تمثل ذكرى اليوم الوطني للمملكة، التي تحتفل بها البلاد كل عام، مناسبة حية لاستعادة قصة كفاح المؤسس الباني الملك عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، وجهاده في سبيل توحيد أجزاء البلاد، وإقامة دولة عصرية تأخذ بأسباب التقدم والرقي، وتنتقل بشعبها من ظلام التخلف والجهل، وحياة الخوف والفرقة وانعدام الأمن، إلى حياة جديدة ينعم فيها المواطن بنعمة الأمن والاستقرار، وينهل من خير بلاده مطمئناً على حاضره ومستقبل أبنائه.

ولا شك أن ملحمة البناء والتوحيد التي قادها الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، ستظل زاداً متجدداً يلهم الأجيال المتعاقبة قوة العزيمة، وصلابة الإرادة، ونفاذ البصيرة، وسداد الرأي، والحكمة في التعامل مع التحديات والمواقف الطارئة، وهي كلها صفات تجسدت في المؤسس الباني، فاستطاع بفضل ما حباه الله من رجاحة عقل، وحسن تصرف، وإحكام تقدير للأمور أن يجمع حوله القلوب، وأن ينتصر في كثير من المعارك بفضل إيمانه بالله وصدق عزمه على توحيد شتات الوطن الممزق، والقضاء على روح الفرقة والتخلف التي تعصف بأمن واستقرار البلاد، ما مكنه من أن يقيم هذا الكيان الشامخ في تجربة وحدوية غير مسبوقة في عالمنا المعاصر.

ولن تستطيع الكلمات، مهما بلغت دقتها وفصاحتها، أن تصور الواقع المرير الذي عاشه الملك المؤسس، والصعوبات الجمة والكبيرة التي واجهها وهو يخوض معاركه إبان فترة جهاده التي ناهزت الثلاثين عاماً، والتي توجت بإقامة أكبر دولة موحدة، استطاعت خلال فترة زمنية قياسية أن تكون واحدة من أكبر الدول تقدماً وتأثيراً في صنع القرار العالمي، لأن الإحاطة بهذا الواقع، والوقوف على مدى المعاناة التي تكبدها الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، في سبيل توحيد هذا الكيان الكبير، يكشف للأجيال الجديدة عظمة ما أنجز الملك المؤسس، وضخامة التحول الذي شهدته البلاد، حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن من تطور وتقدم، فبضدها تتمايز الأشياء!.

وتظل تجربة الملك عبدالعزيز الوحدوية، الرائدة وغير المسبوقة، معيناً لا ينضب من صلابة الإرادة وقوة العزيمة أمام الأجيال الجديدة من أبناء وطننا الغالي، يستلهمون منه القدوة، ويستخلصون الدروس والعظات التي تعينهم على مواصلة مسيرة التطوير والتقدم والبناء التي أرسى دعائمها الملك المؤسس وحمل أمانة استمرارها أبناؤه البررة ملوك آل سعود الميامين.