Al Jazirah NewsPaper Monday  15/09/2008 G Issue 13136
الأثنين 15 رمضان 1429   العدد  13136
التخمة والتراويح

تعقيباً على ما يُنشر في صحيفة (الجزيرة) من مواضيع عن شهر رمضان المبارك أقول إنه من قبل أن يبدأ هذا الشهر الفضيل والناس يتسابقون في الأسواق لجمع ما لذّ وطاب من المأكولات والمشروبات حتى أصبح في أذهان الغالب في الجيل الأخير من الناس أن هذا الشهر ليس شهر رمضان والإمساك عن الأكل والشرب، وإنما هو مهرجان عرض المأكولات الحلويات!

وعندما ينطلق من مكبر الصوت أذان المؤذن لأذان المغرب يبدأ الإنسان بملء جعبته (بطنه!!) حتى يصل الأكل إلى فيه. ولكن ماذا يحصل بعد ذلك؟ يصاب الإنسان بتخمة وخمول وكسل وبالكاد يقدر المرء على أداء صلاة المغرب مع الجماعة، ويستمر الوضع أيضاً إلى بعد صلاة العشاء، وتغافل عن أمر الشارع الحكيم بقوله تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّه لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (13) }سورة الأعراف.

وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ولثلث لشرابه وثلث لنفسه). وقال ابن القيم في كتابه زاد المعاد معلقاً على هذا الحديث: وهذا من أنفع ما للبدن والقلب؛ فإن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعب بحمله بمنزلة حامل الحِمل الثقيل، هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب وكسل الجوارح عن الطاعات وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع؛ فامتلاء البطن من الطعام مُضرّ للقلب والبدن، وقد روي عن ابن ماسويه الطبيب عندما قرأ الحديث في كتاب أبي خيثمة قال: لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام ولتعطلت المارستانات ودكاكين الصيادلة.

ونحن نعلم أن هذه الشراهة في الأكل صفة مذمومة وليست من صفات المؤمن؛ فلقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث (المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء)، وأن لكثرة الأكل والشرب أثراً كبيراً في التكاسل عن العبادة والقيام في الليل وبخاصة التراويح في رمضان، وفي حكمة مأثورة عن عمر بن الخطاب قال فيها (إياكم والبطنة فإنها مكسلة عن الصلاة مؤذية للجسم، وعليكم بالقصد في قوتكم فإنه أبعد عن الأشر وأصح للبدن وأقوى على العبادة، وإن امرأ لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه). وقد قيل أيضاً قديماً (لا تكلوا كثيراً فتشربوا كثيراً فتناموا كثيراً فتخسروا كثيراً).

نايف المنصور
عضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد