبطة بعادات المجتمع التي فرضتها أوقات الصلوات الخمس. فمن يؤدي صلاة الفجر، ويباشر مهام عمله في الصباح الباكر فهو في حاجة ماسة لاقتناص ساعة القيلولة (المقدسة).

إضافة إلى ذلك فدرجات الحرارة في أيام الصيف تصل أحيانا إلى 50 درجة تقريبا، مما يتعذر معها قيام أفراد المجتمع بأنشطتهم المعهودة، وهنا يكمن الفرق بين ظهيرة الغرب الباردة، وظهيرة الشرق المحرقة.

أثبتت الدراسات أن (القيلولة) مهمة لتجديد النشاط، ولكنها تصبح ضرورية في دول الشرق الحارة التي تنخفض فيها معدلات الأداء والتركيز ما بين الساعة الواحدة والثالثة ظهرا؛ ومعدلات الأداء والتركيز هي الأهم في هذه المقارنة، لا القيلولة.

يمكن أن نضيف إلى ذلك اختلاف مواعيد تداول السوق السعودية والأسواق الخليجية التي يأمل الكثير في تطابق مواعيدها تحقيقا لأهداف الوحدة، والسوق الخليجية المشتركة.

وإذا ما قارنا بداية افتتاح السوق السعودية بالأوقات الرسمية، فسنجد أن السوق السعودية تفتح متأخرة بساعتين ونصف تقريبا عن مواعيد العمل الرسمية وهو أمر لا يساعد على توحيد فترات العمل، وتناغم قطاعات الاقتصاد.أعتقد أن فترة تطبيق ساعات التداول الحالية كافية لإظهار سلبيات وإيجابيات التوقيت الحالي، وزمن التداول المحدد بأربع ساعات ونصف، وفق دراسة متخصصة تراعى فيها متطلبات المجتمع، وضعية المتداولين، علاقة قطاعات العمل والاقتصاد، مصلحة السوق، وعلاقتها بالأسواق الخليجية الأخرى.أعتقد أن أفضل ساعات التداول يمكن أن تكون ما بين التاسعة والنصف والواحدة مساء، وهذا يستدعي تعديل ساعات عمل المصارف لتكون مابين 8.30 و 3.30 مساء.

وحتى يحدث التغيير حُق لزميلنا المبدع صالح الشهوان أن يطلق على سوق الأسهم اسم: (سوق القايلة)؛ وحُق لجداتنا أن يطلقوا على وقت بدء عمل المصارف: (دوام شيوخ).

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأبرقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244



f. albuainain@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد