Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/08/2008 G Issue 13102
الثلاثاء 11 شعبان 1429   العدد  13102
ملكة وأمير وداعية
منيف خضير

في شهر آذار الماضي بدأت الملكة رانيا العبدالله (عقيلة ملك الأردن) بث أحاديث لها على قناتها الخاصة(v-log) على موقع يوتوب الخاص بمقاطع الفيديو. وتلقي الملكة أحاديثها باللغة الإنجليزية وهي التي تملك عقلية فذة ومقدرة حوارية لا تنقطع وذكاء متقدا يعينها على التواصل والاسترسال مع من يتداخلون معها، لذلك اختارتها مجلة (تايم) الأمريكية ضمن قائمتها السنوية لأقوى 100 شخصية عالمية. والملكة تهدف من وراء هذه القناة تفكيك الصور النمطية عن العالم العربي التي ينقلها إليها المحاورون، وتهدف أيضاً إلى إبراز الصورة الحسنة للإسلام وتعامله الراقي مع المرأة والحياة مستخدمة في كل هذا الخطاب الإسلامي المعتدل، وذهبت إلى أبعد من ذلك حينما سمحت بعرض القضايا التي يراها البعض شائكة كجرائم الشرف والدين والإرهاب رغم أنها تستطيع أن تختار التعليقات التي تود الرد عليها على خلاف التسجيلات الخاصة بالعائلة الملكية البريطانية - مثلاً- عبر موقع الحكومة البريطانية والتي لا تسمح بالتعليقات وتمنع أي نقاش.

وما تنفرد به الملك رانيا حاليا هو كونها الشخصية العربية الوحيدة تقريباً التي تستخدم الإنترنت للانخراط في حوار مع الغرب والترويج للخطاب الإسلامي المعتدل. ومن المؤكد أن ما تقوم به الملكة يصب أولاً وأخيراً في خدمة الإسلام، وهذه هي الفكرة التي أريد التحدث حولها، فكثير من المراقبين الإسلاميين يهمش كل دور لخدمة الإسلام لا يلبس الصورة الإسلامية النمطية من حجاب وغيره، ونحن - بالطبع- نفهم ما يريدون ونتفق مع التوجهات الشرعية بيد أن الإسلام كدين وحياة لا يرتبط بأناس دون غيرهم فهو ليس حكراً على أحد.

والكثير منا - على الأرجح- يتذكر حملات التشويه التي تعرّض لها الداعية الإسلامي الشهير عمرو خالد لمجرد أنه لا يتقيد بالصورة النمطية التي ربما جَرَت خلافات كثيرة حيال بعضها، وما قام به الداعية عمرو خالد بلا شك أجره على الله، ولكن ما نؤمن به أنه خدم الإسلام وشبابه خدمات ربما فاقت ما قام به الكثيرون ممن يعتقدون بأهمية الشكل الإسلامي وتغليبه على المضمون الذي نبحث عنه في ظل حوار الأديان والحضارات الذي نتجه إليه أو يتجه إلينا، وبالمناسبة فعمرو خالد أنهى قبل أيام تصوير 20 حلقة من برنامجه (القصص القرآني) في العاصمة التشيكية براغ بين الأقليات الإسلامية هناك بهدف التواصل معها وسيعرض هذا البرنامج في رمضان القادم (وفقاً لملحق الدين والحياة بالزميلة عكاظ- الخميس 6-8-1429هـ).

وجدير بالمسك أن أختم بالتذكير بما قام به الأمير الوليد بن طلال في هذا السياق حينما أهدى 17 مليون يورو لمتحف اللوفر الشهير بباريس عام 2005، وهي الهدية الأولى في تاريخ المتحف الشهير لإنشاء قسم دائم للفنون الإسلامية بهدف التعريف بإسهامات الحضارة الإسلامية للعالم، فأيُّ خدمة للإسلام ما يقوم به هؤلاء المبدعون؟!

إننا نعيش حالياً مرحلة مهمة في تاريخ حوار الأديان والحضارات فهل نجيد التحاور مثلما نجحت هذه النماذج التي أشرت إليها؟!



Mk4004@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد