Al Jazirah NewsPaper Monday  03/11/2008 G Issue 13185
الأثنين 05 ذو القعدة 1429   العدد  13185
الحملة الوطنية وتكريس ثقافة ترشيد استهلاك الكهرباء
صلاح عمر شنكل

الحملة الوطنية للتوعية بوسائل ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، التي أطلقها وزارة المياه والكهرباء لتشمل كافة مناطق المملكة، وتستمر لمدة عام كجزء من مراحلها، تعكس مدى اهتمام الدولة بالتوعية والتثقيف الترشيدي لواحد من أهم عناصر الحياة العصرية، وهي الطاقة الكهربائية التي لا يقوم مشروع بدونها اليوم، ولا يستغني مرفق عنها، وأصبح الحفاظ عليها وترشيدها من أولويات الدول المتقدمة، ودليل التحضر، ودليل الوعي الجمعي بأهمية مقومات الحياة. والترشيد هذا له عدة وسائل بعضها مفاهيمي، والبعض الآخر، عن طريق أجهزة الترشيد، وهو يعني الاستخدام الأمثل للطاقة وليس تقليل استخدامها -كما يتبادر إلى أذهان البعض- ولا شك أن الدولة تهتم بهذا الجانب وتنفق فيه الملايين من أجل أن يعود بالفائدة على الوطن والمواطن والمقيم في مختلف الشرائح والمرافق والمؤسسات وعلى الأفراد مهما كانت أوضاعهم.

ومن فوائد الترشيد أنه يحافظ على الطاقة من النفاد، ويحقق التوفير للفرد والدولة والمؤسسات، وكذلك يحمل جانباً وجدانياً مهماً حيث يحفظ حق الأجيال القادمة في استخدام هذه الطاقة والانتفاع بها وعدم إهدارها دون فائدة، فهي ربما تنفد أو تتكلف الدولة مبالغ طائلة لإقامة مشروعات طاقة جديدة أو بديلة لتلبية احتياجات الأجيال القادمة والامتدادات السكانية المتنامية في مختلف المدن. ومن ينظر إلى ما يهدر من طاقة دون الاستفادة منه، يدرك تماماً أهمية هذه الحملة، وأهمية التوقيت الذي انطلقت فيه، خصوصاً وكلنا يرى الكثير من المكاتب والغرف في البيوت تضاء بدون إشغال، وكذلك الأجهزة تترك موصلة بالتيار دون الاستفادة منها، فضلاً عن أجهزة التبريد في الصيف، والسخانات في الشتاء التي تترك وهي تعمل دون أن يكون في المكان من يستفيد من ذلك.

حملات الترشيد دائماً تسعى لغرس المفاهيم الإيجابية للاستهلاك، وليس لفرض القيم أو السلوكيات على الناس كأوامر واجبة التنفيذ، لكنها تسعى في الوقت ذاته لأن تصبح تلك القيم والمفاهيم ثقافة اجتماعية مستمرة وليس أثناء الحملة فقط، وأن تصح سلوكاً فردياً وجماعيا في كل الأوقات يجسد الترشيد الحقيقي الذي دعا إليه الإسلام حينما نهى عن التبذير والإسراف كسلوك مشين يهدر النعمة ويحرم منها آخرين قد يكونون في أمس الحاجة لها.

رجال الإعلام والمثقفون والطلاب في مختلف المراحل التعليمية والجامعية وكافة قطاعات المجتمع وشرائحه معنيون بالتفاعل مع برامج الحملة وفعالياته، والاستفادة مما تتيحه من فرص توعوية وثقافية لأن المردود الأول من ترشيد استهلاك الكهرباء يعود على الفرد ثم على المجتمع ثم على الدولة التي تتكفل بتوفير الطاقة للجميع اليوم وغداً أيضاً.

حسناً فعلت وزارة المياه والكهرباء بإطلاقها الحملة في وقت متزامن مع عودة الطلاب من إجازة الصيف وعودة الجميع لمواقع العمل سواء الذين كانوا في إجازات سنوية أو الذين عادوا من إجازة عيد الفطر المبارك، وإذا كان الصيف هو فصل استخدام الطاقة في التبريد، فإن الشتاء هو فصل استخدامها في التدفئة وكلاهما يحتاج إلى توعية وإرشاد بأهم عناصر وأدوات ووسائل الترشيد.

لا شك أن حملة التوعية لترشيد استهلاك الكهرباء لديها من البرامج والفعاليات والأنشطة ما يفي بتحقيق الكثير من أهدافها، ولكن الأهم من ذلك أن يكون التركيز منصباً على تكريس الترشيد كثقافة مجتمع تسهم في التقليل من الحاجة إلى الحملات في المراحل القادمة، وتؤتي أكلها في الاستخدام الأمثل للتيار الكهربائي بالشكل الذي يفي بالحاجة ويحفظ هذا العنصر الحيوي المهم للأجيال القادمة فإن لهم حقاً فيه بلا شك.



shunkul60@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد