Al Jazirah NewsPaper Monday  20/10/2008 G Issue 13171
الأثنين 21 شوال 1429   العدد  13171

دفق قلم
الأزمة الاقتصادية ومحاربة العمل الخيري
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

يروي لي صاحبي قصةً حدّثه بها زميل دراسته في أمريكا ابن أحد التجار الكبار في إحدى الدول الخليجية، جاء فيها على لسان ابن التاجر الخليجي: أرسلني أبي إلى أمريكا لدراسة الإدارة والاقتصاد حتى أقوم بدوري في إدارة مؤسساته وشركاته التي قضى في إنشائها وتطويرها وإدارتها سنوات ثمينة من عمره.

وذهبت إلى أمريكا وعقلي مشحون بعشرات النظريات في مجال الإدارة والاقتصاد، تقوم على تحقيق المصلحة بوسائل قانونية وتسويقية وإنتاجية محددة مقننة.

وجمعت قواي الإدارية وبدأت بتنظيم العمل، وكانت البداية بوالدي، ويالها من بداية تعلّمت منها درساً لم أجد له أثراً في المواد التي درستها في أمريكا جميعها.

كان من عادة والدي أن يخصص مبالغ نقدية تكون معه دائماً يتصدق بها على الفقراء ويساعد المحتاجين، ويعطي السائلين، فطلبت منه أن يتوقف عن هذه العادة، وأن يترك الأمر للمحاسبة التي تحسب مبالغ الزكوات بدقةٍ ودراية، قال الأب: أما هذه يا ولدي فلا ثم لا إنها هي سبب البركة فيما يرزقنا الله سبحانه وتعالى من الخير، قال الابن فقلت منفعلاً: يا والدي إن الأنظمة الإدارية والمالية الحديثة لا تعرف شيئاً اسمه البركة، بل تضع لكل تعامل نظامه الدقيق، يا تُرى ماذا تعني البركة؟ قال الأب ضاحكاً: يا بني سأعطيك مثالاً فتأمله معي لتعرف معنى البركة، انظر إلى الأغنام والكلاب، ووازن بينها في الإنجاب، فستجد أن الكلاب أكثر إنجاباً من حيث العدد ومع ذلك فإن الأغنام أكثر من الكلاب، أتدري ما السبب في ذلك؟ إنها البركة يا بني، فالكلاب لا تفيد الناس شيئاً فهي تحمل وتلد وترضع وتأكل بعض أولادها.

ولا يصل إلى أحدٍ شيء مفيد من لحومها أو حليبها، أو جلودها ولهذا لا تجد بركة في نموّها وتكاثرها، بينما تجد الأغنام تتكاثر بصورة عجيبة، وتصبح بالبركة مصدر رزقٍ للناس من حليب ولحوم وجلود وغيرها.

لولا البركة لكانت الكلاب أكثر عدداً وانتشاراً.

العمل الخيري يا بني مصدر مهم لحصول البركة، والزيادة، والنماء قال ولد التاجر: فكان درس أبي أعظم درس تلقيته في حياتي.

لقد حاربت أمريكا وأوروبا العمل الخيري الإسلامي حرباً ظالمةً لا هوادة فيها، فهل تمثل هذه الأزمة الاقتصادية جزاءً من جنس العمل؟

إشارة:

كل المصائب تنتهي آثارها

لمّا يُطاع الخالق المعبودُ

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد