Al Jazirah NewsPaper Saturday  18/10/2008 G Issue 13169
السبت 19 شوال 1429   العدد  13169
خطة إنقاذ مفتوحة لحماية الاقتصاد الوطني
د. حسن الشقطي (*)

على الرغم من عدم ظهور أي بوارد لأزمات اقتصادية صعبة في الاقتصاد الوطني نتيجة الأزمة المالية العالمية، فقد اتخذ المجلس الاقتصادي الأعلى حزمة من القرارات والإجراءات لصيانة وحماية الاقتصاد الوطني من أي مخاطر يمكن أن يتعرض لها في المستقبل من جراء الأزمة العالمية.. وقد تمثلت هذه القرارات في أربعة إجراءات مهمة، تمثلت فيما يلي:

(1) استمرار متابعة ساما للبنوك السعودية:

وذلك بهدف الحرص على سلامتها وتوفير السيولة اللازمة لها عند الحاجة.

(2) متابعة ساما للقيود الموضوعة على توفير السيولة البنكية:

وقد حددت القرارات آلية تحقيق ذلك من خلال إجراء مزيد من التخفيض في نسبة الاحتياطي وخفض تكاليف التمويل إذا اقتضت الحاجة.

(3) ضمان الحكومة لسلامة المصارف المحلية:

وبالطبع يرتكز ذلك على ضمان الودائع المصرفية فيها، ولعل هذه الخطوة تمثل أقوى القرارات المتخذة لأنها تضمن سريان الدماء في عروق المصارف المحلية، حيث إن أسوأ تأثيرات الأزمة في بعض الدول الغربية الآن تمثل في افتقاد الأفراد للثقة في المصارف في سداد وإرجاع ودائعهم، الأمر الذي تسبب في سحوبات كثيفة وبالتالي تعرض البنوك لمشكلة سيولة، ومن ثم إعاقة نشاطها، وربما تعطيل دورة حياتها بالكامل.

(4) إجراء تنسيق خليجي:

وذلك من خلال دعوة وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتنسيق المواقف فيما يخص الأزمة وبالتالي تعزيز مجابهتهم جميعاً لها.

ومن أبرز الملاحظات على القرارات الجديدة أنها قرارات مفتوحة وليس مغلقة بإجراءات مقننة أو بنسب معينة، فلو افترضنا أن القرار قد صدر بتخفيض نسبة الاحتياطي بنسبة 1% مثلاً، وأن هذه النسبة لم تؤثر أو تعالج ضعف السيولة ربما سيتأزم الوضع لأننا سنحتاج إلى قرارات جديدة لصياغة نسب تخفيض أخرى، إلا إن ميزة القرارات الجديدة أنها مفتوحة وتتيح آلية لاتخاذ تخفيضات متعددة ولأكثر من مرة. أيضاً القرارات الجديدة تتيح آلية علاج سريعة وفورية، حيث أنها لم تحدد آليات معينة ينبغي اتخاذها فوراً الآن، بل أنها أعطت فويضات مفتوحة للتدخل الفوري والسريع لمؤسسة النقد لاتخاذ كل ما من شأنه علاج أي وضع طارئ يحدث في أي لحظة.

أما أبرز ما يمكن ملاحظته في هذه القرارات أنها تركز على حماية سوق الأسهم من عدة جوانب مختلفة، بل ربما من كافة الجوانب المطلوبة، رغم أنها لم تخصه في القرارات المتخذة، بل خصت الاقتصاد الوطني ككل.. فسلامة البنوك وضمان توفير السيولة بها وأيضاً التنسيق الخليجي جميعها تصب في مصلحة استقرار سوق الأسهم المحلي.

ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه لماذا هذا الاهتمام الرسمي بالبنوك وسلامتها؟ هل سلامتها فعلاً يمكن أن تضمن سلامة الاقتصاد الوطني؟

للإجابة على هذا التساؤل ينبغي معرفة أن في أي اقتصاد يوجد ثلاثة أرقام على درجة كبيرة من الأهمية، هي حجم الودائع المصرفية، وحجم الائتمان المصرفي، وأيضاً حجم استثمارات البنوك. وربما المقارنة بينها ودرجة تغطية الودائع لكل من الائتمان والاستثمارات تلعب دوراً هاماً في سلامة الاقتصاد. وتقدر حجم الودائع المصرفية في السوق المحلي نحو 808.9 مليار ريال في أغسطس 2008، في حين وصل حجم الائتمان المصرفي نحو 720 مليار ريال في ذات الشهر. أما إجمالي حجم استثمارات البنوك فيصل إلى 331 مليار ريال حسب إحصاءات الربع الثالث من 2008م.

أما الرقم الأهم من كل ذلك، فهو حجم استثمارات البنوك في الخارج فيصل إلى 70 مليار ريال.. ولعل هذا الرقم هو سبب القلق والمخاوف من الأزمة العالمية، لأنه هو الرقم المعرض لخسارته أو جزء منه. وتعتبر قيمة الاستثمارات في الخارج هي قيمة متدنية وليس كبيرة مقارنة بحجم الودائع المصرفية، ولعل ذلك ما يمكن أن يثير الطمأنينة ضد حدوث تأثيرات واسعة على البنوك المحلية من الأزمة العالمية. كما أن رقم الأرباح المتراكمة للبنوك المحلية والذي يصل إلى 23 مليار ريال ربما يلعب دوراً ملطفاً في الحد من التأثيرات السلبية لأي خسائر في الأزمة العالمية.

ولنا أن نعلم أن حجم الائتمان المصرفي للبنوك مضافاً إليه حجم الاستثمارات في الخارج يصلان معاً إلى حوالي 790 مليار ريال أي ما يقل عن حجم الودائع المصرفية. لذلك، فيمكن استنتاج أن البنوك المحلية لا تزال تعمل في ضوء سياسات متحفظة تحتاط للمخاطر العالية. ورغم صغر حجم استثمارات البنوك في الخارج وأيضاً رغم امتلاك الحكومة لاحتياطات تصل إلى نحو 130.7 مليار ريال تقريباً، فإنها رغم كل ذلك فضلت اتخاذ خطوات احتياطية لمنع وصول أي تأثيرات سلبية للأزمة إلى الاقتصاد الوطني.

أيضاً فإن الخطة الحالية بإجراءاتها تكاد تكون قد ضحت بسياسة الحد من التضخم الجاري العمل بها منذ أكثر من 6 شهور، في سبيل الحد من آي أثار سلبية للأزمة العالمية.. إلا إن التوجهات الرسمية ربما تكون على حق في هذا التغيير لأن التأثير الرئيس للأزمة العالمية هو تأثير ركودي على الاقتصاد العالمي والذي الاقتصاد السعودي جزء منه.. وبالتالي فإن تبني فلسفة الحرص على ضخ سيولة جديدة وزيادة عرض النقود خلال الفترة الحالية يعتبر أسلوباً ناجحاً لأن الميول التلقائية للاقتصاد يحتمل أن تكون هي ميول ركودية أكثر من تضخمية خلال الفترة القصيرة المقبلة.

أخيراً، فإن سوق الأسهم المحلي يعتبر المستفيد الأكبر من هذه الإجراءات، والتي من المتوقع أن تنعكس إيجاباً على سلوك مؤشره العام خلال الأسبوع الحالي.

محلل اقتصادي


Hassan14369@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد