اليوم الوطني رمز من الرموز التي يجب أن تبقى خالدة في ذاكرة الوطن لما يمثله من نقلة نوعية وحضارية لابن هذه الجزيرة العربية، وبتقليب صفحات التاريخ وهي ليست بعيدة نجد أن هذا الكيان قبل التوحيد في دولة واحدة كان عبارة عن مجموعة من القبائل المتناحرة التي تفتقر إلى الروابط الإدارية، كما أن المرء كان لا يشعر بالأمن لعدم وجود أنظمة تحكم العلاقة بين المجتمعات المتنافرة ولكن عندما قيض الله سبحانه وتعالى لهذه البلاد رجلاً من قلب هذه الجزيرة هو الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - الذي أدرك بفطنته وفراسته وذكائه حاجة هذه البلاد للتوحيد وحجم المسؤولية الكبيرة للقيام بهذا العمل وهو عمل بطولي تصدى لتحقيقه بقوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى ثم بالإرادة والعزم على تحقيق البناء الذي نفخر به جميعاً وضع لبنته الأولى حتى اكتمل على الرغم من الإمكانات البسيطة في ذلك الوقت. إن يومنا الوطني لبلادنا الطاهرة تاريخ بأكمله إذ يجسد مسيرة جهادية طويلة خاضها البطل الموحد المغفور له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه ومعه أبطال مجاهدون هم الآباء والأجداد - رحمهم الله جميعاً - في سبيل ترسيخ أركان هذا الكيان وتوحيده... تحت راية واحدة (راية التوحيد).ومثلما كان اليوم الوطني تتويجاً لمسيرة الجهاد من أجل الوحدة والتوحيد فقد كان انطلاقة لمسيرة جهاد آخر... جهاد النمو والبناء للدولة الحديثة. اليوم الوطني مناسبة عزيزة تتكرر كل عام نتابع فيه مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها الوطن ويعيشها في كل المجالات وهذه النهضة الفريدة من نوعها التي وثبت بالمملكة في نقلة حضارية وفي زمن قياسي وضعتها في مصاف الدول المتقدمة.فيومنا الوطني يتيح لنا أن نستعرض بكل فخر واعتزاز حرص الدولة على حماية العقيدة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى جانب حرص خادم الحرمين الشريفين على إعمار الحرمين الشريفين وتوسعتهما وأنفقت في سبيل ذلك عشرات البلايين من الريالات لتوافر الرعاية والأمان لحجاج بيت الله الحرام وراغبي العمرة والزيارة، كما حرصت الدولة على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية ورعاية جميع أفرادها واعتصام أفراد المجتمع السعودي بحبل الله تعالى وتعاونهم على البر والتقوى والتكافل فيما بينهم وعدم تفرقهم ومنع كل ما يؤدي إلى الفرقة والفتنة والانقسام.ولقد أولت حكومة المملكة منذ إنشائها على نشر العلم وتعليم أبناء الأمة الاهتمام بالعلوم والآداب والثقافة وعنايتها بتشجيع البحث العلمي وصيانة التراث الإسلامي والعربي وإسهامها في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية كذلك المحافظة على البيئة وتطويرها وحمايتها من التلوث. أما على الصعيد الإقليمي فقد استطاعت المملكة العربية السعودية أن ترسخ أقدامها على الساحات الإقليمية والدولية فالمملكة عضو بارز وفعال في مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس عام 1401هـ إلى جانب كونها عضواً مؤسساً في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وتسهم في حل المشكلات الاقتصادية والسياسية في العالم العربي والإسلامي، حيث تشارك بفعالية في جميع التوجهات والمؤتمرات لإحلال الأمن في منطقة الشرق الأوسط. أما على الصعيد الدولي فالمملكة العربية السعودية أسهمت في إنشاء الأمم المتحدة، وتسهم في ميزانيتها وتسدد حصتها بشكل منتظم وتحتل المرتبة السادسة للمشاركين في رأسمال صندوق النقد الدولي وكذلك المركز الثالث من المشاركين في رأسمال البنك الدولي للإنشاء والتعمير... هذا بخلاف عشرات الصناديق والمصارف والبنوك الدولية والإقليمية الساعية إلى النهوض بالاقتصاد العالمي وتنميته وتطويره.أما تأثير هذه التجربة المثلى المتمثلة في قيام هذه الوحدة الكبرى وفق منهج الإسلام على المنطقة فالمملكة العربية السعودية - ولله الحمد - تحتل مركزاً فريداً في العالم كقوة اقتصادية وكدولة استراتيجية وسياستها الخارجية تقوم على مبادئ أساسية منها صيانة استقلال المملكة وحمايتها من أي عدوان أجنبي وخدمة الحرمين الشريفين والتعاون مع الدول العربية والإسلامية لخير ورفاهية شعوبها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى... وأخيراً السلام والوئام والتعايش السلمي مع الأمم الأخرى كل ذلك قائم على الإسلام كرسالة عالمية وشريعة ومنهاج حياة تعتمد عليها المملكة كفلسفة لكل منطلقاتها وممارستها وتسخر طاقاتها الهائلة وثرواتها الكبيرة ووزنها الدولي المرموق لنصرة القضايا الإسلامية، ووجهت نصيباً مفروضاً من عطائها المتدفق لدعم الأقليات المسلمة وأنشأت المؤسسات الدعوية والخيرية والمراكز الإسلامية وأوفدت الدعاة والمدرسين وقدمت المنح الدراسية لأبناء المسلمين وذلك لمؤازرة الأشقاء في الحفاظ على هويتهم الإسلامية الأصيلة ولا تزال تقدم الدعم المالي لمراكز الأبحاث وتاريخ الثقافة الإسلامية في الكثير من دول العالم، والمملكة ما تكاد تشعر بمأساة أو كارثة تحل بأشقائها في البلاد العربية والإسلامية إلا وتتجاوب معها سواء بالدعم المادي أو العيني ودعم قضاياها ولا تزال تسهم في امتصاص آثار المشكلات الإنسانية والمتمثلة في مشكلات تدفق اللاجئين وضحايا الحرب في العديد من دول العالم الإسلامي.
المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون