Al Jazirah NewsPaper Friday  24/10/2008 G Issue 13175
الجمعة 25 شوال 1429   العدد  13175
الدوادمي: الخريف والفصول الأربعة
د. سعد بن عبدالعزيز الراشد

شهدت محافظة الدوادمي مساء الخميس 16 شوال 1429هـ (16 اكتوبر 2008م) تدشين أكبر فعالية ثقافية وتراثية في تاريخ المحافظة، أطلق عليها مسمى (مهرجان خريف الدوادمي) الذي سيستمر شهراً كاملاً. هذا المهرجان هو ثمرة جهد كبير قامت به المحافظة بكافة مؤسساتها الحكومية والقطاع الخاص والأفراد....

وبتوجيه ودعم صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض. وجميل جدا أن الذي حضر هذه المناسبة ودشن بداية فعالياتها هو مسؤول السياحة الأول في المملكة الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز. فالهيئة العامة للسياحة والآثار تقوم بدور المحفز والداعم لمثل هذه الفعاليات والتظاهرات وتساعد في تنميتها وتطويرها لتصبح عملاً يشارك فيه كافة أفراد وشرائح المجتمع وتتحول إلى برامج مستديمة تثمر في تحريك العقول المبدعة والرفع من حركة السوق المحلي وتوفير فرص استثمارية وتسويقية وتؤدي إلى خلق علاقة مجتمعية ليس على مستوى المحافظة فحسب بل تمتد إلى مساحة واسعة من أرض الوطن. اشتملت فعاليات (مهرجان خريف الدوادمي) على ما يقارب من سبعين فعالية منها الندوات والمعارض التراثية والفنية والثقافية والتوْعويَة والحرف والصناعات والمناشط الرياضية المتنوعة، وعرض ملامح من الإنجازات الحديثة بمحافظة الدوادمي. ولا شك أن نتائج هذا المهرجان سيكون لها مردود وأثر كبير على أبناء المحافظة، وستكون إن شاء الله بداية لانطلاقة أشمل وحافزاً لتقديم المزيد لمثل هذه الفعاليات وفي المناسبات المستقبلية. وأنا على يقين بأن الهيئة العامة للسياحة والآثار ستعمل بتوجيه من أمينها العام على تقييم تجربة المهرجان وستساعد على تطويره ليصبح برنامجا ًسنوياً يتجدد في تنوع نشاطاته ومشاركة شرائح المجتمع. واسم (الدوادمي) له حضور في عقول وعيون آلاف المسافرين بين الساحلين الشرقي والغربي (الخليج العربي والبحر الأحمر) وبين شمال المملكة وجنوبها، لكون المكان يحتل موقعا جغرافيا مميزا في قلب جزيرة العرب وتتقاطع فيه طرق التجارة والحج من أقدم العصور، ومازالت الآثار الباقية من صناعات وكتابات ونقوش قديمة ومعالم طبيعية وتاريخية شاهدة على ذلك. وقد بينت الاكتشافات الأثرية بالدوادمي أن الاستقرار البشري فيها يعود إلى العصر الحجري القديم (أي حوالي: 300.000 - 250.000 سنة)، وتستمر بعد ذلك مراحل الاستقرار السكاني عبر العصور. ولعل المعلم التاريخي البارز في أحضان مدينة الدوادمي هو قصر الملك عبدالعزيز الذي يجسد وحدة هذه المملكة الشاسعة على يد الوالد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-. وسيشهد هذا القصر التاريخي وباقي المعالم التاريخية والمواقع الأثرية مرحلة قادمة من الكشف والتطوير والتوظيف وفتحها أمام الباحثين وستشكل في مجموعها وجهة سياحية تستقطب الزائرين من داخل المملكة وخارجها. والواقع ان الذي يزور الدوادمي يدهش حقاً بالنهضة التي تشهدها المحافظة، سواء في الاتساع العمراني أو في البنى التحتية. في الدوادمي مطار محلي وطرق رئيسية تربطها بمناطق المملكة وفيها نهضة تعليمية وحركة تجارية نشطة. زرت الدوادمي قبل أكثر من ثلاثين عاماً مع مجموعة من أساتذة وطلاب جامعة الرياض، وزرتها بعد ذلك مرات عديدة أستاذاً ومسؤولاً وباحثاً في الآثار والتراث، غير أن زيارتي لها هذه المرة بصحبة سمو الأمير سلطان بن سلمان لحضور مهرجان (خريف الدوادمي) تركت في نفسي أثراً كبيرا فقد قابلت عناصر شابة من أبناء المحافظة واعية وطموحة ومحبة للعمل والمشاركة الجماعية، وتعرفت على المزيد من النهضة الشاملة التي شهدتها المحافظة. غير أن محافظة الدوادمي تنتظر وتحتاج إلى المزيد من المرافق والبرامج التي تخدم الشباب والمبدعين بالدرجة الأولى. في الدوادمي حركة فنية حققت إنجازات متقدمة على مستوى الوطن، وفيها نشاط رياضي متميز خاصة الرياضة الفردية. وتتميز الدوادمي بكثافة سكانية يشكل الشباب فيها الشريحة الأكبر. ولهذا فالمحافظة تستحق أن يكون فيها أكثر من مجمع رياضي وساحات شعبية. ويمكن للمحافظة أن تستوعب برامج رياضية مستديمة لمختلف مناطق المملكة يركز فيها على الرياضة الفردية وفي مقدمتها مسابقات الماراثون واختراق الضاحية وسباقات المشي، والمناشط الكشفية. وإذا كان هذا المهرجان مرتبطا بالخريف فالدوادمي بحكم موقعها وطبيعتها الجغرافية مؤهلة لاحتضان أنشطة متنوعة خلال الفصول الأربعة فهي ممر للمسافرين من مختلف أرجاء المملكة والسياحة العائلية، والدوادمي بسبب حركة المسافرين على مدى العام وخاصة في مواسم الصيف والربيع وفي رمضان والحج تحتاج إلى فنادق حديثة وتحسين لشقق الضيافة القائمة وهذا ما نتمناه.



alrashid.saad@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد