Al Jazirah NewsPaper Sunday  12/10/2008 G Issue 13163
الأحد 13 شوال 1429   العدد  13163
أضواء
فضيحة السفينة الأوكرانية
جاسر عبدالعزيز الجاسر

ليس جديداً قيام الدول التي تسير أنظمتها في ركاب الدول الكبرى أو القوية أو تلك الدول التي تدفع مقابل قيام دول محتاجة لتنفيذ (أعمال قذرة) أو القبول بتنفيذ عمليات مضرة كاستقبال النفايات السامة وطمرها في أراضيها، أو مرور متمردين وحتى جيوش على أرضها، أو لتهريب أشخاص إلى دولة ثالثة، فقد قرأنا وتابعنا كثيراً من الأعمال القذرة التي نفذتها أنظمة مقابل (رشاوى) أو حتى مساعدات اقتصادية، مثل عمليات تهريب الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل عبر السودان وطمر النفايات السامة في موريتانيا، ولهذا فلم أستغرب الكشف عن قيام أوكرانيا بدور (الوسيط) لتزويد جيش التحرير السوداني الذي قاد التمرد في الجنوب والذي وإن عقد اتفاقاً مع الحكومة السودانية المركزية إلا أن طموح الانفصال لم يتوقف، وقيام أوكرانيا ببيع أسلحة ثقيلة هجومية إلى (جيش متمرد) وبتوجيه من قوى دولية لا تريد الخير للسودان عمل لا يقل (قذارة) عن عمل القراصنة الذين استولوا على السفينة (فاينا) الأوكرانية التي كانت تنقل شحنة الأسلحة الأوكرانية من الدبابات، وقد فضح عمل القراصنة بالاستيلاء على السفينة والأسلحة عمل نظام أوكرانيا، وفجّر فضيحة أخلاقية، فقد أعلنت أوكرانيا في البداية أن الأسلحة مرسلة للجيش الكيني الذي أعلن مسؤولية عدم صحة هذا الادعاء، وأعلنوا أن الأسلحة مرسلة إلى جنوب السودان؛ لتظهر الفضيحة مجلجلة، التي تؤكد أن رئيس أوكرانيا قد جنّد نظامه لخدمة توجهات الإدارة الأمريكية الحالية، ليس في منطقة (الظل السوفييتي) فحسب بل في مناطق أخرى مثلما كشفت عن ذلك حادثة الاستيلاء على السفينة الأوكرانية.

فوفقاً لبعض المعلومات كانت الأسلحة الموجودة على متن سفينة (فاينا) الأوكرانية مخصصة لجيش التحرير الشعبي السوداني. وهذا التوريد إلى السودان الجنوبي الذي تقوم به أوكرانيا بالترتيب مع واشنطن، خارقاً لبنود اتفاق السلام الشامل، ليس أول توريد؛ فقد استلم جيش التحرير الشعبي السوداني منذ نهاية عام 2007 من الشركة الموردة الأوكرانية Ukrinmash المسجلة في مدينة كييف وبوساطة وزارة الدفاع الكينية دبابات ت- 72 وقواعد الدفاع الجوي.

وتصل جميع الأسلحة والمعدات العسكرية وقطع الغيار من مدينة أوكتابرسك (أوكرانيا) بالبحر إلى ميناء مومباسا (كينيا)، وبعد هذا بسكة الحديد والشاحنات إلى السودان الجنوبي.

وتنوي الحكومة السودانية الجنوبية أن تشتري كميات إضافية من الأسلحة الثقيلة والطائرات وقواعد الدفاع الجوي. وتمول واشنطن هذه الصفقات بمساعدة شركة Dyncorp ، أما الإشراف على هذا العمل فتقوم به القنصلية الأمريكية في جوبا (السودان الجنوبي).

وهناك صلة واضحة بين محاولات الحكومة السودانية الجنوبية لزيادة القدرة القتالية لجيش التحرير الشعبي السوداني - وهذا بتأييد الولايات المتحدة - وبرغبتها أن تعلن استقلال السودان الجنوبي بعد إنهاء الاستفتاء العام بصدد حق تقرير مصيره. وبهذه الصورة من المخطط يتم تجديد الاشتباكات المسلحة بين الشمال والجنوب؛ الأمر الذي سيؤدي بلا شك إلى توتر حاد في المنطقة، وسيخلق هذا الوضع ظروفاً مناسبة لإدخال قوات ناتو إلى السودان الجنوبي.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد