Al Jazirah NewsPaper Wednesday  08/10/2008 G Issue 13159
الاربعاء 09 شوال 1429   العدد  13159
مخيمات الصنادق؟!
رمضان جريدي العنزي

حالات من التوتر والاحتقان والعوز والفقر والفاقة وقلة الحيلة وقصر اليد وشظف العيش ووجوه كاحلة وملابس رثة وفرش بالية وقلة طعام وقلة ماء وقلة أمن نفسي وأمن بدني وأمن اجتماعي تعيشها أكثر من (30) أسرة في مخيم من (الصنادق) في (حزم الظمأ) في مدينة الجوف

وأكثر منها تعيش في مخيم من الصنادق في (الوايلية) في مدينة حفر الباطن وأكثر من ذلك يعيشون في (قرية) الصنادق في مدينة عرعر والكثير الذي لا نعلمه أو نحصيه أو نعرف له وجهة أو أثراً، طبعاً هذا ليس من عندي أو أنه مجرد تهيؤات أو تخاريف حلم بعد عشاء دسم، بل تقارير صحفية محلية نقرأها ونتابعها فترة بعد أخرى، بالطبع لا يمكن النظر بعين الارتياح إلى هذه التقارير الخطيرة والمناظر المأساوية، وتدل دلالة واضحة وتنم عن خلل ما في العلاقة التكافلية للعلاقات الإنسانية في مجتمعنا البشري الذي يملك إرثاً عقائدياً عظيماً وجوهراً ناصعاً من العمل الإنساني الخيري، وإرثاً من المال الذي لا يحصى ولا يعد، وعدداً كبيراً من أباطرة المال.

إن التكافل الاجتماعي والسعي وراء الاحتياجات من قبل رجال المال والأعمال لهؤلاء الناس وقضاء لوازمهم ومستلزماتهم وبناء البيوت المناسبة لهم من أهم مقومات ديننا الإسلامي العظيم وما حث عليه شرعنا المطهر رفعة لآدمية الإنسان ومنزلته وعلو شأنه، وهي من أهم البنود والأسس والمسئوليات العظيمة الملقاة على عاتق رجال المال والأعمال ووجوب تضامنهم وسعيهم المشترك مع الدولة لتحقيق الأهداف العليا لهذه الأسر المحتاجة الفقيرة وبدون هذه الأعمال الإنسانية الواجب تنفيذها بشكل فوري لا يمكن للمجتمع أن يعمل ويستمر ويعيش بأمن ولا يستطيع تحقيق الأهداف التي يريد بلوغها.

إن مشكلة (مخيمات الصنادق) يجب التصدي لها ومعالجتها على أسس علمية وواقعية تستلزم إعداد إستراتيجية إسكانية وبرامج واضحة ومحددة يمكن إنجازها خلال سنوات قليلة جداً وبسرعة عاجلة وفائقة مع تنشيط دور البنوك الأهلية وتسهيل مهامها في إعطاء القروض الإسكانية للأفراد بشكل بسيط وميسر ومراقب، وتفعيل دور هذه البنوك في هذه المرحلة لما تملكه من خبرات متراكمة وإمكانيات مالية وفنية ضخمة إذا ما فُعِّلت بشكل سليم وصحيح فإنها تسهم في العمل على تسريع دفعات قروض صندوق التنمية العقاري في المعالجة الهادفة إلى تحجيم حجم هذه المخيمات الخشبية ذات الصفيح الساخن وتهميشها.

إن من حق سكان (مخيمات الصنادق) هذه، العيش بكرامة كبشر، وأن ينعموا بالتنمية والتعليم والمستوى اللائق للمعيشة والمأكل والمشرب والرعاية الصحية والعيش في بيئة نظيفة ومصونة من الأوبئة والأمراض والأدران، ومن حقهم أيضاً تهيئتهم لمسيرة إنسانية تصب معطياتها وطموحاتها في محصلة نهائية خيراً لأنفسهم وأجيالهم الذي ينعكس إيجاباً وبشكل عام على تطور هذا الوطن الكيان.

إن الإسراع في معالجة هذا الخلل الإسكاني هو من مسئولية الجميع؛ رجال أعمال وحكومة وجمعيات أهلية وحكومية وفردية، ويجب العمل على إنجاز هذه الوظيفة برتم عالٍ فائق الخطى، من مبدأ أن لهذه الوظيفة ثلاثة أضلاع مهمة وعظيمة؛ وهي: ضلع الحس الديني، وضلع الحس الإنساني، وضلع الحس الوطني، وعلى الإعلام أيضاً مسئولية أن يلعب دوراً أساسياً ومؤثراً في إيصال المعلومات للجهات المعنية ومن يريد العمل الخيري عبر إبراز هذه القضايا الاجتماعية وعرضها بشكل ملفت واضح وأمين؛ للحدّ من هذه الظواهر والوقائع والحقائق الاجتماعية الخطيرة التي إن تركت طويلاً يعني مزيداً من الانهيار في القيم وفي المبادئ وفي سلوكيات سكان هذه المخيمات البدائية المتهالكة التي لا يجب أن تحدث في بلدنا صاحب الثروات العظيمة والهائلة والعوائد والمدخرات النفطية والمعدنية الثمينة والإرث الديني والعقائدي السليم ورجال الأعمال وأباطرة المال الأكثر في العالم. وعلينا ألا نترك أمر هذه المخيمات (الصنادق) يتشعب خطرها ليعم الجميع وتصبح نارها تستعر بقوة لا يمكن إخمادها أو الحد من تطاير شررها المتقد.



ranazi@umc.com.sa

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد