تحقيق - بندر الرشودي:
بهدف الارتقاء بالمستوى العلمي لمعلمي مادة علم الأرض بالمرحلة الثانوية في كل من الرياض وجدّة والمدينة المنورة نظّم النادي العلمي السعودي بجدة، بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، برنامجاً ميدانياً لدراسة براكين المدينة المنورة ومظاهرها الجيولوجية تحت إشراف البروفيسور جون روبل خبير الدرع العربي ومستشار الهيئة.
وقد درس المشاركون آخر موقع بركاني خامد في الجزيرة العربية في جبل (الملسا) بحرّة رهط الذي انفجر عام 654هـ؛ حيث تتميز المنطقة بأنها المنطقة الوحيدة التي لم تتأثر بعوامل التعرية والتجوية الطبيعية بشكل كبير، ويصل ارتفاعه إلى 916 متراً؛ حيث كوّنت الطفوح البازلتية العديد من الأنفاق والدعامات البركانية التي انسابت منها اللابا.
يذكر أن بركان جبل الملسا التاريخي بدأ نشاطه بهزات زلزالية قدّرت قوتها ما بين (2 و6) درجات على مقياس ريختر، وبلغت أكثر من 18 هزّة، شوهدت بعدها نوافير من النار الحمراء في اللابا البازلتية من على بُعد 19 كيلومتراً؛ حيث ارتفعت اللابا البركانية إلى علو أكثر من 1200 قدم في السماء، مصحوبة بأصوات عالية كالرعد وتقدّم الطفح اللابي باتجاه المدينة المنورة، وارتفعت سحب الرماد الأسود والغازات إلى عنان السماء مكوّنة ست فوهات، وانسابت على شكل سيول حمراء لمسافة 23 كيلومتراً مشكّلة منظراً بديعاً في الليل؛ حيث انعكس ضوء هذه اللابا والنوافير النارية الحمراء في صفحة السماء مضيئة مناطق شاسعة في شبة الجزيرة العربية وصلت إلى حدود مدينة بُصرى في الشام حسب ما ذكرته بعض الروايات التاريخية، مصداقاً لحديث المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري (لن تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل في بصرى).
وقد استمر انبثاق الحرّة لأكثر من 52 يوماً في ست نبضات دافعة اللابا من أعماق طبقة الوشاح الخارجي للأرض، قدرت ما بين 160 و200 كيلومتر، وبدرجة حرارة وصلت إلى 1200مْ، وقد توقف انسياب الصهير على مسافة 12 كيلومتراً من الحرم النبوي بفضل الله عزّ وجلّ بعد دعوات وصلوات أهل المدينة المنورة في المسجد الشريف وقتذاك، واتجه الانسياب نحو الشمال لمسافة 23 كيلومتراً مغطية مساحة إجمالية قدّرت ب62 كيلومتراً مربعاً.
ويتميّز سطح الحرة بالخشونة وتحتوي على كثير من اللابا البازلتية غير الثابتة؛ نظراً إلى تبريدها السريع مشكّلة ما يعرف باللابا الحبلية المجدولة واللابا الكتلية الخشنة.
من ناحية أخرى قام معلمو مادة علم الأرض ضمن برنامجهم باستكشاف نظام الشقوق الذي يصل طوله إلى 11 كيلومتراً على هيئة متدرجة في نطاق الفوهات الأوسط لحرة رهط الذي يصل عمقه في بعض المناطق إلى 11 متراً وأقصى عرض له 110 سم، ويعتقد بأن نظام الشقوق حدث قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بفترة بسيطة.
كما قام المشاركون بزيارة لمحطة رصد الزلازل التابع لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية؛ حيث تستخدم أجهزة السيمسموغراف المتطوّرة لتسجيل النشاطات الاهتزازية في عشر محطات تنقل لاسلكياً بنظام عالي التردد إلى أجهزة الحاسب الآلي في المنطقة المترامية بالمدينة المنورة.
المدير التنفيذي للنادي العلمي السعودي بجدة الدكتور عبد الحفيظ محمد أمين وجّه شكره وتقديره إلى معالي رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الدكتور زهير نواب على دور الهيئة في خدمة المجتمع التعليمي، كما شكر مديري عموم التعليم بالرياض والمدينة المنورة وجدّة على تعاونهم المثمر لإنجاح البرنامج، مؤكداً أهمية مثل هذه البرامج الإثرائية الميدانية للمعلمين باعتبارهم حجر الزاوية في العملية التعليمية الذي سينعكس بدوره على طلبتهم في المدارس المختلفة.
وقد ضمت الرحلة مشاركة كلاً من:
تعليم محافظة جدّة:
سعيد عبد الله الزهراني (مشرف تربوي) - محمد يحيى الغامدي - محمد جمعان الزهراني - بدر سالم النخلي - غازي على الطلحي.
تعليم منطقة الرياض:
عبيد الله بن عبد الله العصبمي - مشاري بن سالم الشمّري - محمد بن على جبران - محمد بن بخيت الدوسري.
تعليم منطقة المدينة المنورة:
محمد صالح بلو - محمد عبده عقيل - محمد زبن الحربي - سهل محمد أبو خضير (مشرف تربوي) - إسحاق عبد الله سومر (مشرف تربوي)
المشرفون:
البرفسور مايكل جون روبيل (مشرف علمي)
الدكتور عبد الحفيظ محمد أمين (مشرف عام)