في اليوم الأول من برج الميزان من كل عام تحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني الذي هو ذكرى تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه،
حيث صدر الأمر الملكي رقم (2716) في السابع عشر من جمادى الأولى عام 1351هـ بإطلاق اسم (المملكة العربية السعودية) على هذه البلاد المترامية الأطراف والتي تشكل جزءاً كبيراً من مساحة الجزيرة العربية. إن هذا اليوم شعور وطني يغمر كافة فئات الشعب السعودي كما أنه محطة تتجدد في كل عام لمراجعة منجزات التنمية في شتى المجالات، ولنتذكر سيرة بطل عظيم جاهد وبذل الغالي والنفيس لتوحيد هذه البلاد فمن يقرأ قصة توحيد المملكة العربية السعودية يقف منبهراً ومعجباً بهذا البطل الذي جمع شتاتها بإمكانيات محدودة جداً فتحدى الصعاب وثبت بعزيمة الأبطال وإصرارهم فاستعاد ملك آبائه وأجداده. بسيره تختلط فيها الحقيقة بالخيال من هول ما واجهه رحمه الله، فلم تكن طريقه مفروشة بالورود لأن البلاد قبل توحيدها كانت عبارة عن دويلات صغيرة تتنازعها القبائل وكان الأمن مفقوداً حتى إن الإنسان لا يأمن على نفسه في حله وترحاله، كما أن الحج لم يكن في مأمن من قطاع الطرق بالرغم من حرص بعض الدول المجاورة على حماية قوافل الحجاج وتأمينها إلا أنها لم تستطع القضاء على عمليات النهب والسلب التي يتعرض لها الحجاج، فكانت النتيجة أن تأثر الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد فأصبحت شبه معزولة عن العالم الخارجي.
لقد تمكن الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى من توحيد هذا الكيان فجمع الشتات وأرسى دعائم الأمن ووطن البادية في مجمعات زراعية، وعاد الحج آمنا بعد أن طبق الملك عبدالعزيز الشريعة الإسلامية في حق كل من تسول له نفسه انتهاك محارم الله. كما أنه رحمه الله أزاح عن كاهل الحجاج الضرائب التي كانوا يدفعونها فكان ذلك محل تقدير وامتنان الحكومات الإسلامية في ذلك الوقت.
لقد كان اليوم الوطني في السنوات الماضية مناسبة دبلوماسية تحتفل بها سفارات خادم الحرمين الشريفين أما الآن فقد أصبح الاحتفال به جزءا هاما من تقاليد الشعب السعودي الذي يحتفل به ليجدد الولاء وليتذكر الوحدة بعد التشتت والتفرق، واجتماع الكلمة بعد التناحر والتمزق فقد كانت بلادنا ولقرون عديدة على هامش التاريخ ولكنها بعد التوحيد دخلته من أوسع أبوابه نظرا لم وصلت إليه من التقدم الحضاري والعلمي والصناعي وما أنفق على البنية التحتية وهذا ما يدل على حرص القيادة الرشيدة على خدمة الوطن والمواطن.
إن هذا اليوم الوطني يمر علينا وطلابنا وطالباتنا يتمتعون بإجازاتهم الصيفية بعد أن كانوا يحتفلون به في مدارسهم في السنوات الماضية، وهنا فالمسؤولية كبيرة على الآباء والأمهات ووسائل الإعلام المختلفة في إبراز الصورة المشرقة لهذا اليوم الوطني وتقديمه لأبنائنا وبناتنا بطريقة تنمي فيهم روح المواطنة الحقة حتى لا يكونوا فريسة لأعداء هذه البلاد، نعم نحن مطالبون بتقديم الصورة المشرقة بطريقة توحي بالمقارنة بين ما كنا عليه في الماضي وما نحن فيه في الحاضر ليفتخروا بالإنجازات الكبيرة التي تحققت على يد ملوك هذه البلاد بعد مؤسسها رحمه الله حيث ساروا على نهجه ونهضوا بالمملكة العربية السعودية في شتى المجالات.
أما في عهد خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله فقد كان محور سياسته الداخلية هو المواطن السعودي فحرص على تلمس احتياجاته وإيجاد الحلول العاجلة لها كالفقر والبطالة وارتفاع الأسعار كما أمر بإنشاء المدن الاقتصادية في مناطق عدة من المملكة العربية السعودية لتخلق فرصا كثيرة للعمل كي يلتحق بها خريجو الجامعات والمعاهد المختلفة في المملكة ولتساعد على حل مشكلة البطالة، أما ارتفاع الأسعار فقد أمر حفظه الله بزيادة سنوية على الرواتب لتستوعب ارتفاع الأسعار وتكون بنسب متصاعدة ولثلاث سنوات قادمة، أما مشكلة الفقر فقد كانت الشغل الشاغل لجلالته قبل أن يتولى مقاليد الحكم حيث قام بزيارة لبعض الأحياء الفقيرة ووقف على ذلك بنفسه وطالب بوضع حلول عاجلة لها.
كذلك سار حفظه الله على نهج أسلافه من ملوك البلاد في الاهتمام بالأماكن المقدسة وتوفير سبل الراحة للحجاج والمعتمرين فأصدر أوامره بتوسعة الحرمين الشريفين لتستوعب الزيادة المطردة في عدد الحجاج والمعتمرين في كل عام.
كما برزت حنكته حفظه الله خلال زياراته التي قام بها للدول العربية والإسلامية الصديقة حيث حرص على أن تكون قضية فلسطين هي المحور الرئيسي في محادثاته لدعم قضية السلام في المنطقة بالإضافة إلى فتح الباب على مصراعيه لتشجيع الحوار بين الأديان لنبذ العنف والإرهاب وإيجاد حلقة تربط بين شعوب العالم لتتعايش في سلام وأمان.
وختاماً فليرحم الله الملك المؤسس على ما بذل وأعطى ويرحم أبناءه البررة الذين ساروا على نهجه وأن يحفظ لنا قائد مسيرتنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأن يحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل لتستمر مسيرة نهضتنا والله من وراء القصد.