Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/10/2008 G Issue 13180
الاربعاء 01 ذو القعدة 1429   العدد  13180
من أجل الحفاظ على استقرار السوق
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

ترتفع مستويات القلق الاقتصادي مع توالي الأزمات والضربات الاقتصادية العالمية الخطيرة بداية بأزمة الائتمان أو الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية، وما تلاها من انهيار في أسواق المال (البورصات) الأمريكية، ومن ثم إفلاس عدد كبير من البنوك الأمريكية أيضاً، الأمر الذي اضطر الحكومة الأمريكية للتدخل لضخ سبعمائة مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي لمنع تكرار ما حدث عام 1929م.

المشكلة الاقتصادية عالمية وإقليمية بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية وتواصلت سلبياتها لمناطق أخرى نظراً لترابط اقتصاديات جميع دول العالم دون استثناء لتصل إلى أوروبا وتحديداً ألمانيا وفرنسا. حكومات الدول الأوروبية تحركت بدورها أيضاً لحماية اقتصادياتها ومنعها من الانهيار. الخوف أن تمتد وتنتشر تلك الأزمات الاقتصادية المالية إلى بقية أنحاء العالم خصوصاً منطقة الشرق الأوسط.

ترى ما المطلوب اتخاذه من قرارات وسياسات وتحركات للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الإقليمي في المنطقة وأيضاً الاستقرار العالمي حتى يمكن تفادي مخاطر المرحلة الاقتصادية الحرجة التي يمر بها حالياً المجتمع الدولي برمته؟

الركود والتراجع الاقتصادي الذي تمخض عن الأحداث العالمية الجسيمة التي تلت أحداث 11 سبتمبر من العام 2001م وتكلفة الحروب الإقليمية والعالمية على الإرهاب والتطرف سارعت من حدة التطورات الدولية الاقتصادية الخطيرة والتحديات المتمخضة عنها المتلاحقة على كافة الساحات خصوصاً على الساحة العسكرية والسياسية. التطورات السياسية والاقتصادية الأخيرة تفاقمت مع حركة نقص السيولة بعيد أزمة الرهن العقاري لتصعد في وتيرة الأزمة لتضع العالم برمته على شفير هاوية اقتصادية خطيرة لا مثيل لها أخطر بكثير عن الحدث الاقتصادي الكبير لعام 1929م.

أضف إلى ما سبق أن ما أنتجته وأفرزته تلك التطورات الاقتصادية والسياسية الدولية السلبية من عزوف واضح في عمليات الإنفاق والاستثمار في القطاعات الإنتاجية بداية من المواد الغذائية ونهاية بمحطات تكرير النفط ساهمت بدورها في تفاقم مخاطر ارتفاع نسبة البطالة مما يعني انخفاض كبير في مستوى الطلب العام على العرض الأمر الذي ينذر بمخاطر اقتصادية يصعب تحديدها.

الحقيقة التي يعيها الجميع أن الاقتصاد العالمي والاقتصاديات الإقليمية المرتبطة به لا يمكن أن تحتمل صدمات اقتصادية أو مالية أخرى جديدة ليس من المستبعد أن تعجل في دخول العالم مرحلة اقتصادية أخطر بكثير من مراحل الركود الاقتصادي العالمي التي تقود حتماً إلى أزمة اقتصادية عالمية لا يستبعد أن تتحول إلى مرحلة كساد عالمي شبيه بما حدث في عام 1929م من القرن الماضي.

انطلاقاً من حرص الجميع على ضرورة الحفاظ على الأمن الاقتصادي الوطني الذي لا يتأتى تحقيقه إلا من خلال الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي، فإن مسؤولية الإنقاذ الوطني والإقليمي والعالمي تعود مرة أخرى لتناط بالحكومات التي لا بد وأن تتدخل بشكل أو بآخر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإصلاح ما يمكن إصلاحه من أخطاء وتجاوزات جسيمة وقعت بفعل سياسات القطاعات الخاصة وخصوصاً البنوك.

لذا فإن الانخفاض في أسعار النفط العالمي في المرحلة القادمة لا يمكن أن يعتبر نقمة وإنما نعمة نظراً لأن التضخم في أسعار النفط الذي كان بسبب المضارين والمرابين والمنتفعين ساهم في وقوع ما حدث من مشاكل اقتصادية وارتفاعات ضخمة في أسعار المواد والسلع والخدمات وخصوصاً النقل، الأمر الذي انعكس بدوره سلباً على رفاهية المواطنين. تبعاً لذلك فإن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لا بد وأن تضطلع بدورها مسؤولية كبيرة في عملية الإنقاذ العالمي لكونها جزءاً مهماً من الاقتصاد العالمي ومن قاعدة السوق النفطية العالمية. بمعنى أدق منظمة أوبك مطالبة بالحفاظ على السقف الإنتاجي للمنتج من نفطها بالإضافة إلى استمرار العمل بالصيغة الحالية لحصص الدول الأعضاء.

إذ من المعروف أن كلا من سقف الإنتاج الحالي ونظام الحصص المتبع قد ساهما في الحفاظ على استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية التي بقيت في داخل نطاق السعر المستهدف من المنظمة ونجحت تلك الآلية في منع ارتفاع الأسعار تماماً كما نجحت في منع انخفاضها مما يعني فعالية تلك الآليات في الحفاظ على الاستقرار النفطي العالمي.. فلماذا لا نستمر في الحفاظ على الوضع الراهن كما هو طالما ثبت توازنه واتزانه وفعاليته.. إنها دعوة للإبقاء على الوضع الراهن طالما أنه يفيد الجميع ويصب في مصلحة الجميع.



drwahid@email.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد