الوطن كلمة تعني مكان إقامة الإنسان ومستقره. ولهذا فإن الإنسان جبل على حب موطنه. وهذا الشعور مأمور به في الإسلام. ومحبة الوطن من الأمور التي تحقق العزة في نفوس المواطنين. والوطنية تقوي روابط الأخوة بين أفراد المجتمع فتقوى الجبهة الداخلية وتتحقق مصالح الناس. وهذا مطلب يؤكده الدين الإسلامي. ولا شك أن رابطة العقيدة أقوى وأعظم لكن هذا لا يعطل رابطة الوطن الواحد. والوطنية تقتضي السعي لخير البلاد والعباد ورفع راية الوطن. وهناك فروق بين الأوطان في جوانب متعددة ثقافية واقتصادية وجغرافية وغيرها. ووطننا العزيز من وجهة نظري هو الأميز على الإطلاق ليس لأنني مواطن سعودي بل يشهد بذلك القرآن الكريم فسماه الله جل وعلا البلد الأمين ودعا له خليل الله إبراهيم عليه السلام بالأمن والرزق الوافر وفيه أحب البقاع إلى الله وأحب البقاع إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. ويشهد بذلك التاريخ والجغرافيا والمنصفون في كل أرجاء المعمورة. وطن يحتضن البيت العتيق رفع قواعده خليل الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام. وطن سار على ثراه أنبياء ورسل وولد ونشأ وترعرع على ثراه أفضل خلق الله وبعث بأفضل الأديان إلى البشرية جمعاء وختم به الرسالات انه محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وبعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة وأتاه الأجل احتضنت طيبة الطيبة جسده الطاهر الشريف. وطن فيه قبلة المسلمين وعلى ترابه تؤدى مناسك الركن الخامس في الإسلام. وطن هو مهبط الوحي ومنطلق الرسالة موطن المهاجرون والانصار وعلى ثراه تأسست دولة الإسلام الحديثة. المملكة العربية السعودية التي تزعمت مسيرة التجديد والتصحيح للعقيدة الإسلامية بعد سنوات الجهل والشرك والتخلف التي عاشتها الأمة. إن تأسيسها كان معجزة على الرمال كما وصفها بعض الكتاب وموحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله قائد معجزة بشهادة عظماء القيادة في العصر الحديث وحد الأرض والقلوب على أساس توحيد رب العباد. وكانت مراحل نشأتها وتوحيدها نعمة من نعم الله عز وجل على أهلها خاصة وعلى المسلمين عامة. فبقيامها زال الجهل والشرك والخوف والجوع وانطلقت مسيرة البناء المذهل.
فأمن الناس وانتشر العلم وزالت مظاهر الفرقة والتناحر وأصبح الولاء لله ثم للقيادة والوطن بعد أن كانت القبلية هي الرابطة المؤثرة في حركة الإنسان وسلوكه. وبفضل الله ثم بفضل هذه الدولة وقيادتها انتشرت الفضيلة ومنعت الرذيلة وأمن الناس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم وتيسرت السبل للمسلمين في أرجاء الأرض لأداء شعائر الحج والعمرة في أمن وأمان. وبني نظام الحكم فيها على كتاب الله وسنة نبيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورعاية مصالح الوطن والمواطن وتوالت نهضة هذه البلاد في جميع الجوانب إلى أن أصبحت دولة عصرية لها مكانتها الدولية ولها الدور الفاعل بحكم مكانتها الإسلامية وموقعها الاستراتيجي وامتلاكها لأكبر مصدر للطاقة العالمية وقد كسبت ثقة العالم بحكم سياستها الواضحة المتزنة والمعتدلة. لقد ساهمت في نشر دين الله في أصقاع الأرض من خلال بعث الدعاة وإقامة المراكز الإسلامية ودعمها ورعايتها وعم خيرها جميع المسلمين. لقد حباها الله قادة حكماء عظماء رحماء ساروا على نهج المؤسس رحمه الله إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح المصلح المخلص الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. رعوا مصالح البلاد والعباد ودافعوا عن قضايا المسلمين خدموا الحرمين الشريفين رعاية وتطويرا لم يشهد التاريخ له مثيلاً.
* مدير الدفاع المدني بمنطقة القصيم