Al Jazirah NewsPaper Monday  03/11/2008 G Issue 13185
الأثنين 05 ذو القعدة 1429   العدد  13185
روح الانتقاد !
سعود بن عبدالله الهويريني

يقال إن سقراط كان جالساً - ذات يوم - مع أحد تلاميذه على حافة بركة ماء راكد، فقال سقراط لتلميذه: ما هذه البركة؟ قال التلميذ: إنه الماء، إلا أن سقراط بدأ يستدل أن ذلك ليس ماء وأورد عشرات الأدلة على ما ذهب إليه، واستسلم التلميذ لأستاذه رغم قناعته بعكس ما قال، غير أن سقراط مد يده إلى البركة، واغترف كفاً من الماء ثم رماه في البركة وقال لتلميذه: (هذه الحقيقة أكبر دليل على أنه ماء وأن ما ذهبتُ إليه ليس صحيحاً).

في خضم حياتنا الواسعة يلزم علينا الاتصال بمن حولنا.. في البيت.. في العمل.. في المناسبات، فمن طبعنا الاختلاط بالآخرين لأن الإنسان مدني بطبعه فلا يستطيع أن يولد سلوكاً جديداً يدعم الاتصال بمن حوله إلا ويجد سيلاً كبيراً من الانتقادات المبررة وغير المبررة التي تتجه إليه!

طبعاً الكثير من الانتقادات والآراء المخالفة لآرائنا التي تبدأ من المنزل مروراً بالعائلة وبعد ذلك للخارج من أصدقاء إلى أوسع من ذلك. هذا إذا افترضنا جدلاً أن من حوله توجهوا إليه وتحدثوا إليه بأسلوب مباشر. فمن وجهة نظري أرى أن وقعه أخف رغم ما فيه من نسبة متفاوتة من الوقاحة!

في السابق كان إطلاق الحكم على الشخص أو انتقاده يكون أمامه ليس خلفه، أما الآن فيُتعامل مع صاحب السلوك الجديد بغض النظر عن نوعية السلوك أو إيجابيته، فتجد أن الجميع ينتقده وهو غير موجود.. يمنعهم الخوف منه أو عدم الثقة في أنفسهم أو حتى في نقدهم الموجه له.

ولكن عندما يكون للشخص سلوك أو نمط مختلف عن الآخرين تجدهم يستقبلونها بصمت مطبق.. والكثير من النظرات المبهمة وعلامات التعجب والاستفهام.. لا يهمسون ولا بكلمة واحدة أمامك، وعند مغادرتك لهم تجد كل شخص يبحث عن من يثق به ثم يبدأ بسلسلة من الانتقادات.

ومنهم من نذر نفسه للانتقاد دوماً، إما لمستوى تعليمي مرتفع أو درجة ثقافية معينة فيعتقد أنه وصي على المجتمع وأن ما يفعله هو الكمال بعينه وأن الجميع على خطأ وهو أو هي على صواب.. وما أن يجلس عند من حوله حتى يبدأ بسياسة التنظير والانتقاد بطريقة علمية مدروسة - من وجهة نظره - طبعاً ومن حوله إما أشخاص يؤمنون به إيماناً مطلقاً، أو تجد ملامحهم ساكنة وقلوبهم خاوية كأن على رؤوسهم الطير.

للأسف أن جزءاً كبيراً من الناس عندما يكون الشخص بليداً بطبعه سلبياً ليس له أي هدف في حياته أو دور في مجتمعه يطبق العادات والتقاليد الحسنة والسيئة بحذافيرها، ليس لقناعته بها أو شيء من هذا القبيل وإنما على غرار (إنما كان آباؤنا وأجدادنا متمسكين بها من قبل)، فبالتأكيد أن جميع من حوله يعتبرونه شخصاً مثالياً ويرون أنه يتسم بالعقل والأهم أنه (يسمع الكلام).

أما عن كيفية مواجهة مثل هذا الأمر فهو يبدأ بأن تحمد الله على ما أنعم عليك أولاً.. وثانياً ألا تجعل النقد يهدم ما أنت مقتنع وماض به فالإنسان عدو ما يجهل، إضافة إلى أن تكون لديك المرونة وسعة البال التي تمكنك من الاستماع لآراء الآخرين والتي بالتأكيد سيفسرونها حسب إدراكهم الخاص وذلك يعود على سعة فكر الآخرين أو محدوديتها.

نقطة البداية:

العقل الإنساني ينقسم إلى قسمين.. ساخن (مبدع)، بارد (ناقد)



*saud.969@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد