Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/09/2008 G Issue 13137
الثلاثاء 16 رمضان 1429   العدد  13137
العمالة المنزلية (كلاكيت مرة أخرى)
د. خالد بن محمد الخضر

كتبت مقالاً منذ حوالي أربع سنوات حول مشكلة العمالة وعلى وجه الخصوص العمالة المنزلية، تحدثت في ذلك المقال حول المشكلات التي يواجهها المواطن على كل الصعد المالية والنفسية والاجتماعية، محاولا بذلك المواطن المسكين أن يقفز على مشكلاته الأخرى وتحديات الحياة الطاحنة من فواتير واجور وقروض للبنوك وما إلى ذلك، حتى أن السائق والشغالة أصبحا ضرورة ملحة خاصة في بلد مثل مدينة الرياض، إلا أن هذا المواطن المسكين وعلى الرغم مما يتحمله من أعباء كثيرة وضاغطة كالتضخم وارتفاع الأجور والمساكن والسلع الاستهلاكية فانه كذلك يتصدى لمشكلة الخدم بغصة خانقة للأنفاس، أعود إلى ما ذكرته في مقدمة مقالي أنني تكلمت وأشرت في المقال السابق للمشكلات التي يواجهها المواطن من تلاعب كثير من مكاتب الاستقدام التي تكون في أروع حالاتها قبل كتابة العقد، ومن ثم تأتي الطامة والمماطلة (انتظار مميت حتى يحين فرج قدوم السائق أو العاملة المنزلية وبعد انتظار يدوم دهرا يتمخض الجمل فيلد فأرا) تتبعه المشكلات تلو المشكلات، مواصفات لا تنطبق على ما ذكر في العقد، إخلال بالشروط (مضيعة للوقت والمال) والأعذار جاهزة تارة تعلق على مشكلات بلد المستقدم أو الظروف الخارجة عن إرادتهم أو أنهم لم يجدوا إلا هذا السائق الهمام أو تلك العاملة المنزلية الماهرة، إحصائية صغيرة قام بها بعض الشباب داخل مدينة الرياض وجدوا أن نسبة 50% من السائقين المستقدمين من قبل تلك المكاتب لا يعرفون أبجديات القيادة حتى أن بعضهم يعترف بأنه لم ير سيارة في حياته بشكل مباشر، ولكم يا سادة أن تتخيلوا معي أننا ننتظر الشهر تلو الشهر ننتظر هذا السائق الذي سنسلمه رقابنا وفلذات أكبادنا ومن ثم نفاجأ بأنه لا يعرف ابسط أبجديات القيادة، تلك وربي لهي الطامة الكبرى، وإذا تحدثت مع أصحاب المكاتب لا تجد إلا الرد الجميل والهادئ والمبطن بعدم المبالاة، بسيطة يتعلم القيادة، المسألة مسألة زمن ثم يتعود على البلد، السيارة التي كان يقودها تختلف عن نوعية السيارة التي سيقودها في السعودية وعليك أن تسمع مثل هذا الاعتذار أكثر وتبتسم وترفع يديك وتقول اللهم أنت حسبي ونعم الوكيل، فقاعدة من أمن العقوبة أساء الأدب تتمثل بأولئك خير تمثيل، هل توافقني أيها القارئ الكريم أن الإنسان عليه أن ينتظر أحياناً أكثر من نصف سنة ثم تأتي المصيبة (لم ينجح أحد) وبعد ذلك إما أن تسلّم وإما تذهب للشرط والمحاكم لتشتكي وعليك أن تنتظر سنة أخرى، المصيبة لا تقف عند هذا الحد فأنا هنا أكاد اجزم انه لم يسلم أحد من المواطنين من مشكلات مكاتب الاستقدام وحتى إن سلم من ذلك فعليه انتظار المترتبات الأخرى من هروب السائق أو الخادمة، لان السوق السوداء - وذكرت ذلك كثيرا - تستوعب أولئك الآمنين من العقوبة والمساءلة !! كم سائق هرب من كفيله أو عاملة منزلية؟ هل تم إعادة سائق أو خادمة ؟! أو أن أولئك الهاربين طبق عليهم العقاب؟! اشك أو أن النسبة ضئيلة جدا؟! لماذا يواجه المواطن المسكين سلسلة من المشكلات مع مكاتب الاستقدام وبعدها مع العمالة ثم مع مشكلة التأشيرات ومشكلة الهروب ومشكلة استنزاف المبالغ؟! ومن ثم تأتي مشكلة تأجير الشغالات السائبة! من أساطين السوق السوداء! لماذا لا تضع وزارة العمل حدا لتلك المهزلة بأن تبني مشروع شركة مساهمة للخدم والسائقين يستطيع المواطن (وكما ذكرت في جريدة الاقتصادية في مقال بعنوان شركة مساهمة للخدم والسائقين في العدد 4420 في 17-11-2005م من خلاله اختيار نوعية السائق وجنسيته والوقت الذي يحتاج إليه وتوضع قوانين وأسعار تحدد من قبل تلك الشركة كُلٌّ حسب كفاءته وجنسيته ومعرفته بالبلد وكذلك الخادمات المنزلية، ليتسنى للمواطن أن يطلب الطلب الذي يحتاج إليه ويستطيع الحصول عليه خلال ساعات مثلها مثل شركات تأجير السيارات بشروط وعقود واضحة ومحددة تحمي مثلث العقد: المواطن ومكتب الاستقدام وكذلك العامل، تضمن للمواطن حقوقه وماله وصحته ونفسيته وكذلك للشركة المساهمة ربحيتها وتضمن للعامل كذلك حقوقه وآدميته ونفسيته وماله وكل ما ينادي الإسلام به في ذلك الخصوص، لماذا نُصرُّ على أن يكون لدينا سوق سوداء، لماذا نصر على أن يكون لدينا هروب مستمر؟! لماذا لا تعالج تلك المشكلة من جذورها، لماذا لا يتدخل أهل الاختصاص والعارفون بذلك والمختصون والاجتماعيون والاقتصاديون وذوو الخبرة والمعرفة لحل مثل هذه المشكلات؟! أنا أكاد اجزم أن مثل هذه الشركة المساهمة ستحل الكثير من المشكلات! اعرف أن كل عمل له سلبياته وإيجابياته ولكني أتمنى أن تكون إيجابيات مثل هذه الشركة المساهمة أكثر من سلبياتها، أمر آخر يجب أن لا يغيب عن الأذهان وهو انه في حال قيام مثل هذه الشركة المساهمة فإننا سنوفر الكثير من التأشيرات والكثير من الاستنزاف المالي على المواطن والكثير من الانتظار والجهد وكذلك توزيع تلك العمالة حسب الاحتياج والحالة والوقت ولا تلزم المواطن بأن يكون هذا العامل ملتزماً بالكفيل لمدة سنين شاملة كل التكاليف فمن يحتاج الى سائق لمدة يوم يجده ومن يريد سائقاً لمدة سنة كذلك يجده كما ذكرت حسب الحاجة والحالة والظروف ومعطيات كل مواطن.



Kmkfax2197005@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد